بوابة معلمى الغالى

لاحياة بلا أمل,moalemyalghaly ولا نجاح بلا عمل.

كثيراً ما يواجه المعنيون باللغة العربية في الوطن العربي عامة، والقطر العربي السوري خاصة، بسؤال ملفّع بشيء غير يسير من الاحتجاج المبطن: هل اللغة مهمة إلى هذه الدرجة؟ أما آن لها أن  تترجل من على صهوة حياتنا لتدعنا وشأننا نمضي إلى ما خُلقنا له من شؤون أكثر جدية من هذه الصغائر المتصلة بنحوها وصرفها وأصواتها ومعانيها ودلالاتها؟

لماذا تصرّ، ويصرّ كل من نصّب نفسه قيّماً عليها، وعلينا، أن تظل هاجساً يؤرقنا حتى إنه يمكن أن يهدّد مستقبلنا([1])؟ خاصة وأن اللغة ليست، في نظر من يوجهون هذا السؤال، غير مجرد وعاء لما يعتمل في نفوسنا من أفكار وميول ومشاعر وخواطر؟ وهل نشرب إلا الماء؟ وهل نحتسي إلا القهوة؟ وهل ننتشي إلا بما يحتويه الكأس؟. فلم إذن كل هذا اللغو عن ضبط نطقنا لأصوات اللغة، وإخراج حروفها من مخارجها الصحيحة، والالتزام بصيغها الصرفية، ومراعاة قواعد بناء جملها، والتدقيق في دلالات مختلف مكوناتها، ومراعاة السياق في إنشاء خطاباتنا، وفي تفسيرنا لخطابات الآخرين؟. بل إن كثيرين، ممن قطعوا أشواطاً مهمة في حقول تخصصاتهم، يتذرعون بأنهم أطباء أو مهندسون أو مؤرخون أو مختصون بالحاسب أو الاقتصاد أو التجارة أو العلوم، وأن اختصاصهم يحول بينهم وبين إتقان لغتهم الأم، بل إنهم يرون ذلك أمراً منطقياً، إذ يبدو لهم الجمع بين إتقان الاختصاص وإتقان لغتهم كتابة وقراءة وحديثاً ومحاضرة ضرباً من ضروب المستحيل.

والحقيقة أن مسألة إتقان اللغة الأم ضرورة حيوية لارتباطها الوثيق بحرية الإنسان في التعبير، ولكونها أداة لا غنى عنها للمرء في تواصله مع الآخرين من الناطقين بلغته الأم ومع نصوص تراثه القومي، والمواريث المدوّنة بها، ولكونها – وهذا أخطر ما فيها- أداة للتفكير، فنحن نفكر باللغة التي نعرف، ودونها يصبح التفكير، حتى في أبسط الأمور مستحيلاً. بل إن قدرة المرء على التعبير والتواصل مع الآخرين مرهونة بقدرته على التفكير، ومن ثم تمكنه من أدوات التفكير هذه. وكثيراً ما نجيل أفكاراً معينة في أذهاننا، ونحس أنها تكاد أن تكون في متناولنا، ولكنها تظل غائمة بعيدة عنا إلى أن نتمكن من أسرها بلغة ما نعرفها، نتقن استعمالها وتوظيفها في مختلف شؤون حياتنا. ولو أن أيّاً منا حاول أن يفكر ويعبّر ويتواصل مع الآخرين بلغة أخرى غير لغته الأم لكانت قدرته على التفكير والتعبير والتواصل مع الآخرين معادلة  تماماً لدرجة تمكنه من تلك اللغة.



(1) النجاح في مقرر اللغة العربية شرط لازم في القطر العربي السوري للحصول على شهادة التعليم الأساسي، والشهادة الثانوية بمختلف فروعها.

المصدر: كتاب تعليم اللغة للطفل
moalemyalghaly

بوابة معلمى الغالى: تعلم العلم واقرأ تحز فخار النبوة ... فالله قال ليحيى خذ الكتاب بقوة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 315 مشاهدة
نشرت فى 2 ديسمبر 2011 بواسطة moalemyalghaly

ساحة النقاش

بوابة معلمى الغالى

moalemyalghaly
موقع الأستاذ سامح يرحب بكم"نؤمن بالله , ونتبع نبيه محمدا " صلى الله عليه وسلم", نجل العلم والعلماء,ندعو إلى الاتحاد ونبذ الفرقة والعنف,نضىء شمعة من الحب فى طريق كل طالب وطالبة بل كل إنسان,نؤكد على أهمية الأخلاق الكريمة والسلوكيات الرشيدة,والله الموفق. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

369,477

وفى لغتى بريق الوحى يسرى