جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
في الجلسات و النقاشات الكثيرة التي لا تتوقف هذه الأيام الحيوية جدا في عمر مصر و المصرييين يقف البعض عند سؤال هام جدا : " هل المصريون مؤهلون للديمقراطية ؟ " و الحق أن السؤال يحتاج لصياغة مختلفة لأن الاسئلة المغلقة تتطلب إجابة بنعم وأو لا ؛ و لا يعنينا هنا أن نقول مجاملة " نعم " أو نقول ظلما " لا . و لذا الأولى بنا أن نسأل السؤال كالآتي : كيف نؤهل شعوبنا العظيمة للعيش في ظل وضع جديد من الديمقراطية و الحرية ؟
و هو سؤال هام جدا لابد أن نلتفت إليه في مسيرة التغيير ؛ بنفس القدر الذي نلتفت به للصياغات للوصول للحرية و الديمقراطية .. فلن يفيدنا كمجتمع أن تكون آليات التعبير ممكنة في حين القدرة على التعبير لدى الأفراد منقوصة ؛ لن يفيدنا أن تكون قنوات الديمقراطية و حرية الانتخاب مثلا مكفولة في حين أن قدرة الأفراد على التقييم الصحيح و التفكير الناقد و الوصول للمعرفة و الاختيار السليم معطلة و مبتسرة .. لن يفيدنا أن يكون هناك مئات أو عشرات الأحزاب السياسية الجديدة في حين أن التأهيل السياسي أو التربية السياسية التي تمكن من المشاركة عشوائية و ضبابية .
أقول أننا بحاجة لأن نلتفت سريعا جدا لتأهيل البشر المنوط بهم ممارسة الديمقراطية حتى تؤتي ثمارها التي حلمنا بها منذ ولدنا .. لابد أن ننتبه لأننا بحاجة لجيوش جرارة تؤهل شعوبنا و تعلم أطفالنا و كبارنا كثيرا مما سقط عن تعليمنا و هو كثير " دون مجاملة " .
فكيف اختار ممثلا لي في مجلس الشعب مثلا دون أن اعرف كيف اختار و دون أن اعرف معلومات حقيقية و طريقة لتمحيص هذه المعلومات لأستبين الحق من الغي فيها .. كيف يمكنني أن أفكر في الانضمام لحزب مثلا دون أن أهضم قدرا معقولا من المعرفة السياسية و الإجتماعية ؛ و دون أن أتمكن من فهم أهم الحقائق السياسية التي وضح جليا في مرحلة الثورة أن الأبجديات الأساسية منها غائبة و مجهولة لدى غالبية لا بأس بها ممن يفترض أنهم سيعيشون الديمقراطية و يمارسونها .
لنتمكن من اتخاذ أي قرار نحن بحاجة لأمرين : معرفة صحيحة ؛ و خلاط للتعامل مع هذه المعرفة " عقل سليم " . و كلاهما بحاجة للعمل عليه : اكتساب المعرفة الصحيحة ؛ و اكتساب أدوات التفكير التي تساعد على هضم هذه المعرفة و ترتيبها و نقدها و تحليلها و الإبداع بناء عليها .
و أزغم أن هذه فرض عين في لحظتنا الراهنة و ليس أبدا فرض كفاية .. البعض ينشغل جدا في مساحة تفعيل الديمقراطية و إجراء الإصلاحات و متابعة الفساد و غيره من ملفات التغيير الهامة ؛ إلا أني لا أرى بالقدر نفسه تأهيلا للمستخدم الأساسي لنناج هذه الملفات " الإنسان " !
و ادرك أننا في لحظة ترتيب أوراق بما تحمله من ارتباك كبير و لأن العجلة تدور أسرع كثيرا من إمكانية الانتظار ؛ لذا علينا التحرك حالا و فورا لنفكر في مسارات للتعليم غير الرسمي ليقوم بدوره في تعليم شعبنا الرائع حقوقه وواجباته و دوره في المرحلة المقبلة ؛ و أزعم أن الإعلام صاحب الدور الأكبر و الصوت الأعلى في هذه المضمار . كما يمكن للكثير من المبادرات من الأفراد و من المجتمع الأهلي أن تسرع الخطى لتبدأ تنفيذ بعض أفكارها حتى نضمن قدرا معقولا من النتائج قبل الانتخابات المقبلة على الأقل .
و لعل أهم ما اقترح العمل عليه هو ملف التربية السياسية الذي يعين الأفراد على فهم حقيقة ما يجري ؛ و فهم الأبجديات الأولى عن السياسة و الحقوق و الواجبات و هيئات المجتمع المختلفة و أدوارها ؛ .........و الكثير الذي يمكننا أن نحصيه إن لزم الأمر لنبدأ فورا العمل عليه .
و الله المستعان
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري
ساحة النقاش