الحمد لله رب العالمين، حمدًا يوافي نعمه، ويدافع نقمه، ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على خير خلق الله وأفصح من نطق بالضاد محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه، وبعد..
فها هو ذا الجزء الثالث من كشاف مجلة مجمع اللغة العربية المصري يضم بين دفتيه فهرسة لواحد وعشرين عددًا من أعداد المجلة من العدد الثامن بعد المئة إلى العدد الثامن والعشرين بعد المائة، وهو آخر ما صدر من أعداد المجلة حين طباعة هذا الجزء، وبه ثلاثمئة وإحدى وثمانون بطاقة (381)، وكشافاتها، وبهذا الجزء تكتمل – بفضل الله تعالى وتوفيقه- فهرسة جميع أعداد مجلة مجمع اللغة العربية المصري التي صدرت عن المجمع حتى الآن، وهي مائة وثمانية وعشرون عددًا، تم فهرستها في بطاقات عددها ألفان وثمانمئة وثلاث وستون بطاقة (2863) وأحد عشر كشافًا.
وباكتمال هذه الفهرسة – بفضل الله تعالى- نكون قد قدمنا للمكتبة العربية كشافًا كاملا لمجلة مجمع اللغة العربية المصري لأول مرة في تاريخ المجمع، ولأول مرة في مجال فهرسة المجلات المعنية باللغة العربية وآدابها.
وبمجرد صدور كشاف مجلة المجمع المصري للأعداد من (1-107) عن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية والذي طبع في مجلدين، ورأينا كيف تقبلته الأوساط اللغوية والثقافية بقبول حسن، حرصنا على سرعة إنجاز فهرسة ما تبقى من أعداد المجمع، وازداد حرصنا على ذلك، بسبب ما لمسناه من حثّ المركز وتشجيعه لنا ممثلا في المسؤولين عنه على إكمال العمل في أسرع وقت، فواصلنا العمل ليلا ونهارًا، وشمرنا عن ساعد الجد لنُخرج الجزء الثالث للأعداد المتبقية من مجلة المجمع.
ولقد اجتهدنا قدر المستطاع في إخراج العمل بصورة تليق بالصرح العظيم صاحب المجلة وهو مجمع اللغة العربية المصري، وتليق كذلك بالصرح الكبير الذي أشرف على طباعة الكشاف وإخراجه وهو مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية.
وأعمال البشر –غالبا- يعتريها بعض النقص والخلل، وأستشهد هنا بما قاله القاضي الفاضل أستاذ العلماء البلغاء عبد الرحيم البيساني وهو يعتذر إلي العماد الأصفهاني عن كلام استدركه عليه: "إنه قد وقع لي شيء وما أدري أوقع لك أم لا؟ وها أنا أخبرك به، وذلك أنّي رأيتُ أنّه ما كَتَبَ أحَدُهُم في يَومِهِ كِتابًا إلا قالَ في غَدِهِ، لو غُيّرَ هذا لَكانَ أَحسن، ولَو زُيِّدَ ذاكَ لَكانَ يُستَحسن، ولَو قُدِّمَ هذا لكانَ أفضل، ولو تُرِكَ ذاكَ لَكانَ أجمل، وهذا مِن أعظَمِ العِبر، وهو دَليلٌ على استيلاءِ النّقْصِ على جُملَةِ البَشر".
ولله در إمام العربية الكسائي إذ يقول -رَحِمَهُ الله: صَلّيتُ بهارونَ الرشيد، فأَعْجَبَتني قِراءَتي، فَغَلِطتُ في آيةٍ ما أخطأَ فيها صَبيٌ قَط، أردتُ أنْ أقولَ: "لعلَّهم يَرجِعون "فقلت: "لعلَّهم يرجعين "قال: فوالله ما اجترأ هارون أنْ يقولَ لي: أخطأت، ولكنّهُ لما سَلَّمتُ قال لي: يا كسائي! أيُّ لُغَةٍ هذه؟ قُلتْ يا أميرَ المؤمنين! قَدْ يَعثُرُ الجَواد، فقال: أما هذا فنعم. ولقد عَلّقَ الحافظُ الذهبي في سِيَرِ أعلام النُبلاء على الحكاية قائِلًا: "مَنْ وَعى عَقلُهُ هذا الكلام عَلِمَ أنَّ العالِمَ مَهما عَلا كَعبُهُ، وبَرَزَ في العِلم، إلا أنّه لا يَسلَمُ مِن أخطاءَ وزَلات، لا تَقدَحُ في عِلمِه، ولا تَحطُّ مِن قَدرِه، ولا تُنقِصُ مَنزِلَتَه. ومَن حَمَلَ أخطاءَ أهلِ العِلم والفَضلِ على هذا السبيل حُمِدَت طَريقَتُه، وشُكِرَ مَسلَكُه، ووُفّقَ للصواب".
فجزى الله عنا خير الجزاء كل من أرشدنا إلى قصور في عملنا ونبهنا إليه، وهدانا إلى الأصوب والأفضل والأحسن.
ونتوجه بخالص الشكر والتقدير وعظيم الامتنان لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي رعى هذا العمل وبذل جهدا منقطع النظير في سبيل إخراجه وطباعته وسرعة إتمامه، وليس هذا بغريب على هذا الصرح العملاق الذي جعلته جهوده وإسهاماته قائدًا لمسيرة اللغة العربية في هذا العصر.
ونسأل الله سبحانه العون والتوفيق لنا في مسيرتنا لخدمة اللغة العربية المحفوظة بأمر الله سبحانه، فمن تمام حفظه للقرآن الكريم سيحفظ لغة القرآن على مر العصور والأزمان بأن يقيض لها من يحفظها وينشرها ويعتني بأمرها.
والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
ساحة النقاش