أعتدت في الحياة العملية الفصل بين شخصيتي الإنسانية التى تهوى الكتابة والبحث وراء قصص البطولة والقصص الإنسانية والتصوير أحياناً، وبين العمل الوظيفي الحافل باللوائح والقوانين والحسابات والأرقام، رغم ما يحمله هذا العمل من قدر كبير من اداء الواجب الإنساني في مشروع قومي مثل التأمين الصحي الشامل، وجاءت محاولتي لهذا الفصل بين الشخصيتين الانسانية والوظيفية لقناعتي أن الوظيفة لن تدوم رغم أن الأعمال لا تفني وسيأتي يوم تفتح لي الوظيفة بوابة الخروج وكلا ًمنا مخير في اختيار نوع الخروج فإما الخروج بشرف أو الخروج الغير مأسوفاً عليه ، وهكذا أعيش حياة التنقل والترحال بين الوظيفة التى يكون الانسان فيها غير مخير في اختيار من يتعامل معهم من الشخصيات، وبين عالم الكتابة الذي انتقى شخصياته من عظماء وشرفاء مصر، وفي ذات يوم وظيفي عادي أؤدي فيه أعمالي المكلفة بها علمت بزيارة مرتقبة لأعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب فأدركت أن من بينهم النائبة البرلمانية دكتورة سهير عبد الحميد فتمنيت على الله أن أرها خاصة أننى لم ألتقي بها منذ ستة أشهر رغم تواصلها الدائم والمستمر مع كل محبيها خاصة أبناء الهيئة الذين تعتبرهم أبناء أسرة واحدة.
لقد تمنيت على الله تلك الأمنية لعدم استطاعتي ترك موقعي الخدمي مع المواطنين ولو لدقائق معدودة ولم يخيب الله رجائي فأثناء صعودي سلم مقر الهيئات لمنظومة التأمين الصحي الشامل ببورسعيد لإعتماد أوراق بعض المواطنين رأيت أعضاء الوفد البرلماني وفوراً وجدت الدكتورة سهير عبد الحميد ترحب بي وتسألني عن حالي فأجبتها وأنا في قمة سعادتي ومضى الوفد ومعهم دكتورة سهير عبد الحميد ومضيت إلى عملي ووجدتني أقاوم دموعي ولست ممن ينساقون خلف العواطف أو ذوي الدموع القريبة لذلك كان علي أن أتوقف مع نفسي وأسألها ذلك السؤال لماذا بكيت عندما رأيت النائبة البرلمانية دكتورة سهير عبد الحميد ؟
شريط من الذكريات يمر أرويه للقارئ لأن فيه مدعاة للتأمل ففي 27 يونيو 2018 صدر قرار وزيرة الصحة (336) لسنة 2018 بتعيين الدكتورة سهير عبد الحميد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي والتي كانت تشغل منصب مدير عام فرع القاهرة، ورغم كل الحملات الفيسبوكيه للنيل منها مضت الدكتورة سهير عبد الحميد في عملها بخطوات ثابته واثقة ، وكنت دائماً أتسآل ما كل هذا الهجوم والقصص المرعبة التى يرويها البعض على الفيسبوك عن شخصية الدكتورة سهير حتى عملت معها عن قرب وأدركت الحقيقة بنفسي .
