القميص الابيض ما بين الماضى و الحاضر
لا أحد منا ينسى المشاهد القديمة الساخرة فى السينما المصرية و التى يتم الابلاغ فيها عن شخص مختل عقليا فتأتى سيارة الاسعاف بها اثنين من التمريض بصحبة الطبيب يوجهون للحالة اسئلة ساخرة ثم يأمر الطبيب بلبسه للقميص الابيض و اصطحابة الى مستشفى الامراض النفسية و العصبية و التى عرفت بمستشفى الخانكة او العباسية .
و للوقوف حول حقيقة هذه الرواية و مدى صدقها و حقيقة العلاج النفسى و العقلى ما بين الماضى و الحاضر كانت تلك الزيارة الى مستشفى الصحة النفسية ببورسعيد حيث كان اللقاء مع الدكتورة أمل زكريا مديرة المستشفى و التى رشحت الدكتور علاء الشيخ استشارى الامراض النفسية و العصبية بالمستشفى لتغطية الموضوع علميا و طبيا حيث وجهنا للدكتور علاء الشيخ العديد من الاسئلة .
س . د. علاء جميعنا يذكر فى الافلام القديمة مشهد الباس المرضى النفسيين للقميص الابيض فهل كان هذا يحدث بالفعل ؟
ج . بداية هناك فارق بين المرض النفسى و العقلى فالمريض النفسى لدية اضطراب نفسى بسبب ازمة او توتر نفسى نتاج مشكلة مر بها و يدرك تماما لحقيقة مرضة فهو مدرك للواقع و رغبته فى الخروج من ازمته تجعله يرحب بالعلاج .
اما المريض العقلى فلا يدرك للواقع و لا لحقيقة مرضه و لا يعترف به اصلا فقد يرى الجميع على خطأ و هو وحده على صواب بسبب خلل فى التفكير لدية لذا لا يرحب بالعلاج و قد يكون لدية عنف و هياج فيتوجب تقييد حركته مثلما شاهدتم هنا حالات الهياج و انواع التقييد عديده منها القميص الابيض فهو قميص ذو اكمام ضيقه لتقييد حركة المريض لحين اصطحابة الى المستشفى و توجد قيود اخرى داخل المستشفى ربما اضطررنا لربطة فى سريرة و تقييد اليدين و القدمين باربطة مصنوعة من الجلد اذا كان هناك خطورة على حياته و حياة الاخرين .
س . إذن ما الفرق العلمى بين الامراض النفسية و العصبية ؟
المرض النفسي :
هي حالة من سوء التوافق النفسي و الاجتماعي و سوء التكيف في بيئة العمل و الشخص المصاب بالمرض النفسي عاده ما يصاب بانخفاض الاداء الوظيفي و يعاني من قلق عام و شعور بعدم الامان و شعور بالحزن و الاكتئاب ولكن يكون علي قدر كبير من الاستبصار و يعي الفرد و يدرك انة مريض و انة يحتاج الي العلاج و العصاب هو خلل في جزء من اجزاء الشخصية و ليست خلل في كل الشخصية لذا فهو قادر علي مساعدة نفسه او يطلب الماسعده في الاوقات التي يحتاج فيها اليها و من أمثلة تلك الامراض :
المخاوف المرضية - القلق العصابي - الاكتئاب النفسي - الهيستريا - الوسواس القهري
الامراض العقلية :
هو حالة تؤثر علي العقل و النفس و تؤدي الي تغير في المشاعر و الافكار و يكون الفرد غير مستبصرا بمرضة ولا يسعي الي العلاج و مايميز بة المريض العقلي بأنة لايفرف بين الواقع و الخيال وقد تظهر لدية بعض الاعراض و هي :
- الهلاوس سمعية و البصرية الهلاوس البصرية حيث يري الشخص اضواء او الالوان او حيوانات تتحرك امامه - الهلاوس السمعية حيث يسمع اصوات او صوت اغنية او يسمع احد يكلمة و هو غير موجود
- الافكار الوهمية: و تسمي بالافكار الطائرة وهي نوعان اما ان تكوت ليس لها خليفية.. او تكون لها خليفية نظرا لظروف او احداث مر بها الشخص
- خلل في التفكير: و يقصد بذلك هو عدم ترابط الكلام او يقول المريض كلام غير مفهوم
و من أشهر هذه الامراض الفصام و البرانويا و النوبات الصرعية
س . هل حدث اختلاف فى اساليب العلاج عن الماضى ؟
ج . علاج الامراض النفسية و العصبية تطور كثيرا فى الخمسين عام الاخيرة عن الماضى حيث تم استحداث العلاج الكيميائى و الذى يُظهر أعراض التحسن بعد اسبوع من العلاج كما يستخدم ايضا الجلسات الكهربائية فى علاج بعض الحالات .
