العيادة تكاد تكون ممتلئة بالمرضى ويزيدها جو الصيف الحار اختناقا غير أن مروحة تدور في حركات بطيئة تخفف وطئ الاحساس بالحرارة الى حد ما وبقميص صيفي وشعر مجعد لايبدو عليه أنه لايعتني به ربما من فرط احساسه بألم الحموضه الذي يلاحقه بين حين وآخر يجلس قلقا من جراء ألم الحموضة مترقبا دوره للدخول للطبيب لحظات حتى قام يسأل الممرضة في همس متعجلا الدخول ممسكا بيده صدره وفوجئت الممرضة برأسه فوق رأسها حتى هالها المنظر بينما كانت منهمكة تقلب في بعض أوراق العيادة لكنها احتفظت برباطة جأشها ثم ردت في هدوء :
اجلس يا استاذ دورك لسه
قال : معلش أنا تعبان حاسس كأني وقبل أن يكمل عبارته بادرته الممرضة الشابة بابتسامة هي من حيثيات عملها مع المرضى والزائرين للعيادة حيث اردفت : سلامتك يا استاذ رؤوف الدكتور لن يتأخر فما كان منه إلا أن عادمتكأ في مقعده الجلدي ثم أخذ نفسا عميقا متحولا ببصره هنا وهناك محاولا أن ينس الشعور بالالم فالمرضى كلهم جالسون ينتظرون أيضا لكن في صمت وكأن على رؤسهم الطير غير أن البعض منهم تناول شيئا من الجرائد أو المجلات المنثورة على طاولة صغيرة تتوسط صالة الانتظار ليقطع بها الوقت حتى يؤذن لهم بالدخول
لحظات ونادت الممرضة واحدا من المرضى فاذا بصاحبنايهم مسرعا بالدخول قبله فنظرت اليه الممرضة بهدوء تعودته في حالات مماثلة
وقالت : لسه يا استاذ إن شاء الله أنت بعده !!
عاد ثانية الى مقعده وكأنه قد شعر بالخجل هذه المرة ربما أحس نظرة دهشة من الجالسين لما بدر منه ثم لمح بعينيه صورة على غلاف احدى المجلات الموضوعة على الطاولة إنها لمنافسه اللدود في مركز البحث العلمي دكتور بهجت أثارت لديه المجلة شجونا كثيرة أبحاثه ومحاولاته لم تلقى بعد قبولا رغم أنه قد سبق منافسه دكتور بهجت حتى باعتراف بهجت نفسه ثم تذكر كلماته :
أنا باحييك يا رؤوف أنا لو بيدي لأعطيتك نوبل عن جدارة ! وتسآل في نفسه : كيف ؟ ومتى وصلت اليه الصحافة والاعلام والاضواء ؟ وهاجت في داخله وساوس زاد معها ألم الحموضة ثم تناسى للحظات الشعوربالحموضة وأمسك بالمجلة حتى وصل الى الصفحة التي يريدها وتابع يقرأ حوار منافسه وظل يقرأ ثم لحظات فوجئ بالممرضة فوق رأسه وقد كانت تناديه منذ دقائق وكأنه غاب عن السمع :
يأاستاذ رؤوف دورك التفت اليها بسرعة ثم قام لتوه مسرعا بالدخول الى الطبيب و بيده المجلة ما أثار ابتسامة الممرضة والتي حركت رأسها في دهشة
رحب به الطبيب بابتسامة عريضة وقام اليه مصافحا : أهلا دكتور رؤوف وبادله المصافحة و كأنه لم يكن قلقا من قبل حيث بدت على ملامحه أنه غير مكترث و طلب منه الطبيب الرقود على السريرفامتثل لأمره وتابع ما طلب اليه الطبيب أن يؤديه أثناء الكشف بتلقائية معتادة في مثل هذه الأمور ثم جلس الطبيب الى مكتبه قائلا : دكتور رؤوف أنا شايف إن ماعندكش حاجة
قال : كيف والألم والتعب قال الطبيب : أنت متوتر شوية يا استاذ رؤوف وأنا هاكتب لك مهدأ سوف تستريح معه مع دواء للحموضة تاخده عند اللزوم لاحظ الطبيب أنه كان يحمل المجلة التي كان يقرأها في صالة العيادة وقد وضعها على مكتبه وهنا توقف الطبيب متبسما : إذا كان العدد من المجلة دي عاجبك خذه هدية مني وقد نسي بالفعل أنه دخل بهافبادر بالاسف ثم شاكرا للطبيب الذي قام معه وسأله : هل ذهبت لطبيب نفسي قبل ذلك يا استاذ رؤوف فرد قائلا : طبيب نفسي لا أبدا فاشار اليه في لطف ودبلوماسية بأن يتوجه الى الدكتور أحمد قائلا : حاول تزوره واحكي كل ما عندك أنصحك هاتشعر معه كأنه أخوك أو صديقك , وشكره ثم صافحه وقد نسي الشعور بالحموضة ممسكا مرة أخرى بالمجلة وخبر حوار منافسه معها الذي ظل يشغله وبدأ يفكر في نصيحة طبيبه
ساحة النقاش