ببساطة شديدة ودون محاولة لتزويق الكلام، أعتقد أن ما يحميني دائمًا كبني آدم ضعيف يغره الأمل من الوقوع في وهم انتظار الفرج هو أنني أوقن أنه لا أمل في أي أمل طالما ظلت المعركة الأزلية الدائرة على أرض مصر منذ أن خلقها الله لا يشترك فيها سوى نوع واحد من سكان هذا البلد أطلق عليه اسم المنتفعين بمصر. لاحظ هنا أن الانتفاع ليس مصطلحًا سلبيًّا؛ فهو يعني أن من يمكن وضعهم ضمن هذا النوع يحصلون من وراء كونهم مواطنين مصريين على نفع ما أيًّا كان قل أو كثر، شرعيًّا كان أو غير شرعي، وهذا النوع بالمناسبة شامل فضفاض يمكنك أن تضع تحت إهابه وبين ثناياه كل من ينتسبون إلى الحكومة والمعارضة، ومن ينتسبون إلى ما يُعرف بالنخبة والصفوة الكريمة وكل محترفي السياسة والصحافة وهواتهما وأرباب الفنون من الموهوبين أو الموهومين وأصحاب العاهات الفكرية المستديمة أو القابلة للشفاء ونجوم المجتمع ومرشحي الانتخابات ووكلاءهم ورجال وسيدات الأعمال وقراء الصحف المنتظمين والشواذ جنسيًّا والشواذ فكريًّا والشواذ نفسيًّا.
أما ما عدا أولئك من أبناء الشعب المصري فهؤلاء هم الذين أسميهم «السكان الأصليين لمصر»، وأعتقد جازمًا أن في أيدي هؤلاء وحدهم الأمل الوحيد في تحقيق أي تغيير؛ لأن هبَّاتهم المفاجئة هي التي تصنع الفرق، لكن المشكلة أن هبَّات هؤلاء متباعدة وقصيرة النفس ونادرة وعشوائية ـ تمامًا مثل حياتهم ـ ربما لأنهم اختاروا لأنفسهم منذ عهود سحيقة حلًّا يعصمهم من الانقراض أو الطققان المُفْضي للانقراض، هو أن يعيشوا في بلد موازٍ ، له قوانين خاصة وحكام مختلفون وأبطال شعبيون يخصونهم وغناء لا يطرب غيرهم وأنواع من الطعام والشراب لا تصلح إلا لهم.
بقلم : بلال فضل
ساحة النقاش