<!--
<!--<!--
مالك الحزين يغنى
ما أضيع العمر الذي أهدى إليك يا لك من مسرف ،ضيعته ولم تشفق عليه ، مالي أراك وقد انفرطت مسبحة العمر من بين يديك ، فأوحلت تضاريس وجهك بالتجاعيد التي أتت من غابر العمر، أي دروبك سبحت فيها ، وفى أي الأنفاق هويت، يا سارق العمر عد، يا صائد الأحزان ، يا لك من مأجور، كانت بيدك مفاتيح العشق، وها أنت ترنوا آخر محطاتك، تذكرك الأيام ولا تذكرها ، أنت نعم أنت ، تاجرت بكل شئ وخسرت كل شئ ، من قال لك أن الدنيا تدوم بريعانها إنها تشيخ بشيخوختك مالي أراك منطفئ الوجنات مظلم الانطباعات مهجور الابتسامات تكالبت على تفاصيل وجهك الآهات وترانيم الحزن المعبدى، زاهد أنت، قصري الزهد، مسبح دوما للفناء كيف سمحت للدنيا أن تستأ سد عليك وتجرجرك إلى عرين حزنها بأي روح جئت بجسدك النحيف ومن أرشدك إلى النغم، نغم الذكريات ،وأنت الذي لم تتأوه من عزوبة لحن قط، منذ أيام صباك ولم تدندن بأناشيد الصبايا على السفوح وترقب رقصات الصغار على خرير الماء وتمايل الزهور الحدائق مليئة بالعصافير تتقافز وتغرد على الفروع وبراعم الزهر البكر محنبلة القوام ترشق أزهار وروائح وعطور، لم تعد أنت صدقني وأنا أتابعك من على أريكتك تتوجع الجلوس وتتوجع الرقود لا بل تتوجع الركوع والسجود ما عدت حتى تمارس الطقوس، كفرت بآلهة العشق رغم كل الوجود الغافل عنك إني اذكر صباك اذكر يوم انطلاقك على جرف النهود ما أهون الدهر الذي تستجدى منه سويعات من زمن ودعته تلوح من بين أعماقك بصهيل وضجيج الخل والأصحاب وشقاوات الصغار تحت أشجار التوت والنخيل، عرس هجرته وعرس حضرته وغناء الفتيات الجامحات داخل الغرف المغلقة وخطابات وضعتها تحت عقب الباب لمحبوبة أربكتها أنوثتها وخطابات وضعتها تحت وسادة نومك خشية الأهل تحل أينما حللت تغدق النظر بين فراغات النوافذ المترهلة والمطرحة على أجساد البيوت الميتة أنت إذن سجين عالمك الذي رحل بسنين العمر أنت إذن تاجر عشق فاشل، ولغة العشق عندك حمل كاذب لأنثى مولعة بالصغار، المحك تتوجع وتصرخ صرخات تدوي في أعماقك لا يسمعها من حولك ،هون عليك وتشجع وودع مريديك ،الذين سلبهم تاريخك الكاذب اخبرهم انك تحمل أوزارك كاملة وأوزار من حولك، صدقني لولا هذا الضجيج من حولك والصخب، لولا ما تتصنعه من تغريد وغناء لولا كبرياءك المجروح والمذبوح لوارتك أحضاني وجعلتك تعتصر الحزن الكابد بقلبك ،القلب الذي توقف عن الخفقان ولأهديت لك عمرا هو عمري لتبحر فيه بين ربوع الشعر ولأسكنتك بيوت القوافي فتعود صهيل ضحكاتك التي تملأ الأفق وتوجع القلوب العاشقة، ولكن عذرا فأنت أسير في ملك غير ملكي وتطوق أحاسيسك قوانين ليست من صنعي، عذرا مكتوب عليك أن تبحر في أحزانك ومكتوب على أن أرقبك من على أريكتك تتوجع وتتأوه فاحمل أوجاعك بين ضلوعي وأهيم بروحك تحت كعوب الحواري أتاجر بحزنك وحزني ونترقب قيثارة لحن لم تطربنا وأنغام لم تشجى قلوب ماتت ولكن قصرا نتمايل معها تحت قطرات المطر وعروق الشمس الحمراء و زفات الصغار لمجنونين استرقا من المدينة حلمها وراح يطوفان شوارعها المستترة بفقاعات الضباب وغرغرة الشمس على أجناب الأرض ومالك الحزين يمسك قيثارته ويغنى لصغار بين أحضان أمهاتهن يسكنون الأحلام