في عام 1967 نشر الشاعر الفلسطيني محمود درويش قصيدته "جندي يحلم بالزنابق البيضاء" التي جاء في مطلعها:
يحلم بالزنابق البيضاء
بغصن زيتون
بصدرها المورق في المساء
يحلم – قال لي- بطائر
بزهر ليمون.
هذه القصيدة جعلت البعض يتهم درويش بالعمالة لإسرائيل ، لأن القصيدة صورته وكأنه متعاطف مع هذا الجندي (الصهيوني) الذي كشف عن نفسه فيما بعد ، تحديدًا بعد أربعين عامًا ليتضح أنه المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند الذي أصبح معروفًا الآن في إسرائيل وأوروبا من خلال كتبه وتصريحاته التي عكست موقفًا مناوىء للفكر الصهيوني التلمودي . وأضحت كتبه التي يفند فيها الإدعاءات الصهيونية وترجمت إلى العديد من اللغات من أكثر الكتب مبيعًا في إسرائيل وفرنسا ، واستحق كتابه "اختراع الشعب اليهودي" الذي صدر في وقت سابق من هذا العام جائزة اليوم Prix Aujourd'hui الفرنسية التي جعلت من هذا الكاتب نجمًا لا يقل شهرة عن نجوم التليفزيون والسينما.
صور ساند في كتابه الأخير كيف قادت الأيدلوجية الصهيونية مشروع النزعة القومية اليهودية من خلال تحويل اليهودية إلى شيء شبيه بالقومية الألمانية نافيًا وجود شعب يهودي ومعتبرا أن ذلك لا يعدو كونه "أسطورة" قامت عليها دولة إسرائيل.
وأكد ساند في كتابه أن تدمير الرومان للهيكل الثاني عام 70 م لم يؤد – خلافًا لما يذهب إليه البعض- إلى نفي الرومان لهم ، فالرومان لم يثبت عنهم نفيهم لشعوب بأكملها ، إلى جانب أن اليهود كانوا موجودين في ذلك الوقت في مجتمعات أخرى في فارس ومصر وآسيا الصغرى وأماكن أخرى بأعداد وصلت إلى أربعة ملايين نسمة، وهو ما يعني بطلان مقولة إن فلسطين هي وطن الأجداد تمامًا مثل بطلان المبالغة حول مملكتي داود وسليمان الأسطورتين.
وأهمية الكتاب تكمن في تأكيده على ما سبق وأن أكده سابقًا أرثر كوستلر في كتابه "القبيلة الثالثة عشرة: "إمبراطورية الخزر وميراثها" التي نفى فيه أن يكون يهود اليوم هم أنفسهم اليهود الذين كانوا موجودين زمن السيد المسيح عليه السلام قبل نحو ألفي عام.
وقد خاطب ساند الأميركيين ذات يوم في محاضرة له في نيويورك بقوله : أتطلع إلى اليوم الذي يمكن فيه وضع حد للوبي إسرائيل في الولايات المتحدة وإنهاء أسطورة الإقصاء اليهودية ، وأن مصير إسرائيل ومصير الشرق الأوسط "يتوقف عليكم أنتم أيها الأميركيون .. وقد حان الوقت كي تنقذونا من أنفسنا" . وعندما سأله أحد الحضور: هل تخشى على حياتك؟ أجاب : أخشى على حياتي عندما أكون في نيويورك وليس في تل أبيب"!.
ساند أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب جذب الانتباه مجددًا خلال ندوة عقدت مساء الاثنين 7/12/2009 في إطار مهرجان "زمن الصور" في بروكسل حضرها العديد من المثقفين الأوروبيين والعرب حيث نفدت التذاكر المخصصة للقاء واضطر المنظمون إلى تزويد الحضور بمساند أسفنجية بعدما لم يبق أي كرسي شاغر في الصالة
ساحة النقاش