<!--
<!--<!--
عصر النبوءات
كيف داست أقدامه كل هذه المسافات ، وتلطخت خفوفه بهذا الوحل .. يفلت بصره على مداه ..... تتمدد الشوارع أمامه فلا يبلغ نهايات المدى ، يرجع بصباه إلى صبا ه يتوهج داخله عابث صغير ،فليس للصبا إلا الشوارع والمقاهي والترحال ....فى ذاكرته لحن يدمي القلوب ،ففي القلوب تسكن كل المسافات وتتسع ..و.. وتتوه الطموحات..... ركل الباب بركبته فانفلت المزلاج ،انفلق مسجي على الأرض ؛صاح بصوت يهز الفراغات من حوله ليذكر النيام بملامح القادم ،كالعادة لم يجبه أحد ، سارع الخطوات للداخل يكرر الصياح ويصفق بكفين مغتربتين ، لاذ بصوت يستأذنه بالدخول .. كان جسده مسحوبا للداخل ومن خلفه الباب موارب ... رآها ملفوفة بالسواد مكومَة على السرير ، تعطي خدَها للتلفاز ، تتأمل الشقوق التي تفلق الجدار وهي تسحب خيوط من أشعة الشمس تستدرجها داخل غرفتها تفقَد الوجوم الذي يرعى على حوافر وجهها لاذ بالسكوت ، جلس على الكرسي ينتظر الأمر بالكلام يفتش في أحشاءه عن لغة يبدأ بها حواره ،لم يدري كم حرف تبقَى بداخله حاول تركيب الحروف ،لم يأتي بجملة واحدة مفيدة آثر الصمت ،وهو يتأمل إطار التلفاز ازداد وجومها ،أخذ يحصي الأجساد الملتصقة بها يبحث عن وجه يلقي عليه أحماله ويسترد منه دقات قلبه التي سلبت ..لم يجدها بين كل هذه المخلوقات ......يرتع في أذنيه صرير الباب الذي ينبَأ بالقادم ،تململت بين شفتيه ابتسامة تستقبل القادم وهى مسترخية في ذهول ، أنزل ساقه التي تركض فوق الأخرى يتأهب لاستقباله ، أزيز حذاء القادم يؤكد نبوءته ،اختصر المسافات داخل عقله حتى رآه واقفا أمامه ،أشاح له بيده وتجاهله مخترقا السكون حتى لاذ بالسرير تمدد عليه ساندا صدغه على راحة يده يتأمل الجدار، مسح الوجوه مرة أخرى تأفف ورفع رأسه إلى السماء محاولا اختراق السقف ببصره ،هب واقفا تيقن أنها موجودة بأعلى ..تحسس السلم بخفين حانيين يسترق الخطوات لأعلى حتى وقف أمام الباب الذي يقبض على الجدران التي تحويها ،يتوجع من عروقه التي شاخت وساقيه التي تخلت عن عزمها ،يسترق الأنفاس من هواء غرفتها رآها من ظهرها وهي تنتصب أمام المرآة وفي يدها كتاب عن (عشق الإغريق )وبالأخرى ماشطة تمشط بها شعرها الذي يتدلى حتى مؤخرتها تتناثر منه رائحة الزيت التي تحاصر الغرفة ،رأى الشقوق تملأ المرآة الملتصقة بالحائط ، تحول وجهها إلى انشطارات متعرجة .....حاول استجماع الملامح المبعثرة والمرآة تتمدد على طول الجدار ،يعقد جبهته في ذهول وهو يسمع دوي صراخها ، ترتج أقفاص صدرها من طرقات قلبها النافر بين الضلوع ،تباعدت المسافات بين الشقوق ، اخترقت المرآة وهي تمد له يدها ....... تراجع خطوات للخلف حتى اصطدم بالسرير ....مدد جسده في ذهول ساندا صدغه على راحة يده يتأمل الجدار.