روعة الإحساس

كنا نسير للأمام أو هكذا كنا نظن فنظرنا نكتشف ما قطعناه وجدنا أنفسنا نسير للخلف وفقدنا ما إحتويناه

العقل مرة أخرى والعقول مرات عديدة فكرة ترويض العقل البشرى البكر الفطري الترويض بالترغيب والترهيب منظومة لم يعهد بها الإنسان في بداية خلقه بسبب الانطلاق الجامح واللا محدود لحياته البسيطة البدائية وسرعان ما تبدأ المرحلة الثانية لخلق الإنسان وهى ترويضه وتقييم سلوكه المتمرد فأرسل الله الرسل مبشرين ومنظرين بأن العلة من خلقه لم تكن منعدمة الغاية ولكن مطلوب منه دور يجب أن يؤهل له ليستقيم خلقه وسلوكه وتبدأ رحلة المعاناة للأنبياء والرسل مع الوافد الجديد للأرض وينشئ الصراع بين عقول تربت في حضانات خاصة تكفل بها الله ( وهم الأنبياء والرسل )وأخرى خلقت بلا قيود فكان عليه أن يتقبل الدروس المؤهلة له والتي غالبا ما تتعارض مع الأهواء والطموحات المتحررة والمتعمقة في تكوينه فعان الأنبياء والرسل ما عانوه وقتل منهم من قتل ومنهم من هجر قومه ومنهم من عذب وأوذي وطرد لتنتهي رحلة الأنبياء بوضع أسس للسلوك الإنساني في هيئة قواعد ودساتير إلهية بداية بألواح سيدنا موسى ومن سبقه مرورا بالإنجيل منتهيا بالقرآن الكريم كآخر دستور للبشرية تختم به حياتها ثم مردهم إلى الغيب ولكن تمرده وأحيانا تناسيه أو نسيانه جعل ترويضه هو أسهل بكثير من ترويض الأسود ليس لطبيعة الأسود الشرسة ولكن بسبب رغبته وتقبله للترويض الذي يتماشى مع أمانيه وأحلامه فوجد الطامحون أنفسهم أمام قيود تشريعية تعيق لهم تحقيق ما يصبون إليه بفعل هذا الجدار العازل من التشريعات الإلهية والعائق لانطلاقاتهم الجامحة والطموحة كما ان تمردهم على النسك يجلب لهم السخط والتمرد من عموم المسلمين الرابضين على جدار الفضيلة وهنا بدأ هؤلاء في التفكير في إيجاد مخرج وهى إفراز فئة تتبنى تليين وإذابة ولو بعض من ارتفاعات العوازل الإلهية الملزمة لهم تسمح لبعض أهواءهم بالقفز فجمعوا لهم طائفة من الذين تمكنت غرائزهم من عقائدهم إنهم (فقهاء الموائد) وعلماء الدرهم والدينار وكان دورهم هو تلميع الحاكم دينيا وأخلاقيا وإيجاد مخارج تشريعية لتصرفاته فتنزل تلك التشريعات على الدين فتلينه وعلى الحاكم تمجده وهذا الدور بدأ يمارسه بعض علماء الدين ضعاف النفوس وعباد النقود فأبحروا في فلك الحاكم ورسوا في مراسيه يأكلون طعامه ويفسرون قرآنه ويخلدون لسيرته ويمجدون ذكراه وما اضعف المتلقي وهشاشة عقله التي لم تستوعب بعد كل نواحي التعاليم فوجدوا طائفة من الشعب تؤوى إليهم وتصدقهم وتزود عنهم وغالبا ما يكونوا من البسطاء والقانعين بما آتاهم هنا تخندق هؤلاء خلف هذا الجدار يعبسون في الأوطان فسادا لمشرعا وجد من التفسير المضلل ولوي عنق الآيات والأحاديث ممتطى مريح وآمن له وعلى الجانب الآخر ترعرع جيل على مر تاريخ نزوات الحكم من المتمردين والمناوئين لفقهاء السلطان وهم غالبا من المضطهدين والمقهورين والمهمشيين الطامحين والذين رأوا في علماء السلطة ما هم إلا حفنة من المأجورين فخلقوا لأنفسهم فقها خاصا بهم على اختلاف انتماءاتهم وميولهم فقها يميل إلى الجنوح والتشدد وليد الظرف الذي يمرون به فوجدوا من الأتباع والمريدين ممن اعتمروا إليهم وساندوهم وآووهم بفعل النوائب التي حاقت بهم وبأسرهم من زبانية السلطان حتى افرز كلا الطرفين فكرا مشوها ومنقوصا وربما متحاملا ومقصودا وهذا نتاجه عند الطرف الأول مغيبا بفعل المال والسلطة والجاه وكرامة العيش وإما بفعل القهر والاضطهاد عند الطرف الثاني حتى خرج علينا الموروث الثقافي والديني بمواقف ومآزق غير مبررة أو مقنعة