مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

عود نفسك على الحياة الاستقلالية ، ج5 من محاضرة للدكتور احمد مصطفى شلبي في جمعية نور البصيرة
نظم أغراضك تنتظم لك الحياة ، ج4 من محاضرة للدكتور أحمد مصطفى شلبي في جمعية نور البصيرة
أنا مختلف لكني لست أقل ويمكن أن أكون أفضل ، ج3 من محاضرة للدكتور أحمد شلبي بجمعية نور البصيرة
الإعاقة ليست إصابة داخلية بقدر ما هي صناعة أسرية ومجتمعية ، ج2 من محاضرة للدكتور أحمد شلبي بجمعية نور البصيرة
محاضرة د أحمد شلبي في الاحتفال بيوم العصا البيضاء بجمعية نور البصيرة ج1
في اليوم العالمي للصحة النفسية .. الصحة النفسية مجالاتها وحاجتنا إليها
نحو مدرسة ممتعة
كيف تعد الأسرة والطالب للعام الدراسي الجديد من لقاء للدكتور أحمد شلبي مع المذيعة القديرة سماح عيسى
في ذكرى المولد النبوي؛ سورة الضحى ونمط متفرد في التدعيم والتوجيه والتأثير النفسي
إلى أي مدى يمكن أن تحقق المشاركة والتفاعل استمتاعا أكثر بالحياة؟ ؛ لقاء للدكتور أحمد مصطفى شلبي

كتب أحمد حسن  فتيحى  بجريدة الأهرام  المصرية ( عدد 20 مايو 2009 ) هذه القصة التي أوردها بنصها و أترك لك التعليق  :

فتى في الثامنة  عشرة من عمره التحق  بأحد الأندية  الرياضية ،  يعشق  كرة القدم ، ويقضي  كل أوقات  فراغه في  مشاهدتها أو ممارستها  ملتزماً ،  مطيعاً ،  منضبطاً في مواعيده ، وفي  مظهره ، وفي  تعامله ، جاداً  منفتحاً ، مرحاً  متحفظاً  ،  كلمته طيبة ،  مهذبة ،  أداؤه  متقن إلى  أقصى ما  يستطيع  ،  لا  يملك  المدرب  في الفريق إلا أن يشركه  في كل  المباريات  ،  رغم  أن  غيره  يملك  قدرة  أكبر في الحرفنة الكروية.

سألت إدارة  النادي  المدرب  : "  لماذا  هذا الإصرار على هذا  اللاعب  في كل المباريات ... !.

قال لهم : " إني  هنا ، لتأصيل النماذج  الخيرة  للاعبين  في كل المجالات ، فهذا  اللاعب  يلتزم  في مواعيده  ، مخلص  في أدائه  ، مقل  في  اعتراضاته ، مثال للخلق الكريم ،  ونموذج  يحتذي  لزملائه  ،  فلو  لم أقم بمشاركته ... فلن  يكون  هناك  تكريم  للقدوة  بالعطاء  والوفاء وتسقط  من ثم  هذه المثاليات دون تقدير .

بعد كل  تمرين أو مباراة ، يلاحظ أن هذا  الشاب  يحتضن  أباه ويسير به  حول ساحة الملعب يوميا وبدون  انقطاع  في وقت محدد ،  تري في  هذه الصحبة  حنان الوالد وبر الولد ،  تسطع فيهما  كل جوانب الخير ، متمثلة في أجمل  أشكال  المروءة  بين الوالد وولده  .

يوما أتي الابن وفي وجهه حزن وفي عينيه  دموع  يحاول  إيقافها  بين صخرتي مقأيه ،  وقلب  يحمل مأساة عصفت به ،  استأذن من المدرب  معتذراً عن المشاركة في المباراة المقبلة ،  وأنه  سيغيب  لمدة  ثلاثة أيام  لوفاة والده ، وقد  أبدي للمدرب أسفه العميق لهذا الغياب ، ولكن الظروف أكبر من أن يكون وفياً  لناديه في مباراته المقبلة .

أقبل  عليه المدرب مواسياً معجباً متألماً لألمه ، مبدياً  له التقدير والثناء ، معدداً مواقفه الرجولية و هو في هذا السن المبكر قائلا : " أتمني أن يكون ابني  مثلك يا بني " من خلف مثلك ما مات ".

قبل مباراة  للفريق بساعة  ... وصل النموذج إلى المدرب وأبدي  استعداده للمشاركة في المباراة ووقف المدرب أمام هذا الحماس ! كيف يتعامل معه  ؟! شاب يمر في حالة من الاحباط لموت والده !! ولم يشارك في التدريب مع الفريق في الأيام الأخيرة ! وكان لابد من علاج نفسي لا يؤثر على صاحبنا وعلى زملائه  الآخرين ، قال المدرب الإنسان : 

لقد تم تجهيز الخطة و اللاعبين المشاركين ، وسوف يصعب على أن أغير فيها الآن ، ولكن لمكانتك وثقتي بك ولحماسك وتفانيك سوف تكون في الاحتياطي ، وسوف  تشارك ولو بوقت قصير ، لأحقق لك ما تتمناه وترغبه ، وقد كان .

