حاول بعض العلماء والباحثين تحديد مراحل وخطوات العملية التغييرية، منهم من أجمل القول في نقاط محدودة ومنهم من توسع قليلا.
وقبل أن نذكر رأينا بهذا الخصوص، نود أن نشير إلى محاولات بعض العلماء وآرائهم حول الخطوات التي تمر بها أية عملية تغييرية.
يرى كيرت لوين أن العملية التغييرية تمر بثلاث مراحل وخطوات رئيسة وهي:
1- مرحلة إذابة الجليد: ويقصد بها تلك الجهود التي تبذل في المنظمة لكي تجعل الأفراد العاملين بها يتقبلون عملية التغيير ويقتنعون بأن هناك ضرورة ملحة للتخلص من الوضع الحالي وتغييره وعدم الجمود عليه.
2- مرحلة التغيير: وتتضمن هذه المرحلة اختيار الأساليب والطرق اللازمة لوضع التغيير المطلوب.
3- مرحلة إعادة التثليج: وتعني هذه المرحلة محاولة المنظمة لبناء درجة عالية من التزام الأفراد نحو الاستراتيجية (التغيير) الجديدة وتشجيعهم وتحفيزهم للتفاعل معها.
أما جرينر فقد قام بدراسة ثنانية عشر بحثا عن التغيير واستنتج من خلالها أن التغيير يمر بست مراحل رئيسة وهي كما يلي:
1- الضغط على الإدارة العليا: وذلك للتنبه إلى ضرورة عمل شيء ما.
2- التدخل على المستوى الأعلى: حيث يتم إعادة النظر في الواقع المراد تغييره والسعي للتجاوب مع المشكلات الداخلية.
3- تشخيص مواقع المشكلات: حيث يتم التعرف وكذلك الاعتراف بمشكلات محددة.
4- ابتكار الحلول الجديدة: حيث يتم اقتراح برامج وأساليب وأنظمة جديدة.
5- تجربة الحلول الجديدة: مع ضرورة دراسة نتائج هذه الحلول بعد تطبيقها وتجربتها.
6- فرض الحلول الجديدة: وذلك بعد ثبوت نجاحها.
ويرى الدكتور محمد المحمدي الماضي أن التغيير بمر بثلاث مراحل رئيسة وهي:
1- مرحلة التحلية: حيث يتم تخلية النفس من كل الأوضاع غير المرغوبة سواء كانت على مستوى الفكر أو الرغبات أو السلوك أو العادات... إلخ.
2- مرحلة التحلية: حيث يتم في هذه المرحلة تحلية النفس بمكارم الأخلاق والسلوك.
3- مرحلة الثبات: حيث يظل الإنسان مستمسكا وثابتا على الوضع التغييري الأمثل الذي وصل إليه.
وبعد الإشارة إلى آراء بعض الباحثين حول خطوات ومراحل التغيير، فإننا نميل إلى التوسع والتفصيل قليلا في هذه المراحل، لذا نرى أن العملية التغييرية تمر بالمراحل والخطوات العشرين التالية:
1- الشعور بالألم:
حيث تبدأ عملية التغيير بشعور الأفراد بألم وضيق بسبب إخفاقات أو خسائر أو ضياع فرص أو فوضى أو سوء معاملة أو تسرب الكفاءات أو فشل في تحقيق الأهداف أو تفوق المنافسين أو... إلخ.
2- التنبؤ بالمشكلة أوالشعور بها:
بعد أن يشعر الأفراد بالألم نتيجة إخفاق ما فإنه سيتبادر مباشرة إلى أذهانهم ونفوسهم أن ثمة مشكلة وخلل يلم بالمنظمة أو سليم بها في الأجل القريب أو البعيد.
3- بروز قادة التغيير:
حيث أن التغيير لا يمكن أن يتم إلا بعد أن يتبناه نفر من الناس ويقودونه إلى نهايته. وعادة يظهر هؤلاء القادة في بداية العملية التغييرية، وأحيانا يتأخر ظهورهم قليلا، أو ربما يتغير القائد لسبب أو لآخر في بعض مراحل التغيير.
4- تحديد فجوة الأداء:
حيث يتم دراسة الفرق بين ما يمكن للمنظمة أن تفعله وبين ما حقيقة، وبمعنى آخر يجحب التعرف على الفجوة بين ما ينبغي فعله وبين الواقع الفعلي للمنظمة، وهذا ما يسمى بـ "فجوة الأداء".
5- دراسة المشكلة وتحليلها:
وذلك بدراسة مظاهر المشكلة، وأسبابها الحقيقية، وأبعادها، المؤثرين فيها، والمتأثرين بها.
6- تحديد أهداف التغيير:
إن كل تغيير ليس لديه أهداف واضحة ومحددة فهو تغيير قد ولد ميتا، أو هو تغيير يخشى عليه الانحراف أو الفشل وعدم الاستمرار.
7- اقتراح المشروع التغييري:
بعد تحديد الأهداف المرجوة من التغيير، لا بد من التعرف على كيفية تحقيق هذه الأهداف، وهذا يتطلب اقتراح مشروع تغييري يتناول جوانب العملية التغييرية وأبعادها، وطرقها، ووسائلها، وإيجابياتها، ومتطلباتها، وكيفية تجاوز مخاطرها، وغيرها. وليس بالضرورة أن يكون المشروع كاملا في هذه المرحلة، ولكن المهم أن يكون مقنعا وواضحا.
