جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
هذه ليست بدعة ؛ فكم حلمت أن يكون لدينا وزارة لتنمية القدرات و الذكاءات و التفكير .. و قد سبقني ماتشادو في هذا الحلم منذ زمن ..
و ألبرت لويس ماتشادو هذا الذي تبرق روحه وسط أحداث ثورتنا البشرية الذكية هو أول وزير للذكاء في العالم في فنزويلا . تقدم ماتشادو بفكرته عام 1978 لعمل أول وزارة في تاريخ الإنسانية لتعليم الذكاء ؛ و هي وزارة غريبة من نوعها لم توجد قبل ماتشادو و لكني أتمنى أن توجد بعده و تعود لها الروح في بلد عودة الروح " مصر " .
فما أحوجنا لمثل هذه الوزارة المبدعة في وقت ثروتنا الحقيقة هي نفس الثروة التي عبر عنها الحكيم الياباني حين قال : " تعيش الشعوب على ثروات تحت أقدامها ؛ تنفذ بمرور الوقت بيما نعيش على ثروات فوق رؤوسا تعطينا بقدر ما نأخذ منها " ..
أتدورن ما هذا الي يتحدث عنه الياباني " ثروة العقل " ثراوات الذكاءات و القدرات و المواهب التي تعتمد عليها الشعوب كممهد أساسي و حيوي للتنمية ..
يقول لويس ألبرت ماتشادو في كتابه الذكاء حق طبيعي لكل فرد الذي ترجمه دكتور عادل عبدالكريم ياسين عام 2002: "إنَّ التقدم والتخلف قضيتان جذورهما فكرية ، وتتمحوران حول المنهجية واللامنهجية، وليست التكنولوجيا عملاً خارقاً أو مستحيلاً على أي شعب إذا ما أُتيح له تربية العقل المنهجي الذي تعلَّم كيف يفكر، فالتكنولوجيا هي إبداع العقل المنهجي، والتربية مجال بناء هذا العقل، فإذا أسهمت التربية بهذا، استطاعت أن تقلّص الفجوة بين التخلف والتقدم" .
عشت للأسف سنوات أحاول أن أثبت أن الشمس تشرق ؛ حقيقة بديهية و لكني كنت مضطرة لإثباتها و لكن يبدو أن المناخ لم يكون مؤهلا لتقبلها ؛ و ما أعنيه أني كثيرا ما حاولت أن أعبر عن فكرة أنه لا نهضة مطلقا دون تعليم و دون رعاية للمواهب و دون اكتشاف و تنمية للقدرات ؛ و دون تنمية مهارات التفكير .. و لكن أحمد الله أن جاء اليوم الذي يمهد فيه كل العاقلين لوضع هذه الفكرة موضع التنفيذ .
ترى هل يمكننا في هذا اليوم الصبوح البهي الذي ثار شعبنا الجميل حتى وصلنا جميعا لكثير مما كنا نتمناه - و ظهر جيدا كيف أن التعليم كان لاعبا أساسيا في الومضات الأولى لبدء هذا الزلزال البشري ؛ و هذه المعجزة المعبرة بحق عن " روعة البشر " – أن نركزبحق على تنمية و تأهيل و تعليم البشر .. فهذه الثورة بشر في بشر ؛ صنعها بشر و هدفها بشر و أدواتها بشر .. هؤلاء البشر الذين تجاهلهم صانعو القرار في سنوات يصعب علينا عدها ؛ تجاهلوا تعليمهم ؛ و تثقيفهم ؛ و صناعة وعيهم و تشكيله بل تجاهلوا كل مكون أساسي في الإنسان من عقل و روح و مشاعر .. فقط وقفوا كثيرا ليعيرونا و يحدثونا عن " تحديد نسل و موارد طبيعية " والكثير من الكلام التعيس الذي أنفقوا كثيرا من مواردنا التي يتحدثون عن قلتها ليقنعوا شعبا بأكاذيب سواء عن طريق وزارات تعمل لهذا العمل ؛ أو تعليما يكرس لهذه الفكرة في موضوعات القراءة للصغار و يمتحنهم في تذكر الحقائق التي جاءت في الدرس حول أن تحديد النسل مسألة تحتمها الوطنية ؛ أو حتى إعلاما أوجع عقولنا و قلوبنا كثيرا بتصويره أن الدولة " الغلبانة معانا بتشحت علينا " .
و الآن يمكننا العودة للعقل و المنطق و الضمير لنسلك مسلك كثير من الدول التي أجادت فهم و استثمار قوة البشر ..
الآن و حالا -على طريقة الثورة العزيزة جدا – آن أوان أن نفكر بجدية و يقين و إيمان حقيقي أن هؤلاء البشر يجب تأهيلهم و تعليمهم و تمكينهم من أدوات عيشهم ..
آن الأوان ليكون التعليم أولوية شعبية و حكومية .. آن الأوان لندرس تجارب الشعوب التي حققت حريتها و كرامتها و رخاءها بالتعليم .. آن الأوان لأن نطالب بحكومة لتعليم التفكير و تنمية القدرات .. فهل من مجيب ؟!
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري
ساحة النقاش