الحمد لله رب العالمين، حمدًا يوافي نعمه، ويدافع نِقَمه، ويكافئ مزيده.. نحمده ونستعينه ونستهديه ونسترضيه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله.. أرسله ربه رحمة للعالمين، وشفيعًا للمؤمنين، ففتح الله به قلوبًا غلفًا وأعينًا عميًا وآذانًا صمًا..

وبعد

فالبرمجة اللغوية العصبية، موضوع عصري ملأ الدنيا، وشغل الناس، ورأى فيها الكثيرون أنها الحل السحرى لكل المشكلات، والمخرج من كل الأزمات..

نعم لقد أصاب الناس هوس شديد بها، وهذا الأمر ليس بغريب على مجتمعاتنا التي تنبهر بكل جديد وبكل وافد علينا من الغرب.

أنا لا أبخس الآخرين حقهم وقدرهم، فيحمد لهم جهدهم المشكور في صياغة النظريات وتطبيقها، وإنما أشعر بمرارة حقيقية عندما أجد كثيرا مما يصاغ في عصرنا هذا يعتمد على أصولنا، فتراثنا غني ومليء بالنفائس والذخائر، ولكنها لم تجد من يكشف عنها، ويجمع الأشتات، ويضم الشبيه إلى الشبيه، ويقدم لنا صورة متكاملة، ونموذجا تاما لقضية واحدة.

هذا الأمر ينطبق على كثير من النظريات المعاصرة التي قدمها لنا الغرب، ومنها البرمجة اللغوية العصبية، فأركان هذه النظرية وفروعها وتطبيقاتها موجودة في تراثنا العربي والإسلامي، وإن اختلفت الأسماء والمصطلحات، أنا هنا لا أدعي ميزة لتراثنا الإسلامي غير موجودة فيه، ولست من هؤلاء الذين يرجعون كل جديد ومبتكر إلى قديم سبقه، وإنما أردت أن أضع الأمور في نصابها الصحيح، وسوف أقدم بالأدلة والبراهين ما يؤكد ثراء الثقافة الإسلامية وخاصة الجانب التربوي فيما يمكن أن يندرج تحت مظلة البرمجة اللغوية العصبية.

يمكننا أن نبلور هذه الأفكار في صورة سؤالين مهمين، هما:

السؤال الأول: هل البرمجة اللغوية العصبية بضاعة غربية خالصة؟

والسؤال الثانى: كيف نوظف هذه النظرية ونطبقها تطبيقا عمليا، ونستفيد بها في حياتنا، وخاصة في تربية الأطفال؟

 والإجابة عليهما هي ما نود أن نؤكده ونقرره في هذا الكتاب:

دور البرمجة اللغوية العصبية في تربية الأطفال

ولعل اختياري لمجال تربية الأطفال لكي أطبق عليه هذه النظرية يرجع لأسباب عديدة، منها:

 تربية الأطفال ليست عملا عفويا، أو عملا سهلا، وإنما تحتاج إلى برامج وأسس وضوابط.

 تربية الأطفال مجال مهم من مجالات البرمجة اللغوية العصبية، ومع ذلك لم يلتفت إليه الكثيرون، وكلنا يعرف القاعدة التي تقول: التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، والتعليم في الكبر كالنقش على الماء.

 ثراء التراث الإسلامى في هذا المجال، ولكنه مخبوء في بطون الكتب.

والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب المربين والآباء والأمهات، وأن يعينهم من خلاله على حسن تربية أبنائهم.

 

<!--[endif]-->

المصدر: من مقدمة الكتاب

ساحة النقاش

الدكتور/ محمد محمود القاضي

mohamedalkady
موقع شخصي يهتم صاحبه باللغة العربية ودراساتها، والثقافة الإسلامية، والثقافة العامة، والتأليف للطفل. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

228,502