أحياناً قد تكون مجرد صورة إباحية عابرة وقعت أمام أعين البعض منّا على الشاشة العنكبوتية، هي الوسيلة التي دفعت به إلى ولُوج بوابة المواقع الإباحية، ليجد نفسه بعد ذلك وقد بدأ يغرق شيئاً فشيئاً في قلب دائرة الإدمان الجهنمية، التي لا تقل خطورة عن إدمان المخدرات.

- 2.4 مليون موقع إباحي على الإنترنت:
بين وقت وآخر، تطلّ علينا بعض شركات المواقع الإلكترونية، بأرقام وإحصاءات تستعرض معدّلات ونسباً وإستطلاعات، تُظهر مستوى تَصفُّح مواقع الإنترنت بفئاتها المختلفة من قِبَل الناس، في مختلف دول العالم، ومنها طبعاً ما يتعلق بالدول العربية.

وفي هذا السياق، كشف تقرير صدر مؤخراً عن "مؤسسة الفكر العربي"، ونشرته صحيفة "الشروق" الجزائرية، أن "أكثر مستخدمي الإنترنت العرب، يبحثون عن كتب الطبخ والمأكولات والمواقع الإباحية". وفي تقرير آخر نُشر على موقع "عيون العرب" على شبكة الإنترنت، تبيَّن أن "مصر والإمارات والكويت والسعودية، من أكثر الدول التي يتم فيها الدخول إلى مثل هذه المواقع"، لا بل إنّ ناشطة إجتماعية سعودية تُدعَى إفتخار الدغنيم، كشفت في دراسة لها، نشرتها صحيفة "الجزيرة السعودية" أن "35% من الأزواج السعوديين، أدمنوا المواقع الإباحية على الإنترنت". في حين أظهرت دراسات أخرى، أنّ المواقع الإباحية أصبحت الأكثر تصفُّحاً في العالم العربي. أمام هذه الأرقام والإحصاءات، تَبرُز التساؤلات: لماذا العرب أكثر تصفُّحاً للمواقع الإباحية؟ وهل تدريس الثقافة الجنسية يُسهم في الوقاية من التداعيات السلبية، لمَن يستخدمون هذه المواقع؟ أم أن إدمان المواقع الإباحية يعكس مشكلة نفسية؟

- الممنوع مرغوب:
يَعترف رضا أحمد (33 عاماً، متزوج موظف)، بأنّه دَخل هذه المواقع "بدافع الفضول"، مستشهداً بالمثل القائل: "كلّ ممنوع مرغوب". ويقول: "في رأيي، انّ الكبت من الأسباب التي تدفع الشباب العربي إلى تصفّح المواقع الإباحية، بل وإدمانها في بعض الأحيان. لهذا، فأنا أرى ضرورة تدريس الثقافة الجنسية في سن المراهقة".

أمّا خالد أحمد (21 عاماً، عازب، موظف)، لا يَجد عَيْباً في تصفح المواقع الإباحية، ولا يجد حرجاً في الإعتراف بأنّه يقوم بذلك: "أدخل أحياناً للإستئناس والتعرّف إلى عالم آخَر.. فما المانع في هذا؟".

- أمر طبيعي:
من ناحيته، يرى وليد مهرية (35 عاماً، متزوج، يعمل في مجال السياحة)، أنّ "هناك فَرْقاً بين دول المغرب العربي ودول المشرق العربي، حيث توجد حرِّية أكبر في دول المغرب العربي، وسهولة أكبر في تكوين العلاقات بين الجنسين، مقابل تَراجُع تصفح الشباب هذه المواقع الإباحية. أمّا في دول الخليج وبعض دول المشرق العربي، حيث الكبْت، فتجد النسبة في تزايُد، فالإختلاط في المدارس والجامعات محدود جدّاً, ولا توجد ثقافة جنسية في المدارس، ومع رغبة الإنسان في الفضول والتعرّف إلى المحظور، فمن الطبيعي أن ترتفع نسبة الشباب الذين يُقبلون على هذه المواقع".

