نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

                 

 أعترف قارئي العزيز بعجزي، إذ أنني عندما جلست إلى طاولتي لأشرف بالإطلال عليكم من نافذتي هذه، التي أقدر لكم ولإدارة الموقع إتاحتها لي، كانت تلح علي قلمي عدد من الموضوعات والقضايا التي ظننت لها الأهمية والأولوية، وما أكثرها في مجتمعنا الذي يعتمل بالتحولات والذي يعج بالمتغيرات، ولكني لم أستطع فكاكا من فكرة ألحت على خاطري وفرضت نفسها على قلمي، وهي ما دار من أحداث مؤسفة سبقت وتزامنت ولحقت بمباراتي الفصل بين منتخبي مصر والجزائر على جدول السباق الأفريقي للتأهل لنهائيات كأس العالم القادمة (جنوب أفريقيا-2010). أقر أنني حاولت النأي بقلمي عن هذه الإشكالية الشائكة، وأعترف بأني تملصت –أو اجتهدت في فعل ذلك- من تناول هذا الموضوع الذي يستحوذ حاليا على اهتمام الجماهير ركوبا للموجة، وقاومت أن أنساق إلى هذه الحرب الإعلامية الضروس، التي تكاد أن تعلنها حربا للبسوس بين البلدين الشقيقين. أقر وأعترف بكل هذا، إلا أنني وجدت نفسي في النهاية، في حاجة ملحة للتحاور معكم قرائي الأعزاء فيها وفي خلفياتها وشواهدها وظواهرها ومؤشراتها وتداعياتها، أكتب فيها استجابة لإلحاح الفكرة ولنداءات القلم، واحتراما لمشاعر الجماهير المصرية والعربية وتقديرا لأولوياتها، وأيضا ولا أستطيع أن أخفي أو أنكر، تعبيرا عن جراح نافذة أصابت قلبي ونزيف صامت يدمي كبدي وآلام عميقة تعانيها روحي، جراء ما نراه جميعا من شواهد تشير بوضوح إلى ما اعترى الروح القومية من وهن، وما أصاب الجسد العربي من ضعف، وما ابتليت به المبادئ والثوابت والأخلاقيات والسلوكيات بمجتمعاتنا العربية من ردة وتراجع، بالرغم من أن ظواهر الأمور بالشارع العربي والإسلامي قد لا تدل على ذلك.

                              

بداية دعونا نؤكد أن الرياضة بصفة عامة وخاصة منها كرة القدم، على مكانتها وتأثيرها في كافة شعوب الأرض، وأن مكسب أو خسارة مباراة رياضية هنا أو هناك، أو الوصول إلى نهائيات كأس العالم أو الخروج منها، كل هذه الاعتبارات الهامة، لا تصلح مبررا لما حدث من حروب دعائية وإعلامية استخدمت فيها الفضائيات ومواقع النت ثم تلتهما وسائل الإعلام كافة، استخدموا جميع الأسلحة اللا أخلاقية وغير المشروعة بغرض التعبئة والإثارة والتهييج واللعب على مشاعر البسطاء. وربما لم يكن مقصودا منذ البداية أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه من هذا السقوط والتردي، ربما كان المقصود هو ممارسة نوع من الحرب النفسية أو الضغوط العصبية على اللاعبين وأجهزتهم الفنية إذكاء للتنافسية وإلهابا للحمية الكروية والوطنية لدى جماهير المشجعين، ولكن كيف بعد ذلك غاب العقل، وكيف غامت الرؤية ففقدنا الهدف، وكيف انفلت الزمام، وكيف تبودلت الأعيرة الطائشة فتحولت المنافسة الرياضية التي يفترض أن تحكمها قواعد الشرف والتسامح والتحضر إلى مباريات في القذف والسب والشتم والإهانة والتضحية بكل غال وثمين من تراث إسلامي وعروبي وقومي، كافحنا مريرا لإثباته وتثبيته، وفديناه من دمائنا المشتركة على الجانبين؟، كيف وكيف، إنها أسئلة يجب ألا تظل طويلا بلا إجابات واضحة ومباشرة ومكاشفة. ولعل أكثر ما يدهش ويثير ويؤلم في هذه الملهاة المأساة أن يحدث كل هذا التفرق والتشرذم لسبب واه، أو هكذا هو يبدو لنا، في الوقت الذي يتوجه فيه الحجيج من كل حدب وصوب إلى بيت الله الحرام، في هذه الأيام الحرم، دلالة على وحدة الهدف والتوجه والمصير.

                     

إن النظرة المتأنية إلى أحداث وتداعيات مباراتي الحسم بين منتخبي مصر والجزائر لا بد وأن تدفعنا للبحث والتدقيق في الدوافع الخفية التي تقف في خلفية هذه الاستجابات الحادة والعنيفة والاستفزازية، ولا أقول الهمجية والبربرية، للجماهير خاصة من الجانب الجزائري، إذ نتمنى أن يقف الحكماء والعقلاء والراشدون من أبناء هذه الأمة طويلا أمام هذه الظواهر المقلقة، ونتوقع أن يعكف الخبراء منهم في مجالات الاستراتيجية والسياسة والإعلام والاجتماع على قراءة ودراسة وتأصيل وتحليل هذه المؤشرات السلبية التي لم يعد منطقيا أو مقبولا تجاهلها أو غض الطرف عنها، واقتراح الحلول الجذرية والناجعة لها.

           

 ولا يجب أن نتعامل مع الواقعة وكأنها زوبعة في فنجان تنتهي بالاعتذار وبالتراضي أو بأي معالجة أخرى، ولكن يجب أن ننظر إليها بوصفها نارا تشتعل تحت الرماد، أو مرجلا يغلي وينتظر من يرفع عنه الغطاء. إننا لا يجب أن ننسى في كل الأحوال أعداءنا الحقيقيين المتربصين، بل ويجب أن نتذكر دائما أننا أمة العرب والمسلمين، أمة واحدة، هكذا أرادت لنا وبنا إرادة الله، تجمعنا قواسم التاريخ والجغرافيا واللغة والدين. وبالرغم من كل ذلك، فلست من أنصار التساهل والتهاون في حق الوطن ومواطنيه، وأنضم إلى جموع المصريين رافعة لافتة "عاوز حقي"، مع استئذان الفنان هاني رمزي. نعم نحن نريد حقنا بالأدب وبالنظام وبالقانون ممن تجاوزوا بحق مصر وتاريخها وشعبها، وليس بشئ آخر. وكل عام وأمة العرب والإسلام أكثر قربا وتعاونا وتفاهما واتحادا، قادر يا كريم، إنه سميع بصير مجيب الدعوات.وكل سنة وأنتم طيبين

المصدر: بقلم: دكتورة/ حنان راشد
  • Currently 143/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
47 تصويتات / 727 مشاهدة
نشرت فى 24 نوفمبر 2009 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

641,812

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه