إذا كانت كلمة الحوار هي الكلمة السحرية لمعالجة أي خلل في العلاقة الزوجية، فمن المفاجئ حقاً ما كشفت عنه دراسة أنجزها خبراء جامعة "ويليامز كولج" بقيادة البروفيسور كينيث ساتسكي في ولاية ماساتشوسيتس، والذي يقول إن قدرة الزوجين على الحوار المشترك لا ترقى إلى قدرة الغرباء على التحاور والتفاهم.
ويمكن تلخيص الدراسة على النحو التالي: "الحوار أمر جيِّد. ولكن إذا كانت علاقة زوجية ما توصف بأنّها علاقة ناجحة، فمن المبالغة القول إن نجاحها ناجم عن الحوار، زد على ذلك أنّ الحوار بين الزوجين قليلاً ما يؤدي إلى الفهم المتبادل، والسبب: ظاهرة تسمى (التحيز الناجم عن القرب)".
ويصف أحد الخبراء هذه الظاهرة بالقول: "الأمر يشبه قدرتك على رؤية المشهد عندما تكون قريباً للغاية، فمن المعروف أنك كلما ابتعدت تستطيع رؤية مساحة أوسع من المشهد". وينطبق الأمر أيضاً على العلاقات الأخرى كالصداقة القريبة، حيث تشير الدراسة إلى أنّ قدرة المتحاورين على التفاهم تكون أكبر عندما يكون بين المتحاورين مسافة أكبر من تلك الموجودة بين الأصدقاء والأزواج.
ويقول ساتسكي: "تأتي هذه الدراسة رداً على الإعتقاد الخاطئ بأنّ المرء يستطيع الحوار مع شخص آخر قريب بشكل أفضل من الحوار مع شخص بعيد". ومؤدى ذلك أنّه يجب ألا يتم التعويل على الحوار بشكل مبالغ فيه في العلاقة الزوجية. كما أن سوء الفهم الناجم عن الحوار أيضاً لا يعبّر بالضرورة عن أنّ الزوجين في ورطة. وبعبارة أخرى يتعين على الناس البحث عن معيار آخر غير الحوار للحكم على ما إذا كانت العلاقة الزوجية ناجحة أو فاشلة.
وربّما تفسر هذه الدراسة ظاهرة منتشرة بين الكثير من الأزواج وتتمثل بالفشل في التوصل إلى خطوط حوار مشتركة أو الإستمرار في الحوار لفترة طويلة. ويرى الخبراء أن وجود هذه الحالة يجب ألا يثبط من همة الزوجين وألا يجعلهما يقتنعان بعبثية الحوار. والبديل حسب الخبراء يتمثل بالتحلي بالواقعية، حيث يجب ألا يتوقع الزوجان حلولاً سحرية من الحوار الزوجي. وفي بعض الأحيان ربّما يكون الإنسحاب من الحوار أكثر جدوى من الحوار نفسه، حيث يعطي أحد الطرفين الفرصة للعلاقة كي "تتنفس" وكي تخضع للتأمل والمراجعة.
ساحة النقاش