<!--
<!--<!--
ثورة تمددت فحوت العالم بأثره ثم بهتت وغرب شروقها ثم سقطت.... بدأت ثورة يوليو فتية وقوية بزعيمها وحامل رايتها جمال عبد الناصر كان رجل في زمن الصبيان قاد الثورة فوضع مصر والعرب نقطة تقرأ على خريطة العالم ولكنها تقرأ بمفاهيم ثوارها بدأت رحلة الزعيم من (الفالوجة) التي كان محاصرا فيها ورفض الاستسلام إلى قصر الملك تلهبه الأشواك أشواك لا يخطوا خطاها إلا طامح أو مصلح لم يكن هذا الشاب هو ورفاقه بمأمن من هواجس الشعب الاسير تحت أقدام الملك وحاشيته يحمل أفكار تحولت إلى أحلام توغلت بتأني في قلوب الشعب مغلفة بخامات أفردت على طول الشارع العربي وعرضه تروى عن فساد الملك وضعفه أمام أمه الملكة ورغباتها التي لا تنتهي وأحزاب تتكالب وتتقافز كالقرود على الكراسي يكتشف الزعيم انه يرثوا على ارض بكر وخصبه تنتظر زارعها وراعيها تبعها تعاقب الوزارات وتناحرها وفشلها في استيعاب طموحات الشعب ترجل إليها طامحا بالعبور بها إلى حيث مسكنها الطبيعي الذي أسس أصلا منذ سبعة آلاف سنة ..فوجد الأتي من سكنات الجيش وثقافة العسكر أفكاره ما هي إلا معانات شعب يئن من الأسر تحت وطأة الملك وحاشيته وأتباعه شعب تغرب في وطنه فيرقى بمسؤوليته التاريخية وأصالته المصرية في طريقة تعامله مع الملك والتى غلفها بالعرف القبلي الراسخ في جذوره ويلبى للملك كل طلباته عدا البقاء في الحكم ملكا وكان قد سبقه الملك بموقف هو أشبه بالأسطوري حينما رفض إطلاق النار من قصره وإراقة دم المصريين وهنا تكمن القدرة على تقدير المواقف فى إدارة الأزمات بين ملك هو مخلوع لا محالة فلم يحرق الأخضر واليابس وزعيم قادم من بين أحضان الشعب المطحون فلم يحكمه حقده وكرهه الطبقي و لم يمتطيه زهوه بالنصر إلى التعالي والتكبر وكان ذلك واضحا في صيغة الخطاب المرسل للملك من مجلس قيادة الثورة والذي راعى فيه كل المسافات وكل ما يليق بملك فى الخطاب .. رحلة شاقة هي إذن حتى تؤل الأمور إلى زعيمها المنتظر والذي لم يترك فرصة للتاريخ يجرح فيه ويشكك بوطنيته اللهم إلا سفسطة بعض المتحذلقين والنخب المأجورة من أول خطاب له اخترق قلوب شعبه هذا بالإضافة إلى ما توفرت له من كاريزما خاصة فى الوصول للقلوب صيغ الخطاب الذي يدغدغ مشاعر الأمة ( باسم الأمة ) هذه هي طلعته فان الرجل مندوب عن أمته ومتحدث باسمها ولكن في مكان ما تكمن علل الرجال التي تظل مختبئة لا نراها إلا إذا طفت على سطح الأحداث ولأن كاسترو العرب ( عبد الناصر ) كان يفتقد إلى جيفارا المناضل الحر فالرحلة أصبحت منقوصة ودرب التحرير به فاقة لأن العوامل التي أحاطت به لم تساعده على اكتمال الحلم فيصيبه رمح شقيق كفاحه عبد الحكيم عامر يخترق القلب النازف أصلا من أوجاع الوطن فتأتى نكسة 67 كأرجوحة يترنح عليها ناصر بعد رحلة طويلة من تأسيس الحلم فيقرر التنحي فيأبى الطوفان الشعبي أن يختم حيات زعيمه هكذا ورغم ذلك يظل عبد الناصر زعيما ومناضلا حتى قبضت روحه بهموم وطنه ولأن الزعامة قدرا يرتضيه الإنسان ويتبناه وليس صناعة لآلة إعلامية مزيفة ظل عبد الناصر زعيما ووجه مصر الحديثه يقال أن جنازته لم يشهد مثلها التاريخ بكاه من يعرفه ومن لا يعرفه ومن رآه ومن لا يراه حزن علية الفلاحون والبسطاء وبكوه شيعت جنازته الرمزية بربوع مصر كلها حتى خطاباته لا زالت ترى رواجا لها وتلقى مستمعيها نشرت إحدى الصحف أن بعض من زوار قبر الزعيم يذهبون ويدعون عنده ويلقوا عليه بعض الرسائل كالتي تلقى عند ضريح السيد البدوي كان الرجل حلما للفقراء وملجأ لهم ليظل أطروحة لا تنتهي ومنهل تتشعب روافده عند النخب ولأن الثورات تشيخ بشيخوخة صانعيها وتنحرف بانحراف مطالبها التي قامت من اجلها وتنهار إذا امتطى جوادها من ليس من عشاقها كان لا بد من مولود يخرج من رحمها وان كان لا يحمل نفس الجينات التي توفرت لها خرجت ثورة 25 يناير لتعيد ترميم مساوئ الذين انحرفوا بالثورة الأم وتعيد صياغة النظام الجمهوري الذي أسسه عبد الناصر ولكن هذه المرة ثورة بلا زعيم ولا ملهم يقودها ..اختفى من مسرحها كاسترو العرب وصديقه جيفارا فقلادة الحكم هذه المرة لن تكون بيد ملهم أو قائد ولكن بيد شعب يساق إلى قدره