الفرق بين مصطلحي البحث والدراسة
هناك العديد من التداخلات بين مصطلحي البحث والدراسة، فيقول البعض:
إن البحث هو الدراسة، ويقول البعض الآخر: إن هناك فرقًا بينهما.
ويؤكد الدكتور "حسن الساعاتي" هذا الخلط والتداخل بين هذين المصطلحين في ميدان البحث العلمي، وفي كتب المناهج، وأنهما يَرِدان بمعنى واحد، أو أن البحث يحتوي عملاً ميدانيًّا؛ أي: تجمع بياناته من أفراد البحث مباشرة، بينما تقوم الدراسة على بيانات من الكتب والدوريات والنشرات الرسمية، وغير ذلك من المصادر العلمية، وهكذا يكون البحث نشاطاً علميًّا عمليًّا، وتكون الدراسة نشاطًا علميًّا نظريًّا، وهذا في رأيه بعيد عن الصواب.
يقول "الساعاتي" أيضًا: من الناحية اللغوية يعني "بحث الشيء" طلبه والتفتيش عنه، ومعنى "بحث الأمر" هو الاجتهاد فيه، وتعرُّف حقيقته، ومعنى"البحت" هو السؤال والاستقصاء، وبذل الجهد في موضوع ما، وجمع المسائل التي تتصل به، وهكذا يكون البحث ثمرة هذا الجهد ونتيجته.
ويرى آخرون أن البحث في اللغة: هو الحفر والتنقيب؛ يقول تعالى: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ﴾ [المائدة: 31]، وكأنك تريد أن تظهر شيئًا كان خافيًا، فتجعله ظاهرًا ومرئيًّا للناس".
أما البحث في الاصطلاح، فهو استخراج الحقيقة العلمية، والبحث عنها في مظانها، وإظهارها لطلاب العلم، وكل ذلك وفق طرائق المنهج العلمي. أو هو إيجاد حل مشكلة ما وفق الطريقة العلمية.
ويعني مصطلح "الدراسة" عند "الساعاتي": قراءة الكتب وحفظها وفَهمها، بمعنى أن ثمرة الدراسة تعود بالفائدة على الدارس من داخل ذاته؛ إذ إنها تثري ذهنه بما يَختزنه من معارف ومعلومات، ولكن نتيجة البحث لا يفيد منها الباحث فحسب، بل العلم والمجتمع أيضًا، فالباحث يزداد علمًا وخبرة، والعلم يزداد إضافة جديدة، والمجتمع يزداد نموًّا على نحو ما، ومراكز البحوث تشترط لتعيين أعضاء هيئة التدريس والباحثين من خبراء ومستشارين، أن يكونوا من الذين أجروا بحوثًا مبتكرة تضيف إلى العلم جديدًا.
وخلاصة ذلك أن كل عمل علمي يظهر فيه جهد الاستقصاء والتفتيش في جمع المادة التي يتطلبها - سواء بالاطلاع على العديد من المراجع، أو بالعمل الميداني أو بهما معًا، ثم تحليلها وتفسيرها - هو بحث بكل معاني الكلمة، أما أن يدرس المتخصص موضوعًا، ثم يكتب فيه كتابًا أو مقالاً، يحتوي على عناصره التي يشرحها ويوضحها بما يدل على سلامة فَهم الموضوع وجودة استيعابه إياه، فإن كتابه هذا أو مقالته هذه تُعد دراسة بكل معاني الكلمة، وليس بحثًا بأي حال من الأحوال.
ويؤكد باحثون لغويون ما ذهب إليه "الساعاتي"، فيقولون: "درس الكتاب يدرسه درسًا ودراسة، ودارَسه، من ذلك كأنه عانَده، حتى انقاد لحفظه؛ قال تعالى: ﴿ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ ﴾ [الأنعام: 105].
"قال ابن عباس معنى الآية: كذلك نبيِّن لهم الآيات؛ ليقولوا: درَست؛ أي: تعلَّمت، ويقال: درستُ الكتاب أدرسه درسًا؛ أي: ذلَّلته بكثرة القراءة، حتى سهُل حِفظه، ويقال: درست السورة؛ أي: حفظتها، وسمِّي إدريس - عليه السلام - بهذا الاسم لكثرة دراسته كتاب الله تعالى.
المصادر:
1 - الفرق بين الدراسة والبحث ورسالة الماجيستير وأطروحة الدكتوراه والكتاب.
www.omferas.com/vb/showthread.php?t=33699
2- البحث العلمي البحث في اللغة:faculty.kfupm.edu.sa/ias/ahussein/files/research.doc
3 - هادي محمد، كفايات التدريس www.montdabishah.net ›...
ساحة النقاش