كما تم استحداث العلاج بالعمل حيث توجد برامج تدريب بمشغل الخياطة و المطبخ داخل مستشفى الصحة النفسية كذلك البرامج الترفيهية و الرياضية و برامج الارشاد النفسى للمرضى واسرهم و برامج العلاج الجماعى و أقصى مدة للاقامة داخل المستشفى هى ثلاثة اشهر بعدها يتم خروج المريض و دمجه داخل المجتمع .
س . هل ترى مع تطور العلاج تطور مماثل فى نظرة المجتمع للمرضى النفسيين
مع تطور العلاج النفسى وارتفاع المستوى الحضارى والثقافى تغيرت نظرة المجتمع حتى عند المستويات البسيطة و الغير متعلمه من المجتمع فأصبح الناس يدركون انه مرض مثل باقى الامراض يمكن شفائه و التعايش معه ودمجه فى المجتمع .
س . هناك مرضى عقليين بالشوارع و مجهولى الهوية ايضا فما دور المستشفى معهم
اولا هناك فرق بين مجهول الهوية و عندما يتم القبض عليه يدعى الجنون و بين المختل عقليا بالفعل فليس كل مجهول الهوية مختل عقليا
ثانيا الاختلال العقلى لا يعنى انخفاض مستوى الذكاء فلا تندهشوا اذا علمتم ان مرضانا اغلبهم من مرتفعى الذكاء و لكن ما اوصلهم الى هذا الحال سؤ التفكير و عدم الادراك العقلى الجيد لحقيقة الامور فهناك يعتقد انه اعظم انسان فى الكون و هو ليس كذلك و من يعتقد انه مضطهد من الجميع او من لدية هلاوس انه نبى يوحى له من السماء كل هذه النوعيات من المرضى عندما يتعاملون مع الناس سيحدث صدام حتما و سيرفضهم الاخرين فيصلون الى الانعزال و لفظ المجتمع هم و منهم طلبة جامعيين و متفوقين ففشلوا فى الدراسة و عاشو فى مستوى اقل من المتوقع لهم
ثالثا نأتى للحديث عن الذكاء و الذكاء أحد القدرات العقلية و ليس جميعها ربما نجد انسان قليل الذكاء و لكنه يتمتع بحب الناس و يدرك محبة الناس له و هذه الفئة نجدها فى كثيرين من الناس
- الفئة الاولى - فهم اقل من 100 درجة و حتى 75 درجة و هم لديهم بطئ فى التعلم و يتعلمون فى مدارس التربية الفكرية و يصلون الى مرحلة من التعليم بعدها يتعلمون حرف بسيطة و يعملون و يتم دمجهم فى المجتمع .
- الفئة الثانية – أقل من 75 درجة و حتى 50 درجة و هؤلاء قابلين للتعلم بدرجة اقل و ايضا يتم تدريبهم و دمجهم فى المجتمع
- الفئة الثالثة – من 50 و حتى الى 40 درجة و هو قابل للتدريب فقط ولكنه غير قابل للتعليم و يتدرب على العناية بالذات
- الفئة الرابعة - من 39 الى 25 و هو غير قابل للتدريب حتى على العناية بالذات و يحتاج لرعاية كاملة كطفل رضيع
- الفئة الخامسة – الاشد اعاقة لا يعتمد على نفسه مطلقا و لا يدرك للمخاطر حتى انه لا يدرك خطورة النار اذا رأى النار امامه و لا يدرك المسافات او الابعاد و يحتاج رعاية شديدة
و رجوعا الى موضوع المختلين مجهولى الهوية فالمستشفى لدينا غير معدة طبيا للايواء او رعاية هذه الفئة فالمستشفى لعلاج الحالات المريضه نفسيا و عصبيا و اقصى مدة للاقامة هنا ثلاثة شهور بعدها يخرج المريض لممارسة حياته الطبيعية فكما ذكرنا مرضانا فعلا اذكياء
اما الجانب الايوائى فيوجد فى مكانين هو مستشفى العباسية و مستشفى الخانكة بالقاهرة و فيها اقسام معدة لاستقبال تلك الحالات
ختاما
فقد تطور علاج الامراض النفسية و العصبية و تطورت معه نظرة المجتمع لهؤلاء المرضى و لازلنا ننتظر من الدولة المصرية الكثير من الرعاية للمرضى النفسيين و العقليين و محدودى الذكاء لكى يحيوا حياة كريمة
الفيديو من داخل مستشفى الصحة النفسية ببورسعيد
ساحة النقاش