- تفريغ الطاقة:
يضحك أنس أحمد (26 عاماً، عازب، يعمل في قطاع البنوك)، ويُعلق قائلاً: "بصراحة، نعم أدخل مثل هذه المواقع والسبب الكبْت"، مشيراً إلى أن "داخل كل واحد منّا طاقة يُريد تفريغها، وليس هناك ما هو أسهل من الإنترنت". يضيف: "لا أتخيّل أنّ هناك شاباً عربياً، لم يسبق له دخول موقع من المواقع الإباحية".
ويُعيد فراس مراد (20 عاماً، عازب، يعمل في قطاع التأمين)، السبب في دخول مثل هذه المواقع، إلى "العادات والتقاليد التي تَمنَع الشاب العربي من أن يعيش حياة طبيعية مع الجنس الآخر، لذلك يلجأ إلى وسيلة أخرى منها الإنترنت، لكي يُشبع بها رغباته، بينما تختلف الصورة في أوروبا، حيث إنّها مجتمعات مفتوحة، ولا توجد هناك مشكلة في العلاقات".
ويقول نايف الهاجري (27 عاماً، عازب، موظف): "إنّ معظم الشباب يجلسون ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر، ويقضون معظم وقتهم في تصفح المواقع الإباحية تحديداً". يُضيف: "أعتقد أنّ وقت الفراغ من العوامل التي تؤدي إلى ذلك، إضافة إلى رغبة الشاب في التنفيس عمّا في داخله".

- ضغوط وقيود:
العادات والتقاليد الموجودة في المجتمعات العربية والإسلامية، من العوامل التي يضعها عمرو جمال (38 عاماً، متزوج، يعمل في قطاع التسويق"، في مقدّمة الأسباب التي تدفع الشباب العربي إلى تصفح المواقع الإباحية. ويقول: "لا شك في أنّ الشاب العربي يتمتع بدرجة كبيرة من الحياء، وهو محاصر بعادات وتقاليد. ومع تأخر سن الزواج وعدم وجود ثقافة جنسية، لا يجد الشاب أمامه إلا شاشة الإنترنت. لهذا، فأنا أرى أن تدريس الثقافة الجنسية في المدارس والجامعات، بات ضرورة حيوية".
يُشاركه الرأي صديقه أحمد عبدالخالق (24 عاماً، عازب، يعمل في قطاع السياحة) قائلاً: "بالتأكيد إنّ القيود والعادات تلعب دوراً مؤثراً، وأشارك صديقي عمرو في أن تدريس الثقافة الجنسية هو الحل".

- فضول:
الفضول هو الذي دفع الشاب محمد حمو (29 عاماً، عازب، موظف مبيعات) إلى الدخول ولمرة واحدة، بهدف تصفح موقع إباحي. ويقول: "دخلت الإنترنت مرة واحدة لمشاهدة هذه المواقع، ولم أفعلها ثانية، لأني رأيت في ذلك ضياعاً للوقت، ومن غير المناسب بالنسبة إلي كشاب عربي مسلم، تَربّى في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد شرقية، أن أرتكب هذه السلوكيات، التي أعتبرها تتنافَى مع الأخلاق والقيَم والدِّين، ولكن حالة الفراغ العاطفي التي يعيشها الشباب، هي التي تدفع بهم إلى هذا الطريق".

- التربية هي الأساس:
"لا علاقة للغرب أو الشرق بهذه المسألة، ذلك أنّ غياب التربية في أي مجتمع من المجتمعات، سواء أكان هنا أم هناك، هو الذي يخلق مثل هذه الحالات الإنحرافية". الكلام للمهندسة ياسمين أحمد (20 عاماً)، التي تؤكد أن "تربية الأبناء منذ الصِّغر، وفقاً للعادات والتقاليد العربية والإسلامية، هي التي تحميهم في مرحلة المراهقة". وتقول: أنا لا أشجع تدريس الثقافات الجنسية قبل المرحلة الجامعية".

- المتعة هي الأساس:
تبدو أسيل الزعبي (عزباء، مراسلة تلفزيونية)، غير مقتنعة بأنّ الفضول هو السبب في دخول الشباب إلى المواقع الإباحية. وتقول: "ليس الفضول هو السبب، إنما هي المتعة، لأنّ الحياة هذه الأيام منفتحة جدّاً والفتيات يملأن الشوارع شبه عاريات، والأفلام والمسلسلات تجاوزت الخطوط الحُمر، وفي الوقت الذي لا يستطيع الشاب أن يتزوج، فلا يجد أمامه إلا شاشة الكمبيوتر". وتُشير إلى أنّه "إذا أردنا العلاج، فعلينا بالتربية الإسلامية، إذ إنّ مَن لديه وازع ديني، لا يقترب من هذه المواقع، والرقابة الداخلية هي الأساس، لأنّه لا أحد يستطيع أن يفرض رقابة في عصر الإعلام المفتوح".

- الإرشاد أوّلاً:
كإعلامية وأم لشبان وفتيات، تضع عائشة عبدالرحمن، ما تُسمّيه "روشتة" تربويّة تعكس خلاصة تجربتها في تربية أبنائها، تقول فيها: "التربية من الصغر نقطة البداية السليمة، مع ضرورة توعية الأبناء بالصواب والخطأ في مرحلة المراهقة، والإقتراب منهم والرقابة عن بُعد، مع إظهار السلبيات والإيجابيات للجهاز الذي يجلسون أمامه، أي الكمبيوتر، وتوضيح مفاهيم الحلال والحرام". تُضيف: "كنت في بيتي حريصة على وضع جهاز الكمبيوتر في الصالة، ولكن مع تقدُّم عمر الأبناء ورغبتهم في مَزيد من الخصوصية، أصبح لكل منهم جهازه الخاص، ولكني أتردّد عليهم بين وقت وآخر، وأنا مطمئنة إلى أنهم سينصرفون من تلقاء أنفسهم عن المواقع غير الأخلاقية، وأشعر بذلك من خلال حواري معهم، لدرجة أن ابني إذا وجد أخته تجلس فترة طويلة أمام الكمبيوتر، يدخل معها في حوار لكي يوضح لها أنّه مَضْيَعة للوقت". إلا أنها تشير إلى أن لديها صديقة "تترك ابنتها لمدة 24 ساعة بمفردها مع الجهاز في الغرفة، وهذه هو الخطأ بعينه".

- إدمان:
عندما نسمع عبارة "إدمان المواقع الإباحية"، نربط بينها وبين إدمان المخدرات، فهل هو كذلك بالفعل؟ وما هي التأثيرات التي تترتب على ذلك؟
سؤال طرحناه على الدكتورة آمال حجازي (دكتوراه في الإرشاد النفسي)، التي تشير إلى أنّ "الإدمان بشكل عام، وإدمان المواقع الإباحية بشكل خاص، هو علامة على الإضطراب النفسي، وسوء التكيّف الإجتماعي والأخلاقي، وتختلف درجة حدَّته من شخص إلى آخر تبعاً لحدة الحالة وتكرارها، وهو وسيلة سلبية تُتَبع للهروب من المشكلات، وعدم مواجهتها بشكل صحّي وإيجابي". تُوضح الدكتورة حجازي، أنّ الإدمان يعني تكرار الشيء، وأنّ الشخص لديه رغبة شديدة لا يستطيع التوقف عنها، وهذا يؤثر في الشخص مدمن المواقع الإباحية، لأنّه يعيش في وهم ولا يتعامل مع الواقع، فالإشباع يكون عن طريق الزواج كأسلوب شرعي، أما اللجوء إلى هذه المواقع، فهو يُعدُّ وسيلة خاطئة ومدمرة للنفس والأسرة، وقد تلجأ الزوجة هي الأخرى إلى فعل ذلك".

- صورة ذهنية:
خطر أكبر تضيفه الدكتورة آمال حجازي إلى المخاطر التي ذكرتها، وهو "أنّ الشخص الذي يُدمن مُشاهَدة المواقع الإباحية، يَشعُر بالذنب مرة تلو الأخرى، لأن ما يفعله يتعارض مع قيَمه ودينه، فيعيش حالة من الصراع الداخلي، ويدخل في الدائرة الجهنّمية مرة أخرى، ويجد نفسه يعيش في دوّامة لا تتوقف، مثل إدمان المخدرات تماماً، مع أن إدمان المخدرات يتم علاجه من خلال سحب المخدر من الدم. أمّا إدمان دخول المواقع الإباحية، فيشكل درجة أكبر من الخطورة، لأنّه من الصعب إزالة هذه الصورة الذهنية من الذاكرة". وترى الدكتورة حجازي، "أنّ هناك أسباباً عديدة، صحية ونفسية قد تكون وراء إقبال الشخص على هذه المواقع، ولا يتم التعامل مع هذه الأسباب ولا معالجتها بالطرق السليمة، لكونها تَرجع إلى عدم النضج الأخلاقي وقلّة الوازع الديني، وهي أمور ذات علاقة بالتنشئة الإجتماعية، كما يجب ألا تقتصر أساليب التنشئة الأسرية على أسلوب الضبط الخارجي، أي أساليب المنع المتعارَف عليها، بل يجب أن تمتد لتشمل أساليب الضغط الداخلي، الذي يُعرف بتكوين الضمير".

- رقابة شخصية:
في الجانب الإجتماعي، تؤكد الدكتورة موزة العبار (خبيرة إجتماعية)، "ضرورة زرع الرقابة الشخصية، من خلال التوجيه المستمر للطفل، منذ بداية مرحلة التنشئة الإجتماعية الأولى، مع متابعة مستمرة من الوالدين تتماشى مع مراحل نموه المختلفة، حتى يتخطى مرحلة المراهقة، وتصبح مقاومته نابعة من الداخل وليس من خلال رقابة الآخرين، مع أهمية وجود الرقابة بشكل غير مباشر، وأيضاً مع تضافُر جهود المؤسسات المعنية لمواجهة التحديات، التي تفرضها التحولات التكنولوجية الكبيرة على مجتمعاتنا".

وتوضح موزة العبار، أن "زيادة إقبال العرب على دخول المواقع الإباحية، قد يكون نتيجة أننا نعيش في مجتمعات محافظة، بينما في الغرب ثمّة إنفتاح بلا حدود، حيث العلاقات الجنسية مُباحة، والأفلام لا قيود عليها، فلا حاجة لهم إلى دخول هذه المواقع، وتزداد نسبة الإقبال بين الشباب في الفئة العمرية بين 14 و25 عاماً. أمّا الكبار، فيفعلونها في مرحلة المراهقة المتأخرة، أي بعد الخمسين أحياناً، وقد تتحول المشاهدة العابرة إلى إدمان، إذا كان الشخص لديه فضول ورغبة في الدخول على فترات متقاربة".

- لا لتدريسها:
من جهته، يرفض محمد حسن (تربوي، ومدير مدرسة ثانوية منذ 40 عاماً) تدريس الثقافة الجنسية في المدارس، ويطرح بدائل أخرى، تتمثل في "تربية الأبناء على القيَم منذ الصغر، وتعزيز الوازع الديني لديهم، وعدم تركهم مع الأجهزة في غرف منفصلة"، مشدداً على "ضرورة أن يفكر الآباء عندما يشترون لأبنائهم جهازاً من الأجهزة، في إختيار ما يتناسب مع المرحلة العمرية". ويقول: "أحياناً، قد نجد الأب يشتري لإبنه الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام، الجهاز الذي يصلح لشاب في الثلاثينات". ويتهم محمد حسن الأسرة بالتقصير، لافتاً إلى أنّ "الأب والأُم يوفّران المال للأبناء، ولا يحرصان على متابعتهم، وكأنّ المال هو كل شيء في الحياة. والمدرسة وحدها غير قادرة على مواجهة هذا الكم من الفضائيات، غير الملتزمة بالقيم الأخلاقية، وأجهزة الحاسوب ومواقع الإنترنت، وما تُوفّره من برامج متنوعة الأساليب والأشكال".

