نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

   محمد عبد المنعم الصاوي

 

هذه المرة لم تُصبنى حيرة اختيار موضوع المقال، تذكرة النفس فرضت نفسها علىّ بغير منافس، خصوصا بعد أن أقسمت بالله العظيم أن أؤدى واجبى بأمانة كوزير للثقافة.

قررت أن أستعيد معكم بعض الملامح الأساسية التى دارت حولها مقالاتى على مدى خمسة عشر شهرا فى نفس هذه الصفحة.

كتبت كل مقالاتى السابقة من موقع المراقب أو الناقد أو المعارض أو المتضرر.. اليوم وقد انتقلت إلى موقع من مواقع المسؤولية أسارع بتوريط نفسى، وأُذكّرها بما أتمنى أن أتعامل معه على أنه ميثاق عملى الجديد:

كتبت مرة مقالاً بعنوان «من الذى يدفع ثمن الذعر؟» منتقدًا مواكب المسؤولين، وتعاليها على المواطنين بتصنيف أصحابها فوقهم، وتمييزهم بدرجة تتنافى مع أول بنود حقوق الإنسان وهو بند المساواة.

كذلك سخرت من المصروفات الباهظة التى تصرفها الأجهزة الأمنية لتأمين سلامة المسؤولين وتصفيح سياراتهم لحمايتهم، وكأنهم ثروة قومية لا تُعوَّض! أعى تماما أنه لم ولن يُخلق مَن تتوقف عليه حياة الناس.. لذلك قررت أن أقود سيارتى فى أول اليوم وآخره، وأن أسير على قدمىّ دون حراسة كما اعتدت طوال عمرى.

كتبت أيضًا بعنوان «النفاق هو الأسوأ على الإطلاق»، وهو عنوان لا يحتاج إلا إلى توضيح بسيط، فأنا أعنى النفاق فى الاتجاهين: لن أنافِق، ولن أترك أحدا ينافقنى.

الشهر الماضى - وبمجرد اندلاع أحداث تونس- كتبت «المياه والإرادة الشعبية».. مقال سجلت فيه أن المياه والإرادة الشعبية لا يقاوَمان، وهما -لابُدّ- منتصران.

درس علمنى أن الشعب هو السيد، وأن الحكام خدمٌ له.. مفهوم استقر فى كل الديمقراطيات الناضجة، ولم نكتشفه إلا مع ثورتنا العظيمة التى اشتعلت يوم 25 يناير، ونتمنى ألا تنطفئ شعلتها المتقدة أبدًا.

فى كثير من المقالات أوضحت كراهيتى الشديدة للاستثناءات، فهى فى رأيى مفتاح كل فساد، وهى الأم الشرعية لأبعد الأعمال عن الشرعية.. أعنى الرشوة. نعم، أقسم بالله العظيم أنى لن أسمح بأى استثناءات، ولن أتهاون مع مفسد أو فاسد، راشٍ أو مرتشٍ.

كنا فى انتظار حدث عظيم كى نتغير، وها هى الثورة الشريفة قد وقعت، وأوقعت صروح الفساد والظلم والتمييز البغيض. فى مقال آخر تهورت، ودعوت صراحة للتغيير، وتعجبت من رفضنا للتغيير تحت ادّعاء «اللى تعرفه أحسن من اللى ماتعرفوش»: أحد أمثلتنا الشعبية التى تستخدم كثيرًا فى غير مكانها.

كتبتُ عن أهمية المنهجية، والتفكير الجماعى، ودور النقد، وضرورة توفير المعلومات، والشفافية المتناهية بدلاً من التعتيم المشبوه الذى لابُدّ أن يُفقِد الناس الثقة فى الحكم. دعوت كثيرًا إلى حرية التعبير التى تقوم عليها كرامتنا جميعًا.. الحرية المسؤولة اختبارٌ صعبٌ أدخله مطمئناً بعد أن اكتشفت المعادلة الدقيقة بين حرية التعبير التى ترتكز عليها كل الحريات واحترام هوية المجتمع المصرى وعمقها التاريخى.

أستكمل هذه النقطة بتذكير نفسى بأنى من أكثر المنحازين لعدم فرض أى شىء بالقوة أو بالقوانين واللوائح، فالأولى بنا أن نلجأ إلى الحكمة ونشر الوعى على أوسع نطاق حتى يتجنب أبناؤنا التدخين والمخدرات وباقى القائمة التى تهدم المجتمع وتَحُول دون تحقيق طموحاته.

يومًا ما كتبتُ عبارة تعلمتها من أبى: «الحريات لا تُمنَح»، عبارة أعتبرها حجر الأساس لثقافة الثورة التى يجب أن نغرسها فى ضمائرنا حتى تترسخ وتترسب على جيناتنا، فنورثها بعد رحيلنا لكل الأجيال القادمة لمواجهة أىِّ باطش أو طاغية.

كثيرًا ما كتبتُ عن الدين فى مصر موضحًا أنى أَعنِى به الإسلام والمسيحية معًا متمسكًا بحرية العقيدة.. الذعر من الدين أصاب النظام الراسب فى أول امتحان يُجرَى بدون غش.. سقط النظام، وبقى الدين ليؤدى دوره المتسامح فى دولة حديثة تدرك أن وصفها بالمدنية لا يعنى أبدًا أنها لا دينية تتنكر لرسالات السماء كمصدر للقيم والأخلاق التى صيغت لاحقًا على شكل دساتير وقوانين.

التنوير -كان ولايزال- همى الأكبر، وقد سعيت لنشره مع الفكر والفن والثقافة من خلال الساقية.. الآن أصبح من واجبى نشرها جميعًا على أوسع نطاق.

قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون كَبُرَ مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون». راقِبونى، واطردونى من خدمتكم عند أول انحراف عمَّا سجَّلْتُه على نفسى من تعهدات.

*وزير الثقافة فى التشكيل الجديد للحكومة

المصدر: نقلا عن المصري اليوم 24/2/2011
  • Currently 49/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 295 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2011 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

619,748

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه