لقد كان العراق من اكثر البلدان العربية أمنا وأماناً وكانت ثقة المواطن العراقي والعربي بالقيادة العراقية السابقة شبه مطلقة ؛ إلا أن شاء القدر لهذا البد أن يصبح العراق عبارة عن حمام دم ؛ فلو قمنا بمراجعة ما جرى للعراق منذ ثمانينيات القرن الماضي من أحداث لوجدنا أن العراقيين لم يبنوا حارساً أمينا لبلدهم مثلهم مثل اليمنيين والليبيين والسودان ؛ من يعرف العراق قبل اندلاع الثورة الإيرانية لابد وكان يشعر بالطمأنينة عندما يدخل العراق التي كانت من أكثر البلدان العربية مالاً ومياهاً ومصادر حيوية أخرى كان بإمكان المرحوم صدام جعل هذا ألبلد أرقى من الدول الأروبية واليابان ؛ ولكن المغامرات العسكرية التي خاضها صدام مع إيران والمجتمع الدولي عندما قام باحتلال الكويت كان لها أثرها القاتل على العراق وعلى دول الجوار ؛ فعلى الصعيد العربي تكلفت دول الخليج مئات المليارات دفعتها إلى العراق كنفقات للحرب العراقية الإيرانية ؛ كما وتكبدت خسائر فادحة جراء الغزو العراقي للكويت وتحريرها ؛ لقد ارتكب المرحوم صدام حسين أخطاء لا تغتفر بسبب عناده وتهوره وانصياعه لرغباته الشخصية وعدم الانتباه لأي مشورة من العسكريين والسياسيين المخضرمين ؛ لقد كان المرحوم صدام يفتقر للحكمة ومن لا يمتلكها من الزعماء فلا يجوز أن يكزن حارساً أميناً ؛ لقد كان صدام مغروراً ولا يحسن التقدير فضلاً عن أنه لم يكتم أسراره وقد خرج اكثر من مرة يتحدث عن الكيماوي المزدوج ثم قام بتهديد إسرائيل بينما قامت لباكستان الدولة الإسلامية الأكثر فقراً ببناء ترسانتها النووية مستعينة على قضاء حوائجها بالكتمان وأصبحت دولة ذا شأن ؛ قد يسأل المرء نفسه ما لذي أتى بالمالكي للسلطة هل الشعب العراقي وصناديق الاقتراع أم صدام حسين هو السبب ؛ إن الإجابة في غاية السهولة وهي أن تخبط المرحوم صدام وعدم إدراكه وتقديره لنتائج غزوه للكويت وتفرده باتخاذ القرارات كلها مسببات للغزو الأمريكي للعراق وإقصاء صدام ثم اعتقاله وتنفيذ الإعدام فيه ثم تسلق المالكي على السلطة وتفرده برقاب ألسنة واضطهادهم وهذا ما أشعل فتيل الأزمة الحالية التي يمر بها العراق الذي تمزق شر ممزق وانهالت عليه كل التنظيمات الإرهابية التي تعمل منها لجهة وعاثت فيه خراباً وفساداً وقتلاً ودماراً ؛ إن الجيش العراقي الشكلي الكرتوني الذي أسسته أمريكا هو من ترك أسوار العراق وقام بالهرب أمام بضعة ألآف من عناصر داعش ألضالة التي تمكنت من احتلال نصف العراق بسرعة قياسية أذهلت العالم ....!!
نحن في الوطن ألعربي نستطيع بناء الأسوار إلا اننا لم نكن نحسن اختيار الحراس ؛ فالحارس الجيد الذي لا تغفل عينه عن صغيرة ولا كبيرة هو أكبر أهمية من بناء سور عال فلو رجعتا للتاريخ لوجدنا بأن الصينيون القدامى عندما أرادوا أن يعيشوا بأمان قاما ببناء سورهم العظيم ظناً منهم أنه يصعب على أحد تسلقه إلا أن الصين تعرضت خلال المئة سنة الأولى لعدة غزوات ربما كانت ثلاث غزوات وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو في حاجة إلى اختراق الصور بل كانوا يدفعون للحارس مبلغاً من المال كرشوة ثم يدخلون من الباب الرئيسي ؛ لقد برع الصينيون ببناء صورهم العملاق إلا أنهم لم يبنوا الحارس الجيد ؛ إن بناء الإنسان يجب أن يأتي قبل أي شيئ آخر وهذا ما نحن بحاجته أليوم ..........
ساحة النقاش