- الرقابة مرفوضة:
تتخذ أستاذة تقنية المعلومات في "جامعة زايد"، الدكتورة هويدا سعيد، موقفاً رافضاً من المنادين بفرض رقابة حكومية على مواقع الإنترنت الإباحية أو غيرها، والسبب كما تقول هو "أنّ هذا نوع من تقييد الحرِّيات مرفوض، لأن من المفروض أن تكون درجة النضج عند الشباب أكبر من ذلك بكثير، ويكون إستخدامهم الإنترنت في ما يفيد". تضيف: "أنا لست مع نظرية المؤامرة التي تُرجع وجود المواقع الإباحية بكثرة، إلى جهات بعينها في الغرب، تعمل على التأثير سلباً في مجتمعاتنا، لأني عملت كأستاذة جامعية في بريطانيا لمدة 12 سنة، وفي أميركا لمدة 9 سنوات ولم أجد فارقاً بين الشباب هناك والشباب هنا، فالمجتمعات شبيهة تماماً بمجتمعاتنا، والشباب يستخدمون مواقع التواصل الإجتماعي بكثرة. وللعلم، فإنّ الإنسان الذي تَربِّى بطريقة سليمة لا يلجأ إلى هذه المواقع الإباحية، وعلينا الإهتمام بشغل أوقات فراغ أبنائنا في المدارس والجامعات والنوادي، وفي الأشياء المفيدة التي تعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع". وتؤكد د. سعيد، أنّ "الكبت الذي تعيشه مجتمعاتنا يمثل 70 في المئة من المشكلة، لأنّك لو تَربَّيت على أن تكون منفتحاً على مجتمع مُغلق، كما أنّ هناك عوامل أخرى قد تكون وراء هذه المشكلة، ومنها المشاكل الإجتماعية التي يعانيها الشباب في مجتمعاتنا، وعدم وجود مشاركة سياسية بشكل حقيقي، ما يدفعهم إلى هذه المواقع".

- خيانة عظمى:
تأثير إدمان الأزواج المواقع الإباحية، يبدو واضحاً في الإستشارات الزوجية التي يتلقّاها الإستشاري الأسري عيسى المسكري، الذي أوضح أنّ "الإستشارات التي تأتي بسبب هذه الممارسات الخاطئة، أصبحت كثيرة". ويقول: "لقد لمست ذلك من خلال ما يُعرض عليَّ من إستشارات، وأنا أعتبر تلك الممارسات خيانة عظمَى، ومَن يفعلها لا ضمير له ولا يوجد لديه وازع ديني، ولا يعرف قُدسية الحياة الزوجية التي تُلزمه بأن يحترم إمرأته، التي تزوّجها على شرع الله ورسوله". ويشدّد على أن "على كل زوج أن يعلَم أنّ مَن يكف عن شهواته يَرتقي بحياته إلى الجنّة، أما مَن يجري وراء المواقع لا حيلة له ولا قوة، فهو إنسان ضعيف، وفي كثير من الحالات يقع الطلاق ويتشتت الأبناء بسبب هذه السلوكيات البغيضة". ويتطرّق الإستشاري الأسري في حديثه، إلى نقطة أخرى تتعلق بإدمان هذه المواقع "حيث تبدأ بخطوة من الشيطان، بفتح الجهاز ورؤية صورة أو موقع من المواقع، ثمّ تليها خطوة شيطانية أخرى حتى يتحول الأمر إلى عادة، وتتحول العادة إلى إدمان". ويفسّر المسكري إقبال العرب بدرجة كبيرة على المواقع الإباحية، بالإشارة إلى أنّ "البعض يعتقدون أنها تُغنيهم عن ممارسة الزنى وتُشعرهم بالأمان، فهم يجلسون أمام الشاشة من دون خوف، أمّا في الدول الأوروبية، فالشهوات متاحة وجميع القنوات مفتوحة".

- مأساة:
نظراً إلى ما يُعرض عليها من حالات، وما ترصده من دراسات، تصف أخصائية النساء والتوليد، الدكتورة عزة الطراهوني (عضو "الجمعية العالمية للصحة الجنسية") ما يحدث مع الشباب والكبار، في تعاملهم مع المواقع الإباحية بـ"المأساة"، قائلة: "للأسف، كل هذا يحدث نتيجة غياب الثقافة الجنسية في مجتمعاتنا العربية، وقد دفعنا ذلك إلى مناقشة هذه القضية، في كثير من المؤتمرات الطبية التي عُقدت مؤخراً". تضيف: "بالفعل، قمنا بوضع مجموعة من البرامج، لتعليم الأطباء كيفية التحدث مع الآباء والأُمّهات، حتى يستطيع الأهالي بدورهم الحديث مع أبنائهم، حول الموضوعات المتعلقة بالثقافة الجنسية. وبعد ذلك ننتقل إلى المرحلة الثالثة، الخاصة بتعليم طلاب المدارس، بدءاً من المرحلة الإبتدائية، ويشمل البرنامج المخصّص لهذه المرحلة، تعريف الطفل بجسمه منذ صغره، ثمّ كيفيّة التعامل معه على أن يكون لكل سن البرنامج المناسب لها". من أكثر السلبيات التي ذكرتها الدكتورة الطراهوني، نتيجة تصفح المواقع الإباحية: "المعلومات الخاطئة، وضياع الوقت، وعدم التركيز على الأشياء المهمة في حياة الشخص، والتطور الذي يحدث نتيجة دخول هذه المواقع، وإقامة علاقات غير سليمة، والإصابة بالأمراض الخطيرة، فالمسألة لا تتوقف عند الصورة، لكنها تنتقل إلى التجريب".

* المواقع الإباحية بالأرقام:
تُشير مواقع البحث الإلكتروني إلى مجموعة من الأرقام عن عالم المواقع الإلكترونية ومنها:
يبلغ عدد المواقع الإباحية على الإنترنت 4.2 مليون موقع.
23% من زوّار المواقع الإباحية من النساء.
66% من المواقع الإباحية على الإنترنت، لا تحتوي على أي إنذار يؤشّر إلى إنها مخصّصة للكبار فقط.
25% من المواقع تَحاصر زوّارها عند الخروج منها (إعادة توجيه لوصلات إباحية).
عدد مرّات البحث عن المواقع الإباحية بمحركات البحث 68 مليون طلب يومياً.
عدد الرسائل الإلكترونية الإباحية 2.5 مليار رسالة يومياً.
تبلغ نسبة تحميل المواد الإباحية عبر الإنترنت 35% من إجمالي المواد المحمّلة.

* كيف نقاوم إغراء المواقع الإباحية:
من خلال ملامسته حجم المعاناة التي يعانيها الشباب الذين يتصفحون المواقع الإباحية، يضع الإستشاري الأسري الدكتور جاسم المطوع، مجموعة من الحلول العملية لمقاوَمة الدخول إلى هذه المواقع، وقد حدّدها في مقال له كالآتي:
- عدم فتح الرسائل مجهولة المصدر.
- تجنُّب أصدقاء السوء، لأنّهم غالباً يتبادلون عناوين المواقع الإباحية على الإنترنت.
- السعي الجاد إلى تحصين النفس بالزواج الشرعي.
- وضع الجهاز في مكان عام في البيت، وعدم إغلاق الأبواب.
- تجنُّب إستخدام محركات البحث، في البحث عن موضوعات ذات صلة بالجنس.
- تذكُّر الله عزّوجلّ وإستشعار اطّلاعه على العبد في حركاته وسكناته.
- إجتناب التصفح حال الشعور بالشهوة.
- عدم إستخدام الشبكة العنكبوتية إلا عند الحاجة.

* 70% من مدمنو الإنترنت مدمنو مواقع إباحية:
يشير الباحثون إلى أنّ نحو 70% من مدمني الإنترنت على مستوى العالم، هم من مدمني المواقع الإباحية، لافتين إلى أنّ الأمر لا يتوقف عند التصفح، بل يتعدّاه إلى إقامة علاقات تتطور مع آخرين. ويؤكد أستاذ الطب النفسي، الدكتور خليل فاضل، في مقال له حول "إدمان الإنترنت" أنّ "50% من مدمني الإنترنت يُعانون الإكتئاب وثلثهم مصابون بالتوتر والقلق وإنخفاض الإعتبار الذاتي وقلة الثقة بالنفس، وهم يميلون إلى المقامرة والإفراط في تناول الطعام، كما أن مدمن الإنترنت قد ينتقل من إدمان إلى آخر، حيث إنّه قد تكون الإنترنت البداية أوّلاً، وبعدها يدمن الأكل أو السجائر أو المخدرات وغيرها". يُضيف: "أما النساء المدمنات، فقد وجد الباحثون أنهنّ في أغلبهنّ مكتئبات يعانين مشكلات في علاقاتهنّ مع الآخر، ويخشين الرفض من المقرّبين والاغراب على حد سواء، رجالاً كانوا أم نساء، أمّا المراهقون والأطفال فهم الأكثر تعرضاً للخطر، خاصة إذا عاشوا في بيوت بلا رقابة".

المصدر: تحقيقات الرسالة - البلاغ
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4329 مشاهدة

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,041,288