كثيرة هي المواقف التي تستدعي أحياناً التحدث أمام مجموعة من الناس، كما أنّه في عصرنا الحالي المتميّز بالإنفتاح والتحرر والتطور، فإن فن التحدث أمام الآخرين بات أمراً ضرورياً في حياتنا الشخصية كما المهنية. فهل تملك المهارات في إيصال الخطاب وإتقان فن الإتصال مع الآخرين؟

يقضي أغلبية الناس وقتهم في التكلم، إلا أنّ الكثيرين يشعرون بالإرتباك والرهبة عند التحدث أمام مجموعة من الناس، سواء أكان ذلك في إجتماع عمل أم خلال لقاء لأهالي الطلاب أم حتى في الأعراس والمناسبات الإجتماعية الخاصة. فإذا كنت تنتمي إلى هذه الفئة من الأشخاص، الذين يهابون إلقاء الخطابات أو يشعرون بالخجل لدى عرضهم موضوعاً ما على الآخرين، يستحسن لك معرفة قواعد إتقان فن التحدث أمام الآخرين، لكي تحقق الأهداف التي ترجوها.

يمكن لأي شخص أن يتقن فن إلقاء الخطاب أو التحدث أمام مجموعة من الناس، في حال اتبع الخطوات التالية:
1- إختيارالموضوع المناسب ومعرفة جوانبه كاملاً: أفضل ما يمكنك القيام به هو معرفة الكثير عن الموضوع الذي ستتحدث عنه. أغلبية المخاوف التي قد تنتابك أثناء إلقاء الخطاب، تنبع من قلقك مما إذا كنت سترتكب هفوة أو خطأ ما في الكلام، أو ما إذا كان المستمعون يعرفون عن الموضوع أكثر منك. لكن، متى كنت واثقاً بامتلاكك المعلومات كافة، فإنك لن تجد صعوبة في التحدث. لذا، حدد موضوعك بدقة واجمع معلومات عنه لتكون قادراً على تغطية كل جوانبه.

2- تحديد الغرض من الخطاب أو الحديث: بتحديدك الهدف من وراء إلقاء الخطاب، سيسهل عليك إعداده بالشكل المطلوب. مثلاً، إذا كان الهدف هو إخبار أو إعلام الجمهور بأمر ما، عليك التركيز على تقديم الحقائق والمعلومات بطريقة مباشرة. أمّا إذا كان الهدف من وراء حديثك هو إقناع جمهورك بموضوع ما أو فعل ما أو تبني فكرة معيّنة، يستحسن عندها، إلى جانب عرض الوقائع، التركيز على مخاطبة عواطف الجمهور. أمّا إذا كان الهدف من الخطاب هو إمتاع الجمهور وتسليته، فإنّ الأمر يتطلب منك الإسترخاء والتمتع بروح مرحة وإخبار قصص مسلية تشعر المستمعين بالسرور والبهجة.

3- تنظيم محتوى موضوعك: عادة ما يتميّز الحديث الناجح بدقة تنظيمه، تماماً كأي موضوع مكتوب. ابدأ حديثك دوماً بجملة تشد إنتباه الجمهور، إما من خلال إضحاكه أو إثارة دهشته، ثمّ اسرد تفاصيل موضوع والوقائع والمعلومات التي تريد أن تنقلها إلى الآخرين، واختم خطابك دوماً باختيار عبارات أو جمل تترك إنطباعاً عميقاً في الجمهور.

4- معرفة نوعية الجمهور المستمع: من المهم جدّاً أن تكون لديك فكرة عامة عن صفات الجمهور المستمع، مثل متوسط أعمار الحضور ومستواهم التعليمي وتوجهاتهم العامة، إضافة إلى عددهم أو حجمهم. إستناداً إلى تلك المعطيات، يمكنك إختيار مفرداتك وتراكيب جملك وطريقة عرضك للوقائع. فالتحدث أمام مجموعة من تلاميذ المدارس، يختلف عن التوجه إلى مجموعة من مديري الشركات أو مجموعة من الأُمّهات. كما أنّ التحدث أمام أعداد كبيرة، يتطلب إعتماد خطاب أكثر رسمية، وقد يكون من على منبر أو منصة. أمّا التحدث أمام مجموعة صغيرة، فيمكن أن تتم وأنت جالس على مقعدك وسطهم.

5- الإستعداد للدقائق الخمس الأولى: نادراً ما يشعر الشخص بالخوف طيلة فترة إلقائه المحاضرة، إذ غالباً ما يرتبك في الدقائق الأولى من الحديث، وبعدها يبدأ بالإرتياح. أليس كذلك؟ إذن، حاول دوماً أن تتغلب على أي إرتباك خلال تلك الدقائق الأولى، وسترى كيفية إنسياب الكلام بسهولة بعد ذلك.

6- التنفس جيِّداً: اعلم أنّ الخوف هو أحد ردود الفعل الجسدية التي يمكنك التغلب عليها. عندما ينتابك الخوف، فإن وتيرة تنفسك تتغير، إذ تصبح سريعة وقصيرة، لذا، خذ نفساً عميقاً أثناء تقديمك للجمهور، أو قبل أن تبدأ حديثك.

7- قل لنفسك إنّ العالم لن ينهار إذا ارتكبت خطأ ما أثناء إلقاء الخطاب: من الطبيعي جدّاً أن يخطئ الإنسان أثناء الحديث، لكن عليك التمتع بسرعة البديهة لتصحيح خطئك وإستدراك الأمور فوراً. يمكنك تحويل الخطأ إلى طرفة ومن ثمّ متابعة الكلام وكأنّ شيئاً لم يكن.

8- اعلم أنّك قد تكون أسوأ ناقد لذاتك: غالباً ما يقول الإنسان بعد إنتهائه من إلقاء الخطاب أو تقديم العرض، إنّه كان سيئاً جدّاً وإنّه أخفق في تحقيق هدفه، أو إنّه لم يوفق في عرضه، على الرغم من أنّ الجمهور قد يكون رأيه مغايراً. أغلبية الناس التي تأتي للإستماع لمحاضرة أو خطاب ما، لا تأتي بهدف إنتقاد المقدم أو المتحدث ووضعه تحت المجهر طيلة الوقت. لذا، فكر دوماً في أن أي شخص آخر سيشعر بالإرتباك أيضا، في حال طلب منه التحدث أمام الجمهور، وهذا يعني أنك لست الوحيد الذي يعاني هذه المشكلة. متى أدركت ذلك، ستتمكن من إلقاء خطابك بكل ثقة، وهو ما ينعكس إيجاباً على أسلوبك في الحديث. بالتالي، ضمان إستقبال الجمهور لما تقوله بشكل إيجابي أيضاً.

9- التركيز على طريقة إلقاء الحديث: عليك إختيار طريقة إلقاء خطابك أو محاضرتك. وهذا يعتمد على نوعية الجمهور الذي أمامك. إذا اخترت مثلاً قراءة خطابك، فاحرص على عدم قراءته بوتيرة تثير الملل لدى المستمعين. حاول دوماً متابعة رد فعل الجمهور لمعرفة ما إذا كان كلامك يثير إهتمامه. من هنا، وجب عليك كتابة موضوعك بعناية ودقة مع تضمينه بضع طرائف أو أخبار مثيرة للضحك. في حال فضلت حفظ خطابك من دون الإستعانة بأي أوراق، وجب عليك حفظه جيِّداً جدّاً لكي لا تواجه خطر نسيان أي نقاط مهمة. واحرص على أن تحفظه بطريقة تمكنك من إحداث أي تعديل فيه تماشياً مع رد فعل الجمهور. أمّا إذا اخترت أن ترتجل حديثك، فيتوجب عليك تنظيم أفكارك قبل البدء بالكلام، وتدوين النقاط الرئيسية على ورقة صغيرة أو إعداد خارطة بأفكارك والمعلومات التي تنوي التطرق إليها، حتى لا تقع في فخ الإطالة أو التكرار، ما يفقد خطابك قيمته.

10- إستخدام المؤثرات البصرية أو السمعية: كالصور أو الخرائط أو التسجيلات الصوتية أو الأغاني أو مقاطع الفيديو. هذه الوسائل البصرية والسمعية، تضفي حياة على حديثك وتثير إنتباه الجمهور وتساعده على تذكر المعلومات. من المهم جداً أن تتدرب على كيفية إستخدامها بشكل جيِّد، وأن تنتقي الوقت المناسب لعرضها على الجمهور. تأكد دوماً قبل إلقاء محاضرتك أو خطابك، من أنّ الوسيلة التي اخترتها جاهزة للتشغيل أو العرض، وأن كل المستلزمات التي تحتاج إليها تلك الوسيلة موجودة في مكانها.

11- الإنتباه إلى لغة الجسد والمظهر: للمظهر ولغة الجسد دور مهم جدّاً في التأثير في الجمهور. لضمان نجاح خطابك كاملاً، احرص على إختيار الملابس المناسبة، إذ لا يجوز مثلاً أن ترتدي الجينز وحذاء رياضياً أثناء إلقائك محاضرة أمام مجموعة من رجال الأعمال أو رؤساء شركات ومديرين تنفيذيين، لأن كلامك لن يؤخذ على محمل الجد. كما لا يجوز للمرأة أن تغالي في إرتداء ملابسها وتضع ماكياجاً قوياً وترتدي كل إكسسواراتها أو مجوهراتها، لدى إلقائها خطاباً في إجتماع عمل نهاري، حتى لا تُشتتِ إنتباه الحضور من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا يقال عنها إنها إنسانة تهتم بالقشور ومظاهر الأمور وليس في عمق الأشياء. في الوقت الذي يعد إستخدام حركات اليدين أمراً ضرورياً لتأكيد ما تقوله، أو إعطاء شرح إضافي، فإنّ الإسراف في إستخدامها من الممكن أن يشتت إنتباه الجمهور عما تقوله. طريقة وقوفك على المنبر أو المسرح لها تأثير أيضاً في الجمهور. لذا، احرص على أن تقف بشكل مستقيم يدل على ثقتك بنفسك، ما يجعل الجمهور يصدق المعلومات التي تنقلها إليه ويقتنع بها. من المهم جدّاً أن توجه كلامك إلى الجمهور عن طريق توجيه نظرك إليه وإستخدام عبارات التخاطب معه، حتى يشعر بأنّه معني بحديثك وبأنّه محور إهتمامك، فيبادلك بالمثل.

المصدر: مقالات النجاح.. البلاغ
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,041,492