D المنهــــج التاريخـــي:
يهدف المنهج التاريخي إلى دراسة ظاهرة ما في تعاقبها الزماني والمكاني، من خلال رصد خلفياتها التاريخية، ومعرفة تطورها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية. بمعنى أن المنهج التاريخي يقوم على مجموعة من المفاهيم، مثل: التحقيب، والسيرورة، والتطور، ومعرفة التمفصلات، وتحديد الظروف التاريخية الخاصة والعامة. ويرتبط التاريخ بدراسة الماضي في علاقته بالحاضر والمستقبل. وهنا، تقوم الوثائق بدور كبير في استنطاق الأحداث والوقائع، قصد فهمها وتفسيرها وتأويلها، وبناء المعطى التاريخي تشريحا وتركيبا. ومن ثم، فمن الضروري قراءة الوثائق المعطاة، اعتمادا على النقد الداخلي (قراءة الوثيقة من الداخل)، والنقد الخارجي (قراءة الوثيقة من خلال ربطها بصاحبها). ويذكرنا هذا النقد العلمي التاريخي بعلم الجرح والتعديل لدى علماء الحديث في دراسة السند والمتن. ومن هنا، يمكننا – مثلا- معرفة تطور التعليم عند المسلمين، أو التيقن من مراحل تطور النظريات التربوية في بلد معين...
ولا ننسى أيضا أن علم التاريخ يعتمد على جمع المعلومات والبيانات، لتسخيرها في كتابة التاريخ. ومن بين هذه الوثائق الأساسية، الاستعانة بالآثار، والحفريات، والمعاهدات، والاتفاقيات، والخطب، والنقود، والمؤتمرات الصحفية، والوثائق المباشرة، والرسائل، والمراسيم، والصور، والتسجيلات...
وهناك وثائق ثانوية كالمصادر، والمراجع، والكتب، والمذكرات، والتراجم، والسير، والمقالات الرقمية والورقية... وبالتالي، يستند المنهج التاريخي إلى مجموعة من المراحل العلمية، منها: تحديد فرضية البحث، واختيار الوثائق، وانتقائها، وتوثيقها داخليا وخارجيا، وذلك بعد جمعها وحصرها وتقييدها، والتحقق من صحتها في ضوء محكات ومعايير ومقاييس علمية. وبعد ذلك، تأتي عملية القراءة، والفهم، والتفسير، والتأويل، والاستنتاج بشكل مركب ومنظم ومنسق. ويمكن للباحث أن يقدم مجموعة من التنبؤات التفسيرية الهامة، بناء على ما توصل إليه من نتائج على مستوى التركيب والاستنتاج.
ساحة النقاش