كان ثمارها قتل وإهانة بعض الصحابة والتابعين ( كمقتل طلحة والزبير رضي الله عنهم وعمار بن ياسر وصلب عبد الله ابن الزبير رضي الله عنهم )ومقتل الحسين الفريد والنادر رضي الله عنه وما يتعرض له الشيخان الآن أبو بكر وعمر رضي الله عنها وألحقنا بهما وما تتعرض له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها وحشرنا معها ومع الآل والصحب أجمعين والمتابع للأحداث والسير يجد أن هذا حدث في فترة تتميز بشمولية الدين والعقيدة عند العامة أنفسهم لأنهم اقرب للسيرة منا ورغم ذلك تم اختراق عقولهم وتضليلهم بفعل علماء ضلوا وأضلوا واقل ما يقال منعا للتجريح وجدوا مسلكا فقهيا لتبرير تصرفات الحاكم وهذا ما وردنا وتتبعناه لنفاجئ أن ذلك لم يكن استثناء فريدا من نوعه في فترة تشابكت فيها المفاهيم والمعاني ولكن نكتشف أنها صارت بمثابة سنن كونية تمر بكل العصور والأجيال تبدأ من جيل الأولين حتى تحمل إلينا بنفس السلوك والأحداث.. لأن انقسام العلماء والفقهاء هو الخطر والمأزق فلم يعد مفهوم إختلاف العلماء رحمة مقبولا في مثل هذه المواقف والنوائب والأحداث الذي على إثره تراق دماء المسلمين وغير المسلمين المسالمين وهذا الفقه الذى قسم الأمة شيعا وأحزابا ... شعوبا يسيرها الدين وينظم سلوكياتها وان كانوا لا يعون ذلك يجدوا أنفسهم مستغليين باسم الدين لبتر سلوكيات تعودوا عليها وطقوس ورثوها فطريا ليستسلموا لعلماء أرادوهم لوجهة لا يعرفونها وهذا ما حدث ويحدث في الشعوب العربية والإسلامية بعد أن انفرط عقد القهر والاستعباد لتكتشف هشاشة هؤلاء وشح موروثهم الديني والعقائدي وتكتشف أن ما هم عليه ما هي إلا دابة الهروب والإنقاذ من مجتمع مظلم ويظهر ذلك في رؤاهم الفقهية الغير مبررة والشاذة والتي تسئ ولا تنفع ( مثل رضاعة الكبير ) ( وزواج ملكة اليمين ) والخيط الرفيع بين الزنا والمتعة والمسيار والعرفى كما أنك تجدهم أقرب للكذب منه للصدق وللنفاق منه للإيمان وللإنكار منه للاعتراف ( كحوادث بعينها ارتكبها بعضهم ثم أنكرها أو بررها وكأقوال فقهية غيرها أو بدلها هذا ناهيك عما عشناه الآن فيما يسمى بالربيع العربي الذي قتل من قتل في ليبيا ( تشير التقارير إلى نسبة الشهداء يزيد عن خمسون ألف ) ولم نجد عالما ليبيا تمترس بمظلة النظام جرم ذلك وعلى الجانب الأخر لم نرى عالما من علماء الطرف الآخر أقر بأن قتلة النظام مضللين ومغرر بهم وهكذا الحال باليمن وسوريا وتونس وفى مصر لم تكن أقل حالا من سابقيها وان زادت عليهم لم يشر عالما واحدا من علماء النظام في الأيام الأولى من الثورة بحرمة قتل الشباب بل زاد عليها أن بعض الحركات الإسلامية التزمت الحياد منتظرة ما تؤل إليه الأحداث وزاد البعض بفتاوى استهلكت واستثمرت من قبل ولا زالت تستثمر في بعض الأنظمة الحالية التي لم يطلها التغير وهى الخروج على الحاكم كفر ومعصية وغير جائز شرعا ولكن تبدل الحال وآلت الأمور للثوار البسطاء الذين أفتوا لأنفسهم وشرعوا لأنفسهم تشريعا جاء موافق للكتاب والسنة وهى خلع الحاكم الفاسد ومحاربة الفساد والظلم والاستبداد ليكتشف الجميع إسلاميين وعلمانيين أن العدالة والحرية هي فقط البيئة الصالحة للدين وتسرى العقائد والتعاليم فيها مسرى النسيم بين الصدور ونكتشف نحن أن بالحرية والعدالة الخائف فيها آمن والآمن فيها عادل فلم تحرق الكنائس أو تفجر المساجد ولم يخطف فيها مسيحي ولم يهرب فيها مسلم وأن القلوب واجفة والفتاوى هادئة فلا ضير من الحجاب ولا فساد مع المتبرجات ... وأنها دنيا الله... وعالم الله... والخلق خلق الله... له فيها شئون ولهم فيه مآرب

