نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

احتفال روتيني أصبح مكررا كل عام لأنَا قوم نقدس الذكرى فقط انه الاحتفال بعيد العمال !! احتفاء هل نوهم به أنفسنا أننا لازلنا على الدرب ؟ أم نتوسم خيرا فيما هو قادم , لنترك التحليل للاستاذ الدكنور محمدالمهدي الاستشاري النفسي العتيد ليعرض لنا  جانبا من الرأي في ذلك فيقول :ـ

--------------------------------------

                

 في عهد السادات بدأ التراجع في الحفاوة بالعمال والفلاحين والكادحين والمطحونين , وبدأ عصر الإنفتاح بفتح الأبواب على مصراعيها لرجال المال والأعمال يغترفون من ثروات البلد تحت دعوى تشجيع الإستثمار وتمهيد الطريق للإقتصاد الحر , والتحول من الإشتراكية للرأسمالية , ومنذ هذا الوقت وحتى الآن انقطعت الصلة الودية بين الدولة وبين الطبقات الفقيرة بكل تنويعاتها , وأصبح رجال المال والأعمال هم أصحاب الحظوة ومحل الحفاوة , وصارت ألقاب العمال والفلاحين صفات انتخابية يستخدمها الرأسماليون للوصول إلى مقاعد مجلسي الشعب والشورى لتسهيل مصالحهم وتأمين مكتسباتهم , أما العامل الحقيقي والفلاح الحقيقي فقد خرج من اللعبة تماما .
 واستمر نفس النهج في الثلاثين سنة الأخيرة, فبدلا من افتتاح المصانع أصبح هناك بيعا متسارعا للمصانع , وبدلا من الإحتفاء بالعمال والفرح بهم وهم يهتفون للثورة وزعيمها نجد الآن حكومة تهرب من مقرها في شارع القصر العيني حتى لا تواجه جموع العمال المفترشين للأرصفة هناك وتذهب لتعقد اجتماعاتها في "القرية الذكية" في "دريم لاند" بعيدا عن العمال وما يصدر عنهم من روائح وما يصدرونه من احتجاجات وصرخات . ولم يعد قصر الرئاسة في "منشية البكري" أو في "قصر القبة" في القاهرة قريبا من الناس بل صار هناك هناك بعيدا في شرم الشيخ حيث تفصله عن الناس مئات الأميال والتحصينات ونقاط التفتيش , ولم يعد العمال مصدر حفاوة للدولة بل صار منظرهم مثيرا للإشمئزاز , وأعدادهم الكثيرة مثيرة للغضب , ومطالبهم مثيرة للخوف والتوجس , ولم يعد العمال يرون القيادات تسلم عليهم في المناسبات وتهنئهم بالوظائف الجديدة وبالمنحة بل صار العمال لا يرون إلا جنود الأمن المركزي وهم يحوطونهم حتى لا ينتشروا كالوباء في أماكن اعتصامهم . وربما يرجع ذلك إلى إحساس المسئولين تجاه العمال حيث يرونهم كائنات زائدة عن حاجة العمل , وأنهم ليسوا ثروة بشرية يمكن الإستفادة منها بل مخلوقات طفيلية كثيرة الشكوى تتكاثر بشكل عشوائي وتسبب عبئا وحرجا للمسئولين على المستويات المختلفة .

            


 وهناك من يقول بأن العمال المفترشين للأرصفة ليسوا فوق مستوى المساءلة والمحاسبة فهم قد تركوا أعمالهم وأهملوا مسئولياتهم وهم يطالبون بزيادة الأجور دون أن يحسنوا من أدائهم ومن إنتاجيتهم وجودة عملهم , وأنهم أدمنوا الشكوى والبكاء وأهملوا العمل والإبداع . وقد يكون بعض ذلك صحيحا , ولكن علينا أن نعرف أن غالبية العمال هم من الفئات البسيطة التي لاتتمتع بمهارات حياتية عالية , وأنهم تحت الضغوط المزمنة قد يكتسبون صفات سلبية من التواكل والإعتمادية وإهمال العمل والتحايل على الإدارة وإدمان الشكوى والمطالبة بالحقوق دون تقديم الواجبات . وهذه الفئة تحتاج لمن يضعها في منظومة حياتية وإنتاجية مناسبة تخرج منها أفضل ما فيها , وتساعدها على الإتقان والإبداع وتحسين جودة الإنتاج وأن تكون هناك علاقة حقيقية بين أداء العامل وراتبه والحوافز التي يحصل عليها .
 إذن فتغير المشهد يستدعي مراجعة فكرة عيد العمال

إذ لم يعد ثمة أجواء عمالية تستدعي تسمية العيد , إذ كيف يعيش العامل عيدا وهو لايجد لقمة العيش له ولأولاده , وكيف يعيش عيدا والمستثمر الأجنبي يطرده من المصنع أو يهدده بالطرد ليصفي المصنع ويبيعه أرض بناء ويجني الأرباح الطائلة ويعود لبلده سالما غانما , وكيف يعيش عيدا وأولي الأمر يتأففون من منظره ومن رائحته ويعيشون بعيدا عنه وعن مشاكله التي لا تنتهي , وينظرون إليه على أنه ضيف غير مرغوب فيه . وليس فقط عيد العمال هو الذي يستدعي المراجعة بل أيضا عيد الفلاح وعيد العلم , إذ لم يعد ثمة اهتمام بالعامل أو الفلاح أو العلم . وربما من الأنسب أن يستبدل عيد العمال مثلا بعيد المال (نسبة إلى أصحاب الأموال الذين يرتعون ويسعدون بما كسبوا في هذا العصر) , أو عيد رجال الأعمال (حيث أنهم هم الطبقة المدللة في هذه الحقبة من الزمن) , أو أي اسم آخر غير عيد العمال الذي لم يصبح له وجود على أرض الواقع , بل أصبح مثارا للشفقة والسخرية .

              

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وللكلام بقية ؟

 


 

المصدر: من مقال للدكتور محمدالمهدي الاستشاري النفسي بعنوان ( هل مازال للعمال عيدا ؟) عنوان المقال الحالي من تصرف الموقع
  • Currently 138/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
46 تصويتات / 1282 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2010 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

619,106

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه