Dالمنهــــج النفـــسي:
من المعروف أن المنهج النفسي هو الذي يدرس الظواهر النفسية الشعورية واللاشعورية، باستعمال آليات السيكولوجيا الفرويدية، أو الاستعانة بمبادىء المدارس النفسية الأخرى، واستعمال تقنياتها المختلفة والمتنوعة، كأن نأخذ بتعاليم المدرسة النفسية السلوكية، أو المدرسة الجشطالتية، أو السيكولوجية البنيوية، أو السيكولوجيا الوظيفية، أو السيكولوجية المعرفاتية، أو السيكولوجيا السبيرنيتيكية...
ويمكن الاستعانة بكل هذه المناهج والمقاربات والمدارس لإغناء الحقل التربوي والتعليمي بشكل أو بآخر، من خلال تفهم نفسيات المتعلمين، وتبيان العلاقات الوجدانية القائمة داخل الفصل الدراسي بين المدرسين والتلاميذ، واستكشاف عقدهم النفسية فهما وتفسيرا وتأويلا. ونعلم جيدا مدى أهمية نظرية فرويد في تفسير السلوك الإنساني، من خلال التركيز على الأنا والهو والأنا الأعلى.فلايمكن للأنا أن تحقق رغباتها، مادام هناك سلطتان مراقبتان: سلطة المجتمع أوالواقع، وسلطة الأنا الأعلى التي تتمثل في الأخلاق والقيم والعادات والأعراف. لذلك، يكبت الإنسان مؤقتا عواطفه ومشاعره الإيروسية (مشاعر الحب)، أو يخفي انفعالاته التناتوسية (مشاعر الموت والعدوان)، ويتم كل ذلك في منطقة اللاشعور. وبعد ذلك، يحررها مع أحلام المنام واليقظة. ومن جهة أخرى، فقد أثبت فرويد تأثير الطفولة والماضي معا على الإنسان في حاضره ومستقبله، بما يحمله ذلك الإنسان من ترسبات وعقد، تؤثر على سلوكياته وتصرفاته وحركاته اللاواعية واللاشعورية.
هذا، وقد ركز فرويد على مجموعة من العقد التي يعرفها الإنسان، كعقدة أوديب، وعقدة إلكترا، والعقدة النرجسية، وعقدة النقص، وعقدة التعويض... كما اهتم فرويد كثيرا بالتصرفات اللاواعية واللاإرادية، والسلوكيات اللاشعورية التي تتمثل في: فلتات اللسان، وزلات القلم، والأحلام، والهستيريا، والتعويض، والتسامي، والقيام ببعض العادات، مثل: مص الشفتين، وتحريك الحواجب والعينين، والشد على القضيب. وتعبر كل هذه التصرفات عن رغبات نفسية وشبقية دفينة.
ومن ناحية أخرى، يمكن الاستفادة أيضا من المنهج العيادي أو الإكلينيكي في المجال التربوي، ويطلق هذا المنهج :" على مجموعة من الطرائق أو أساليب البحث المستوحاة من التحليل النفسي.إن مفهوم العيادي أو الإكلينيكي يدل على الملاحظة المعمقة للشخص خلال فترة زمانية ممتدة. كما قد يدل على الفهم السيكولوجي لأسلوب حياته خلال الماضي والحاضر. فالملاحظة –إذاً- وسيلة أساسية في المنهج العيادي.
والواقع أن المنهج العيادي يختلف باختلاف المقاربات الموظفة من قبل هذا السيكولوجي أو ذاك. وهذا الأمر هو ما جعل النقاش حول طبيعة هذا المنهج يعرف طريقه بين الباحثين. فالبعض يتساءل: ما إذا كان المنهج العيادي يميل أكثر إلى منهج الملاحظة أم إلى المنهج التجريبي؟[18]"
وعليه، فالمنهج النفسي هو أكثر المناهج العلمية اقترابا من عالم المدرسة والتربية ؛ لأن كثيرا من القضايا التعليمية ذات مصدر نفسي أو سيكولوجي.
ساحة النقاش