
نحن وعندما نقرأ التاريخ لابد وإن يشدنا الفضول للتعرف على سلوكيات ألقدماء ثم نقارنها بسلوكياتنا المتبعة في عصرنا ؛ فلو أخذنا ألجانب ألاقتصادي وكيف كان السلاطين وولاتهم وعسسهم يفعلون فيما لو تردى وضع السلطنة ألاقتصادي وعن كيفية التعامل مع الذين كانوا يتمردون على ألي ألأمر لوجدنا بأننا أفضل حالاً منهم ؛ كلنا قرأنا عن البرامكه وكيف تعامل معهم الخليفة هارون الرشيد ؛ إن الفساد لم يكن متفشياً فقط في عصرنا ؛ نحن ورثناه
وسنورثه للذي من بعدنا ؛ لأن لم يستطع سلطاناً ولا خليفة ولا ملكاً ألسيطرة عليه ؛ لقد كان لكل خليفة أسلوبه في ألاقتصاص من ألفاسد ؛ فمنهم من كان يأمر بفصل رأسه عن جسده ومنهم من كان يلقي به في إحدى ألقلاع ليلاقى حتفه فيها ومنهم من كان يمسخه ويفضحه ويدعه مسخرة للخلق أجمعين ؛ لقد كان الملك محمد ابن عباد تتبع أسلوباً في تسفيه وتحقير ألفاسد أو ألخائن فكلاهما وجهين لعملة واحده ؛ لقد كان يأمر بأن يركب هذا ألفاسد على حمار
بطريقة مقلوبة ( عمنشقلب ) وكانوا يطوفون به الشوارع والمدائن لتستعر منه الناس ثم تلعنه وتبصق عليه وتتراشقه الصبية بالحجارة ومخلفات الدواب ؛ لقد كان تلك الفاسد يتمنى الموت ومع كل خطوة يخطوها الحمار ولكن هيهات ؛ وبعد هذه ألزفة ألأنيقة يُزج به في السجن ثم ليقطع رأسه لاحقاٌ؛ إن هذا ألأسلوب ألغير متبع لدينا أليوم بل وإن سجوننا تقدم ألستيك والدجاج ألمشوي على طريقة ألفندقه لهي حافز لشروع الغير فاسدين بارتكاب جرائم الفساد وباقي أنواع ألجرائم والجُنح بل وأصبحت محط أنظار
البعض؛ لقد كان احد السلاطين في احد العصور قد جمع كبار مستشاريه مصارحتهم بأن لم يعد في ألخزينة ما يكفي نفقاته ألشخصيه ونفقاتهم من مأكل ومشرب ؛ وأنه لم يترك وسيلة إلا وقد فكر ليجد منها مخرجاً ولم يفلح ؛ وأنه من ألواجب عليهم ألإشارة عليه بفعل شيء لتعود عجلة اقتصاد ألسلطنة بالدوران من جديد ؛ ولقد أبدى كل منهم ما في دلوه ومن دون فائدة تذكر؛ فصار يضرب الكف بالكف وبدت عليه ملامح ألإحباط والفشل ؛ فقال أحدهم – أيها السلطان إن لدي الحل الشافي وأضنني سأوصلك لبر ألأمان
فقال : لله أبوك قل فقال : إن معظم الناس لا تستحم إلا في ألأعياد ؛ وإن ألكثيرين لا يحلقون ذقونهم ورؤوسهم إلا عند الزواج ؛ فلنفتتح مائة مكان للحلاقة ومائة حمام ومثلهما للنساء ولنجبر الناس على ألاستحمام والحلاقة مقابل عشرة دراهم للرأس ألواحد ومثلها للحمام وبالتالي يعود ريع هذه ألأماكن الخدمية بالفائدة على السلطنة ثم النظافة وألأناقه على سكان السلطنة وتخليصهم من البراغيث والقمل وما شابه ؛ فوافق السلطان على الفور وكتب لأمير العسس بأن يتم ألتنفيذ ؛ وأقيمت الحواجز وانتشر العسس وأصبحوا ينادون لكل مارق أن يترجل عن دابته ويتوجه للحمام والحلاق راغباً أم كارهاً؛ وبعد مدة قصيرة جداً عادت ألأمور لنصابها وتعزز
ألاقتصاد وعم الفرح وساد ؛ نحن في ألأردن لم تقوم ألدوله بالشروع بحلاقة رؤوسنا ولم يقم رئيس الحكومة من فتح حمامات لنستحم تحت وطأ ألعصي ولم نصل يوماً لتلك ألمرحله لنعلن النفير والجهاد المقدس ولن نصلها بإذن ألله ؛ ولكننا نطالب بأن يتم مسخ كل فاسد وخائن بنفس ألطريقه التي كان يتبعها الملك محمد بن عباد والملك ابن تشفين عسى أن يُشفى غليلنا ونشمت بكل من قام باستغفالنا وألأستهتار بنا جميعا ...




ساحة النقاش