هذه المزرعة المتواضعة المساحة التي تمتلكها عائلة الحاج جنيدح كانت في الماضي القريب يانعة خضراء هوائها عليل وسمائها صاف ونسماتها تشفي العليل ؛ لقد كانت مستدامة الخضرة وفيرة الماء؛ أرضها معطاءه ؛ عندما كان يرفدها جدولها بمائه العذب الزلال الذي كان ينساب من خلال جنباتها المسيجة بالليمون والرمان ومختلف أنواع الفاكهه والخضارالطيبه ؛ وكانت عائلة العم جنيدح تنعم بخيراتها وتستمع صباحاً لزقزقة عصافيرها التي لاتهدأ وكل يناغم

الآخر بإيقاعاته الخاصة به من الحان؛ ولم تكن الضفادع لتبخل على أصحاب تلك المزرعة الجميلة بأصواتها وهي تغوص في مياهها ثم تطفو موحية لسامعها وكأنها تقول – عندما توجد المياه توجد الحياة ؛ لقد كان أفراد عائلة العم جنيدح يعيشون حياة مفعمة بألأمن والخيرات وصفاء ونقاء المياه والسماء والأرض التي لاتكل ولاتمل من الحرث والزرع بل كان إنتاجها وفير وخيرها طيب ووفير؛ وكانت تستحق لنقول فيها ....

جمالك فتان وسهلك أخضر ** وماءك ما بين الجداول يهدر

تصورتي في عيني أجل تصور** جنوبك ياقوت وشمالك مرمر............

هكذا كانت عائلة العم جنيدح تتغزل بتلك الحاكورة الرائعة الجمال ؛ فكانت تسكن في خبايا أرضها ألأرانب وترابع على سطحها الخراف والغزلان وتغرد في سماءها البلابل وتتراكض في ارجائها افراخ الحجل  والقطى الجميلة هنا وهناك ؛ ولكن ورغم عبقرية ووعى العم جنيدح ومتابعته الشخصية المباشره وإهتمامه الدئوب لصون المزرعة من ألطامعين وعيون الحاسدين إلا أنه وبالرغم عن إرادته كانت تحدث أموراً خارجة عن  تلك الاراده  ؛ وإن

السبب الرئيس هو تكاثر اعداد افراد الجنادحه وتوافد الضيوف عليهم من كل حب  وصوب وتسبب ذلك بعدم إهتمامهم بالمزرعه من حيث الحرث والزرع  وإزالة ألأشياء الضارة ببيئة الحاكوره ؛ علاوة عن أن أصحاب ألمزارع المجاوره قاموا بإستغلال مصادر المياه التي ترفد المزرعة بالماء النضيف ؛ بل وقاموا بتغيير مسار مجرى الماء لمزارعهم لتنتج ألاثمار الممتازه عالية الجوده ثم وبأسلوب المدمر قامت بتحويل مياههم العادمه لمجرى ما تبقى من

جدول كان  يغذي حاكورة الجنادحه ؛ ولقد تسببت تلك التصرف ألرعناء بتلويث جو المزرعة وبيئتها ؛ وبدأت تتسبب بإيباس أشجارها وإلحاق ألأذى والامراض بعصافيرها وأرانبها وحجلها وباقي سكانها من البشر؛ لقد قام أبو جنيدح بألإستعانة بمهندسي عشيرة الجنادحه  كل على حده ليقفوا على وضع الحاكوره الذي بدأ بالتردي عسى أن يجدوا حلولاً مجدية لها إلا أن بعظهم صارومن باب ألإجهاز على

المزرعه ؛ صاروا يستهترون بعشيرة الجنادحه عامة واصبح بعظهم يستخدم منشاره الكهربائ لقص ألأشجار بدلاً من إستخدام مقص التقليم التقليدي ؛ ثم يقوم معاونيه بجمع تلك ألأخشاب وإرسالها لتستخدم في مدفأة المهندس الفاسد وما تبقى عن الحاجه يذهب للبيع بسوق الجمعه ؛ لقد قام كل المهندسين بإنتهاج أسلوب واحد وهوسرقة وتهريب ما يستطيعون من إنتاج المزرعه وتراكتوراتها ومحاريثها وأسمدتها وباقي اصحابها

الذين لاحول لهم ولاقوة فقط يولولون ويقولون لاحول ولاقوة إلا بألله ؛ ولم تكن لتفرج بل بدأت ألأمو رتتفاقم  وتوحي بألأسوأ ؛ لقد دبت الفوضى بين سكان المزرعه  ولم تعد المياه التي كانت  ترفد المزرعة تكفي لسقاء الأرانب والخراف والطيور والبشر؛ بسبب توافد أرتال ألضباع والوحوش والضواري التي بدأت تلتهم ما تطاله مخالبها  وافواهها من ثمر وبشر وحيوانات أليفة ؛ ولقد إزدادت اعداد أسراب

الطيورالمهاجرة  من طيور اللقلق ومالك اللعين – والبوم - بالوفود للمزرعة لتلملم  مناقيرها كل حبة تلمحها أعينها متعاضدة مع جحافل النمل الذي يسحب كل حبة يستطيع حضنها لتقوم بتخزينها في صوامعها التي أنشأتها تحت ألأرض ؛ إن المناشير تعمل على قدم وساق ومناقير ألغربان  والزرزور تلملم الحبوب والثعالب والنسانيس تخنق الدجاج والحمائم ؛والكلاب والضواري تبيد نسل ألأرانب وكل ماهو

أليف ؛ كما أن ألضباع  والتماسيح  تسعى في جنبات الحاكوره لاتسمح لأحد من السكان البشر ألغير موالين بالتجوال؛ وهناك  تلوث مصطنع قام بعض الجوار بتصديره لبيئة الحاكوره التي باتت بسبب كل هذه الموبقات  والافاعيل تفتقر لكل مقومات الحياة وربما تحيلها لأرض صفصفا ..!!

صبراًعلى نوب الزمان وإن أأبى القلب الجريح ؛فلكل شيئ آخراً أما جميل أوقبيح ...

 إن ألأمور إذا استدت مسالكها ** فالصبريفتح منها كل ما رتجاّ

لا تيأسن وإن طالت مطالبة ** إذا إستعنت بصبر أن ترى فرجا ......

أللهم أنعم علينا بسترك وباعد بيننا وبين من يسعون لإقتلاع  جذورنا  ووفق ملكنا وأعنه وقوه على كل من تسول له نفسه بالسعي لتبديد شملنا  وتهديد أمننا وتشتيت جهدنا في ضل هذه الضروف الذي يتوجب علينا  كأردنيين أن نفضح ونحجم ونقزم كل من يدب في الضلام وتحت  خبايا ألأرض فأنت العليم الحكيم ...