نلتقي مع الدكتورة" ست البنات خالد محمد علي" في كتابها القيم الذي غفل الكثيرون عنه وهو "مخاطر خفية وراء برامج خدمات الصحة الإنجابية". وسنركز هنا على قضيتين هامتين أبرزتهما الدكتورة "ست البنات"، رأينا أن نعيد صياغتهما وتقديمهما بالصورة التي تبرز أهميتهما، وهما قضيتي تعليم وعمل المرأة.
أولا: قضية تعليم المرأة:
تقول الدكتورة "ست البنات": "أن السبب الرئيس في الخلل القائم في نظام تعليم المرأة هو تماثل منهجها التعليمي مع الرجل، بحيث يؤهلها للوظائف التي يؤهل لها الرجل. إن هذا الأمر في حد ذاته اعتداء على حقها، وانتقاص لكرامتها. ولقد أثبتت الوقائع المعاصرة، علاقة هذا الخلل بالعنوسة، والطلاق، والإحباطات النفسية، والمشكلات الأسرية ".
ولهذا فهي ترى أنه لا بد من إعادة بناء استراتيجية جديدة لنظام تعليم المرأة تقوم على تخريج امرأة مسلمة تتوافر فيها الصفات الآتية:
أ- أن تكون امرأة حسنة التعبد لربها.
ب- أن تكون امرأة حسنة التبعل لزوجها.
ج – أن تكون امرأة حسنة التربية لأبنائها.
د – أن تكون امرأة حسنة الادارة لبيتها.
هـ - أن تكون امرأة حسنة الإعمار لمجتمعها - فيما يخصها.
ثانيا: قضية عمل المرأة:
1- ترى الدكتورة "ست البنات" أنه من المسلم به أن للمرأة قدرات فائقة فيتحمل المسؤولية والتعليم العالي في كل مستوياته. وأن لها الحق في العمل المشروع والخالي من المحرمات والإهدار بثوابت خروج المرأة. ونظرا لأن الرجال لا يستطيعون القيام بمسئولية الحمل والولادة وإدارة شؤون البيت، فإنه يجب التركيز والتأكيد على أولويات مهام المرأة، ومساعدتها في القيام بهذه المهام الأساسية التي خلقت من أجلها، حتى إذا فرغت منها فلا مانع بعدها أن تقوم بكافة المهام المتاحة لها حسب الضوابط الشرعية وليس حسب حريتها الشخصية وحقوقها الإنسانية وحقوقها الجنسية التي تقرها لها دعاة تمكين المرأة.
2- ترى الدكتورة "ست البنات" أن هناك خطأ في فهم حقيقة العمل بالمعنى الشرعي وعدم التفرقة بينه وبين المعنى المستورد المغلوط. فالإسلام يحث المسلم على العمل ذكرا كان أم أنثى. الرجل عامل في طلب الرزق وبناء المجتمع، كما أن المرأة عاملة في بيتها وفي بناء نواة المجتمع وهي الأسرة. تقول الدكتورة "ست البنات": "لأهمية الأمر، نشير هنا إلى مغالطة شائعة في مفهوم العمل، عند الحديث أو المطالبة بعمل المرأة، حيث يخصص هذا المفهوم لعمل من سمي في اصطلاح الفقهاء"بالأجير الخاص"، وهو: "العمل مدفوع الأجر"، أو: "تلك الأعمال التي تمارسها المرأة حال كونها أجيرة تحت قوامة شخص لا تربطها به إلا الروابط المادية". ومن ثم لا يحتسب من العمل -مثلاً- تلك الأعمال التي تمارسها المرأة في بيتها، من تربية للأبناء، أو حسن تبعا للزوج، أو رعاية لوالدين ونحو ذلك.
3- غالبا ما توصم المرأة غير الأجيرة بأنها عاطلة، وأن عدم دخول المرأة"سوق العمل" أجيرة يعتبر تعطيلاً لنصف المجتمع. وهذه مغالطة، انطلت على كثير من الناس مثقفيهم وعاميهم إلا من رحم الله. حتى أصبح الخيار،في حس المرأة، هو أن تكون "عاملة" خارج بيتها أو تكون "عاطلة" في بيتها، والصحيح أن الخيار هو إما أن تكون عاملة "أجيرة للغير" أو تكون عاملة حرة في وظيفتها الأساسية .
4- إن الخلل في هذا المفهوم يدفع المرأة لتضغط على نفسها، وعلى أسرتها،وعلى مجتمعها؛ لتتحول من كونها عاملة حرة في بيتها، لتكون أجيرة خارج بيتها، مما يؤدي إلى ظلمها، وإلى تقصيرها في حق زوجها وأبنائها وإلى تضييق فرص العمل أمام الرجل، فتزداد البطالة وتتفاقم نتائجها السلبية الأمنية، الاقتصادية، والأخلاقية، وتقل فرص الزواج، وتزداد العنوسة. ولا يحقق هذا التحول إلا هدفاً خادعاً، وحالاً بئيساً. ولقد أثبتت الأرقام الاقتصادية التفصيلية في أحد تقارير الأمم المتحدة في أوائل الثمانينيات الميلادية -والتي لم تفند حتى الآن- "أن خروج المرأة للعمل أجيرة يكلف مجتمعها 40% من الدخل القومي". وذلك خلافا لما يُروج له من أن خروجها للعمل أجيرة يدعم الاقتصاد والناتج المحلي، كما أن التقرير ذاته يقول في فقرة أخرى: "لوأن نساء العالم تلقين أجوراً نظير القيام بالأعمال المنزلية لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد".
5- إن احتساب المرأة عملها أجيرة، في الأعمال الملائمة لها - مما تدعو إليه الحاجة الاجتماعية الحقيقية لا الموهومة، أو تدفع إليه الحاجة الشخصية يعتبر حالة جائزة شرعاً، ما دامت منضبطة بضوابط الشرع، دون التوسع فيها، فوجود الحاجة الاجتماعية أوالشخصية لعمل بعض النساء لا يبرر المطالبة بمزاحمتها للرجل في مجال عمله، أو بإهمالها مجال عملها الأساس.
6- تقول الدكتورة" ست البنات ": "في هذا المقام، نذكر بمسؤولية المجتمع ومؤسسات الدولة في السعي الجاد لإزالة هذه الحاجة، أو تقليلها، أو تخفيف آثارها. فإن من الظلم البين أن تعامل المرأة وظيفيا كالرجل تماماً، في ساعات العمل، أو مناطقه، أو فتراته، أو نوعيته، أو سنوات التقاعد.. ونحوذلك، دون تقدير لوظيفتها الأساسية في بناء الأسرة السليمة، ولطبيعتها البشرية، كما نؤكد على مسئولية المجتمع والدولة في علاج مشكلة الفقر والذي هو سبب رئيس في معاناة العديد من النساء داخل المجتمع، ودفعهن للعمل غير الملائم لطبيعتهن".
المصدر الأساس: ست البنات خالد محمد محمود، مخاطر خفية وراءبرامج خدمات الصحة الإنجابية، (بتصرف).
www.umatia.org/booksumatia
انظر لمزيد من الإيضاح في قضية المرأة:
(1) أحمد إبراهيم خضر، هل يضمن تعليم الفتاة محافظتها على عفتها:
http://www.alukah.net/Web/khedr/0/28461/
(2) لماذا تكره المرأة المتعلمة المتحررة الإسلام، في: أحمد إبراهيم خضر، علاقة المصالح والمنافع بكراهية الإسلام عقيدة وتطبيقا:
http://www.alukah.net/Culture/0/26592
ساحة النقاش