8- المطالبة بالتغيير:
بعد وضوح أبعاد التغيير المختلفة لدى المغيرين، وخاصة قادة التغيير، تأتي مرحلة مهمة وهي المجاهرة والمطالبة بالتغيير، والسعي لإقناع الآخرين بضرورة تغيير الوضع القائم مع تبيان المشروع التغييري وشرحه لهم. وينبغي الإشارة إلى أن المطالبة بالتغيير والمجاهرة به تبدأ منذ الشعور بالألم، أي تبدأ في أول مراحل العملية التغييرية وتستمر حتى نهايتها. أما المطالبة في هذه المرحلة فهي مطالبة واضحة مبنية على مشروع مكتمل، وبمعنى آخر، فإن المطالبين بالتغيير يعرفون بوضوح ماذا يريدون وإلى أين يتجهون.
9- ظهور المؤيدين:
كما مشروع تغييري يظهر له بعض المؤيدين، ولذا ينبغي لقائد التغيير أن يعتني بهؤلاء المتحمسين المؤيدين ويرعاهم رعاية خاصة ويتآزر معهم ويرسم لهم بعض الأدوار للقيام بها، إذ أنهم امتداده الاستراتيجي وسنده (بعد الله تعالى) عند اشتداد الأمر.
10- بروز المقاومة:
كما أن لكل مشروع تغييري بعض المؤيدين كذلك فإن له بعض المقاومين والرافضين، وغالبا تكون هذه المقاومة سببا في فشل المشروع التغييري، فهم خطر ينبغي التنبه إليه.
11- ترويض المقاومة أو القضاء عليها:
وذلك بدراسة عناصر المقاومة وأسبابها ودوافعها وأساليبها، ومن ثم تحديد الوسائل الناجحة لترويضها أو تحييدها أو التخلص منها.
12- التبني الجماعي للتغيير:
إذا تمت قيادة العملية التغييرية بحكمة وذكاء وحسن تصرف، فإن الأنصار يزيدون والمقاومين ينقصون ويتساقطون، وتكون النتيجة أن العملية التغييرية تصبح مطلبا جماعيا بعد ما كانت مطلبا فرديا لبعض الأفراد (قادة المقاومة). وفي هذه المرحلة ينبغي لقادة المقاومة أن يحسنوا قيادة الجماهير، ذلك لأن قيادة الجماهير تختلف عن قيادة نفر قليل من الناس، فهي أصعب وتحتاج إلى مهارات متعددة، لا سيما مهارة الإقناع والتاثير العاطفي والخطابي.
13- دراسة المشروع التغييري:
حيث يتم دراسة المقترح بأسلوب جاد مع العمل على تقويمه وسد ثغراته واستكمال نواقصه. ويقوم بهذه المهمة (في العادة) قيادة المنظمة، ويمكن الاستعانة ببعض الخبراء والمتخصصين.
14- اعتماد التغيير:
بعد دراسة المشروع التغييري واستكمال نواقصه والاقتناع به، يتم اعتماده ومن ثم الدعوة إلى تطبيقه.
15- لتخطيط لتنفيذ التغيير:
حيث يتم تهيئة وتوفير متطلبات واحتياجات التغيير مثل: تعيين المسؤول عن العملية التغييرية، وفريق العمل الذي يساعده، وإقناع أو إلزام الأفراد بقبول التغيير والتفاعل معه، وتقديم الدعم المعنوي وكذلك المادي للعملية التغييرية، وتحديد مراحل التغيير وأولوياته ومجالاته وأساليبه، وأخيرا شرح المشروع التغييري للأفراد والتأكد من فهمهم له واستيعابهم إياه وإدراكهم للأدوار المناطة بهم تجاهه.
16- تجريب التغيير:
يحسن قبل تطبيق التغيير على جميع أجزاء المنظمة أن يتم تجربته في حدود ضيقة، لا سيما إذا كان المشروع التغييري كبيرا وخطيرا.
17- تقويم ومعالجة التجربة:
وذلك بمتابعة التجربة التغييرية، ودراسة نتائجها، والتعرف على ثغراتها، ومن ثم العمل على تحسينها وتطويرها والقضاء على سلبياتها.
18- تعميم التغيير:
بعد نجاح التجربة، وبعد تجنب سلبياتها وعلاج جميع مشكلاتها، يتم تعميمها على جميع أجزاء المنظمة.
19- تقويم ومعالجة التعميم:
بعد تعميم العملية التغييرية، لا بد من متابعة تنفيذها والتأكد من ممارستها بصورة جيدة، والعمل على إزالة جميع العقبات التي تعترضها، هذا بالإضافة إلى تصحيح المسار عند وجود أخطاء واضحة أثناء التنفيذ. كما تجدر الإشارة إلى أن نجاح التجربة في نطاق ضيق بالمنظمة لا يعني بالضرورة نجاح هذا التغيير عند تعميمه على جميع أجزاء المنظمة.
20- الرقابة والتطوير:
ينبغي أن لا يجمد الإنسان على تغيير واحد، بل يجب أن يقوده التغيير إلى تغيير آخر، فالمعالجة والتطوير والتحسين ممارسات لا يجوز أن تتوقف أبدا، فرب تغيير ينفع اليوم ولكنه يضر غدا.
ساحة النقاش