إن الدكتورة سهير عبد الحميد لا تحب كلمة كله تمام لأنها تريد أن ترى بنفسها فتمر على غرف المرضى وتسألهم دون إجهاد أو ملل، وتقف مع العمال والبنائين في مواقع العمل كما لو كانت خريجة هندسة لتتابع بنفسها وتلتقط عينها موضع الخلل فهي المدير الحازم العادل القوي الذي يعاقب بحزم وفي نفس الوقت هي السند لكل موظف امين مجتهد وهنا أدركت ما سر الحملة الفيسبوكية وتيقنت أنهم حزب أعداء النجاح وهو أمر طبيعي في كل زمان ومكان، وبعد فترة وجيزة تم إختيار الدكتورة سهير عبد الحميد مديرة لمشروع التأمين الصحي الشامل لتقود من خلالها منظومة التطوير للمستشفيات والوحدات المنفذة للمشروع لدرجة أن من يعملون معها كانت أوقات راحتهم ونومهم في أغلب الأوقات يختلسوها في السيارة أثناء ساعات السفر والتنقل بين محافظات الجمهورية
مضت الأيام حتى فتحت الوظيفة باب الخروج بشرف للدكتورة سهير عبد الحميد لبلوغها السن القانوني وهنا أستطعت أن اقول للدكتورة سهير عبد الحميد أنني احبها بصدق ودون تملق أو رياء الموظف لرئيس هيئته .
لقد نبعت تلك المحبة من مواقف كثيرة بعضها يتعلق بقضاء حوائج المرضى البسطاء على يد دكتورة سهير عبد الحميد وبعضها يتعلق بالأمانة وعدم مخالفة الضمير من جانبي وهو الأمر الذي دعمتني فيه وأحترمتني لأجله وبعضها يتعلق بأسس العمل الوظيفي القائم على الأمانة والثقة وإحترام الأخر وكلها أمور تدور في فلك القيم والمبادئ والمثل العليا التى يروج لها البعض بكونها بضاعة راكدة .
إن من يرى النائبة البرلمانية الدكتورة سهير عبد الحميد اليوم يدرك أن البضاعة لم تكن راكدة وان ميزان العدل قائم وعليه لا يستوى الذين يعملون والذين لا يعملون ، ولايستوى الطيب والخبيث، ولا يستوى من دخل الحياة الوظيفية لينفع الناس ويضيف إلى عمله وينفع ذاته بمن دخلها ليوقع في دفاتر الحضور والإنصراف فلم يزد على العمل الوظيفي شيء فأصبح هو زيادة عليه وراتب يصرف في مقابل بطالة مقنعة ، فاليوم بعدما تركت الدكتورة سهير عبد الحميد موقعها الوظيفي، يُسمع عنها في وسائل الإعلام المسموع والمرئية ويُقرأ عنها في الصحف ومحاضر مجالس البرلمان المصري وفي صفحات تاريخ المنظومة الصحية في مصر ، لأنها هي من صنعت مكانتها والوظيفة لم تصنعها ، أما أصحاب الأصابع العابثة على صفحات الفيسبوك فمثل أهل الكهف هم أيقاظ نيام ويمكن تلخيص سيرتهم في سطر واحد بقواعد بيانات السجل المدني التي يكون ملخص البعض فيها رقم قومي .
إن تلك الدموع هي دموع السعادة والفرح لنجاح من أحببت من أهلك وأحبابك
إنها دموع الرضا عن الله لما أنعم به علي البشرية من ميزان العدل الإلهي الذي يعطي كل ذي حق حقه.
إنها دموع الأمل والرجاء في نائبة برلمانية على قدر المسئولية التي وكلت إليها لعلمها وخبرتها.
إنها أيضاً دموع السعادة والفخر التي أشعر بها تجاه مصرية عظيمة ونموذج مشرف للطبيبة المصرية التي شرفت بالعمل معها وأتشرف بعلاقتي الطيبة بها وأن أكون واحدة ممن تتلمذوا على يديها وتعلموا منها معاني كثيرة لا تقل في قيمتها عن معاني أخرى تعلمتها من أبطال ورموز وشرفاء مصر العظماء .
إنها دموع الإيمان واليقين التي تقول أن المخلص الأمين المجتهد مهما واجه من حروب قادها الحاقدين وأعداء النجاح فلا يكترث لأن هذا الكون محكوم بميزان العدل الإلهي ووعد الله الحق للصادقين المخلصين العاملين لصالح الناس ولرفعة أوطانهم.
ساحة النقاش