بدأت المباراة بين الفريقين ، وانتهي الشوط الأول منها وفريقه متأخر بهدف ، وانطلق الشوط الثاني وإذا بفريقه يخسر هدفا ثانياً وثالثاً في خلال الخمس عشرة  دقيقة  الأولى من الشوط الثاني بدأ الاحباط  على وجه  المدرب والانهزام على زملائه ولاعبيه ، ثم قرر اشراك صاحبنا في المباراة ، رغم اقتناعه بعدم تجهزه ، دخل إلى الملعب ولم يبق من الوقت غير عشرين دقيقة ، ولعب كما لم يلعب من قبل ، لعب وحده كفريق كامل ، أثار الحماس في  نفوس زملائه ، وأعطي عطاءً لم يعطه ولم يره أحد منه من قبل ذلك و قلب النتيجة ، وفاز فريقه بالمباراة في الدقائق الأخيرة وانقلب الإحباط إلى سعادة وأمل ، والحزن إلى سرور وانتهت المباراة ، والكل ينادي باسمه ويشد على يده وكتبت الصحافة عنه ، ونقل التليفزيون موقفه ، وكان يوماً لا ينسي انفرد به المدرب ، ودار بينهما الحوار الآتي :

قال المدرب : " يا بني ، لقد رأيت منك اليوم عجباً ، لقد فقدت والدك الذي أحبك  وأحببته ، وإني أشهد على برك و حنانك و عطفك ، و لم تشارك في التمرين  للتحضير للمباراة ، ولم تكن من اللائحة المنتقاة ، وحضرت قبل المباراة بساعة ، وأشركتك في الاحتياطي حفاظاً وتقديراً لظروفك ، و حتى لا أزيد أعباءك النفسية ، وأحاول جاهداً أن أخفف عنك ، وإذا بك تلعب كما لم تلعب من قبل ، وتكون النتيجة بفضل الله ثم بمشاركتك كما حصل أو بما فعلت !!! .

ماذا  حصل وكيف ... ؟  فقد أمضيت خمسة عشر عاماً لاعباً وعشرين عاما مدرباً ، ولم يصادفني ما رأيت !!! هل يمكن لك أن تفسر لي أو تحاول أن تشرح  لي ذلك ؟ فإنني - أصدقك  القول – في دهشة  وذهول "

قال صاحبنا : " الأمر في غاية البساطة ، فإن كفاءتي كما تعلمها ولكن الفرق الوحيد ، أن أبي قد أصيب في عينيه ففقد بصره ، وكان يردد دوماً  " إن الله يري "

و أنا ابنه الوحيد كان يحضر التمارين والمباريات ، وبعدها يرافقني ويطلب مني  أن أشرح له بعض أجزاء التمارين وبعض المواقف كان يرحمه الله يستمع بإنصات  و يبدي إعجابه و توجيهه و أري في ملامحه سعادة كبيرة ومشاركة وجدانية و حباً  أبوياً عميقاً.

" كان  لا يراني " ويحمل كل هذه المعاني ، وأكثر ، وأكثر، وكان متأكداً واثقاً بأنه  بعد وفاته سوف يمكنه البارئ عز وجل أن يراني  فوددت أن أجعله سعيداً بين رفاقه وأتقنت وتفانيت حتى أجعله فرحاً مسروراً ، ينظر إلى ولده ، فقد كان دائماً  يردد على :

اجعل ثقافتك  في أخلاقك واعمل على أن تعرف بالخلق الكريم :

يا بني ، سوف  تكون مشهوراً معروفا  ملء السمع والبصر ، ولكن ، تذكر بأن الأيام  دول . 

يا بني ، كن أدبياً  ، فإن الأدب جمال الحياة وهو منها و له شمول في معناه ، لا يحده خيال معروف فهو موسوعة تظهر حقائق الأشياء .

أعمل  بإتقان دون النظر إلى النتيجة ، على المرء أن يسعي  وليس عليه إدراك  النجاح يا بني ، تذكر أن آفه النصح أن يكون  جدالاً ، وأذى النصح  أن يكون جهاراً.

يا بني ، تصدق ، فإن صدقتك تقول للوهاب أنا إيمان فلان ".

قال المدرب : " لقد بررته حياً ، وبررته ميتاً ، بارك الله فيك .

 

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 146/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
42 تصويتات / 489 مشاهدة
نشرت فى 13 مايو 2010 بواسطة mostsharkalnafsi

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

363,375