قيمة العبد عند الله
اعلم أيها العبد أنه لا تزال لك قيمة عند الله تعالى حتى تعصى، فإذا عصيته، فلا قيمة لك عنده، قال تعالى: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18)
لو اختارك الله تعالى خادمًا لربوبيته، ما قطعك عنه بالمعصية؛ لأن الطاعة صلة، والمعصية قطيعة. ولو كنت ذا قيمة عند الله ما رماك لغيره. أرأيت الثمرة تحافظ عليها فى جيبك، فإذا أكلتها ألقيت النواة فى الطريق، ولا تبالى فى أى مكان وقعت، فحافظت على الثمرة لقيمتها، وتركت النواة لحقارتها، فكذلك العاصى لا قيمة له عند الله، أما العبد الطائع فيحفظه ربه ويرعاه, قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الإسراء:85).
ولا تكون معصية إلا ويكون الذل معها، أفتعصيه ويعزك: كلا.. فقد ربط العز مع الطاعة، والذل مع المعصية، فصارت طاعته نورًا وعزًا وسعادة، وكشف حجاب، وهداية. قال تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمد: 17).
وصارت المعصية ضدها، ظلمة، وذلاً، وشقاوة، وضلالاً، وحجابًا بينك وبين الله، وما منعك من مشاهدة هذه الأشياء، ومعرفتها إلا عدم وقوفك عند حدود الله، واشتغالك عنه بهذا الوجود، وإعراضك عن طاعته، واستكبارك على خدمته، واستهتارك بشرعه، قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124)
ولو أردت السير إلى الله، لشددت العزم إليه، ولكن أين الهمة، وقد قيدتك المعاصى، وأحاطت بك الذنوب من كل جانب؟
ساحة النقاش