نتيجة للإخفاقات التي تتعرض لها بعض الأسر عند تعاملها مع أزمة الإعاقة، وما يترتب على ذلك من ضغوط إضافية تمثل عبئا على بعض الأسر، تتشكل لدى هذه الأسر اتجاهات سلبية صوب الابن صاحب الظروف الخاصة، ومن هذه الاتجاهات:
<!--اتجاه الرفض: يرى (طاهر، 1399 ه) "أن الرفضَ يتمثَّل في شعورِ الوالدَينِ بأن الطفلَ مشكلةٌ كبيرةٌ تؤرِّقهما فيتمنَّيانِ ألا يكونَ لهما أولادٌ: لذا فهما يرصدانِ تصرفاتِه باستمرارٍ، ويَشْكوَانِ مما يعمله، ويغضبانِ لأبسطِ أخطائِه، فلا يصبرانِ ولا يعملانِ معه، وإذا طلب مساعدتَهما ينسيانِ ذلك. ولا يَحصُل على ما يريدُ إلا بعد إلحاحٍ شديدٍ عليهما؛ فيشعرُ بأنه غيرُ مرغوبٍ فيه، ويتعاملانِ معه كما لو كان غريبًا عنهما، ويشعرانِ بأن أفكارَه سخيفةٌ، وغيرُ جديرةٍ بالاهتمام"؛ (ص69).
<!--اتجاه القسوة :وفيه يقوم الوالدان بإخفاء حبهما لأبنائهما وعدم التصريح به والشدة عليهم لاعتقادهما أن ذلك في مصلحتهم (أحمد مصطفى شلبي، 2016؛ 122).
د(- الحماية الزائدة: "ويُقصدُ بها هنا: القيامُ بكلِّ شيءٍ من المسؤولياتِ والواجباتِ نيابةً عن الابن صاحب الظروف الخاصة ، والتي يُمكِن أن يقومَ بها عن طريقِ التدريبِ أو بدونه، حتى يكون شخصًا يعتمد على نفسِه إلى حدٍّ ما. (اللحامي، 1984).
ه(- التفرقة: ويقصد بها "عدمُ المساواةِ بين الأبناء جميعًا في المعاملة ، وتفضيلُ بعضِهم على بعضٍ،(أسعد عبد اللطيف، 1417).
و(- التقبُّل: وهو الاتجاه الإيجابي الذي يساعد على التخلص من الاتجاهات الوالدية السلبية السابقة، ونعني به: "قَبولُ الابن صاحب الظروف الخاصة كما هو، ومعاملتُه معاملةً حسنةً، والرضاءُ عنه، وعدمُ رفضِه بسبب إعاقتِه أو ظروفه الخاصة، وعدم التذمُّرِ والضيق منه"؛ (سفيِّر الشمراني، 1411-1412ه)
أساليب التعامل الأسري:
وبطبيعة الحال لن تظل هذه الاتجاهات الوالدية حبيسة الأدمغة أو كامنة في النفوس وفقط وإنما تتحول إلى أفعال وتصرفات وسوء معاملة من الوالدين للابن صاحب الظروف الخاصة وربما تنتقل هذه الاتجاهات السالبة -في معظمها– إلى أخوة الشخص صاحب الظرف الخاص والمحيطين به أيضا.
<!--
ومن أشكال سوء معاملته: ربطه في السرير أو وضعه في قفص –كما يروي ذلك سكرتير جمعية فجر التنوير للمكفوفين- وهي تصرفات نادرة لكنها تحدث في بعض قرى الصعيد وربما تصدر من منطق الخوف على الابن، ومن أشكال سوء المعاملة أيضا إحداث ألم جسدي بالضرب ونحوه، و ستثارة الإيلام النفسي: بالسب والشتم أو السخرية والاستهزاء ونحوها.
ويرى صاحب الإعاقة سوء المعاملة ولا يعلم أسبابها ، يرى نفسه ممقوتا وليس بمذنب ، يرى القسوة والجفوة من أحب الناس إليه ، يرى الناس تعاقبه على ذنب لم يقترفه وتجعل منه جلادا وهو حتى لا يدرك أنه ضحية ، ولا يستطيع أن يشكو إلا إلى الله ، وإذا شكى هل يسمعه أحد سواه؟.
وهكذا يكون للأسرة النصيب الأكبر في تشكيل صاحب الظروف الخاصة لصورته عن ذاته وكيفية تعاطيه مع أزمة الإعاقة ونحوها، فإن كانت تصوراتها واتجاهاتها إيجابية حطم صاحب الإعاقة قيدها وانطلق محلقا بإرادته القوية في سماء النجومية عالما مبرزا أو فنانامرموقا أو بطلا مشهورا، وإن كانت تصورات واتجاهات الأسرة سلبية زادت القيود قيودا والهموم هموما : ولذا فإنه من المهم أن نبتعد عن التصورات والاتجاهات السلبية ونوعي بخطئها وخطرها ونتبع التصرفات وأساليب التعامل الإيجابية ونرسخها لنجني ثمرة الكفاح تميزا وإنجازات ونجاح ... والله ولي التوفيق.
ساحة النقاش