mohamedzeinsap

كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 336 مشاهدة
نشرت فى 20 أكتوبر 2012 بواسطة mohamedzeinsap

محمد زين العابدين

mohamedzeinsap
نحن نتناول إحساسك ومشاعرك وغربتك نكتب لك ..... وتكتب لنا فى السياسة والادب والشعر والقصة والسيرة والدين نحن هنا من أجلك و...... ومن أجلنا لكى نقاوم حتى نعيش بأنفاسنا المحتضرة وآمالنا المنكسرة وآحلامنا البعيدة نحن المتغربين بين أوطانهم والهائمون فى ديارهم »

عدد زيارات الموقع

139,802

تسجيل الدخول

ابحث

ذاكرة تغفل..... ولكن لا تنسى




في قريتنا الشئ الوحيد الذي نتساوى فيه مع البشر هو أن الشمس تشرق علينا من الشرق وتغرب علينا من الغرب نتلقى أخبار من حولنا من ثرثرة المارين بنا في رحلاتهم المجهولة نرتمي بين حضن الجبل يزاحمنا الرعاة والبدو الأطفال عندنا حفاة يلعبون والرجال عند العصارى يلقون جثثهم أمام البيوت على (حُصر ) صُنعت من الحلف وهو نبات قاسى وجاف والنساء ( يبركن بجوارهم ( يغزلن الصوف أو يغسلن أوعيتهم البدائية حتى كبرنا واكتشفنا بأن الدنيا لم تعد كما كانت .... ولم يعد الدفء هو ذاك الوطن.......... كلنا غرباء نرحل داخل أنفسنا ونغوص في الأعماق نبحث عن شئ إفتقدناه ولا نعرفه فنرجع بلا شئ .. قريتنا ياسادة لا عنوان لها و لا خريطة ولا ملامح وكائناتها لا تُسمع أحد نحن يا سادة خارج حدودالحياة في بطن الجبل حيث لا هوية ولا انتماء معاناتنا كنوز يتاجر بها الأغراب وأحلامنا تجارة تستهوى عشاق الرق وآدميتنا مفردات لا حروف ولا كلمات لها ولا أسطرتُكتب عليها ولا أقلام تخطها نحن يا سادة نعشق المطر ولا نعرف معنى الوطن نهرب إلى الفضاء لضيق الحدود وكثرة السدود والإهمال... معاناتنا كنز للهواة وأمراضنا نحن موطنها لا تبارحنا إلا إلى القبور ... وفقرنا حكر احتكرناه ونأبى تصديره نحن أخطاء الماضي وخطيئة الحاضر ووكائنات غير مرغوب فيها...طلاب المجد نحن سلالمهم وطلاب الشهرة نحن لغتهم ... نحن يا سادة سلعة قابلة للإتجار بها ولاقيمة لها .. نحن مواطنون بلا وطن