الرثاء
للخنساء
التعريف بالشاعرة :
هي تَماضر بنت عمرو من بني سُليم من أهل نجد ، ولدت سنة 575 للميلاد، و لقبت بالخنساء لجمال أنفها ، وهي أشهر شواعر العرب وأشعرهن . عاشت في الجاهلية ، ثم أدركت الإسلام فأسلمت ، ووفدت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع قومها ، فكان الرسول يستنشدها (أي يطلب منها قول الشعر) ويعجبه شعرها .
- أكثر شعرها وأجوده رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية ، وكانا قد قُتلا في الجاهلية ، وكان لها أربعة بنين شهدوا حرب القادسية ، فجعلت تحرِّضهم على الثبات حتى قتلوا جميعاً ، فقالت : (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته) . ويقال : أنها توفيت سنة 664 ميلادية .
ا
مناسبة النص :
كان للخنساء أخ هو صخر ، وكان صخر عظيم البر بها مع أنها أخته من الأب ، وفي بعض المعارك التي دارت بين بني سُليم قوم الخنساء ، وبني أسد ، طُعِنَ صخر طعنة أورثته علة لم يلبث أن مات بعدها ، فحزنت الخنساء حزناً فظيعاً عليه ؛ فلقد كانت تحبه حباً لا يوصف ، ورثته رثاء حزيناً وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء . ومن ميراثها هذه القصيدة الشهيرة .
ôالأبيات :
1 - أَعَينيَّ جُودَا وَ لاَ تَجمُـدَا أَلاَ تَبكيانِ لِصَخْـرِ النَّدى ؟
2 - أَلاَ تَبكيانِ الجَريءَ الجَميلَ أَلا تَبكيانِ الفَتَى السـَّيِّدا ؟
3 - طَوِيْلُ النِّجَادِ رَفِيْعُ العِمَـادِ سـَادَ عَشِــيرَتَهُ أَمْـرَدَا
ôاللغويات :
جودا : أي ابكيا بسخاء و بغزير الدمع × ابخلا - ولا تجمدا : لا تجف وتكف دموعكما - الندى : الجود و الكرم والسخاء × البخل ، الشح ج الأنداء ، وصخر الندى : أي صخر الكريم - الجريء : الشجاع المِقْدَام ج أَجْرِئاء ، جُرَآء ، اجْرياءُ × الجبان - الفتى : الشاب القوي ج الفتيان ، الفتية - السيد : العظيم الشريف ج السادة ج ج السادات - النجاد : حمائل السيف ، و طويل النجاد : أي طويل القامة - رفيع : عالٍ ، مرتفع × متدنٍ - العماد : عمود البيت الذي يقام وسط الخيمة ج عُمُد - رفيع العماد : أي عظيم القدرة و المكانة - ساد : قاد - عشيرته : قَبيلته ج عشائر - الأمرد : الشاب الصغير الذي لم تنبت لحيته ج مُرد .
ôالشرح :
تتحدث الشاعرة في هذه الأبيات عن أخيها صخر الذي اختطفه الموت ، وتستحث عينيها أن تجودا بالدمع الغزير ؛ ليتدفق حزناً على أخيها صخر بحر الكرم و الجود و العطاء الدافق ... فهو الفتى الجريء الجسور ذو الطلعة البهية جميل الخِلْقَة و الخُلُق ، الشريف العظيم في قومه ... صاحب القامة الطويلة و المهابة العظيمة ، شريف قومه و سيدهم على الرغم من صغر سنه .
س1 : لماذا طلبت الشاعرة من عينيها أن تجودا بالدمع ؟
جـ : وذلك لأن الدموع قد تخفف من آلامها ، و قد تزيل أحاسيس الجزع (انعدام الصبر) و الحزن منها بعد أن اختطف الموت أخاها .
س2 : لم خَصَّتِ الخنساء أخاها بهذا الرثاء ؟!
جـ : خَصَّتِ الخنساء أخاها بهذا الرثاء ؛ لمناقبه (مزاياه) العديدة فهو عظيم البرِّ بها مع أنها أخته لأبيه ، وهو السبَّاق إلى الخير المِعْطاء السيد الشريف .
س3 : ما الصفات التي مدحت بها الشاعرة أخاها في الأبيات الثلاثة الأولى ؟
جـ : الصفات التي مدحت بها الشاعرة أخاها :
الكرم - الشجاعة - الجمال - الشرف - العظمة - الطول - السيادة .
س3 : علامَ تدل تلك الصفات التي مدحت بها الشاعرة أخاها في الأبيات الثلاثة الأولى ؟
جـ : تدل على السيادة و السيطرة في تلك البيئة الجاهلية التي تمجد من يتصف بهذه الصفات .
ôالتذوق :
(أعيني) : استعارة مكنية ، حيث شبهت الشاعرة عينيها بشخصين تطلب منهما العون ، وحذفت المشبه به ، ودلت عليه بشيء من لوازمه وهو النداء عليه ، وهي صورة توحي بشدة الحزن الذي يعتلج (يتصارع) في صدرها.
(أعيني) : أيضاً أسلوب إنشائي / نداء ، غرضه : إظهار الحزن و الأسى و اللوعة .
(جودا) : استعارة مكنية ، فيها تشخيص للعينين أيضاً .
(جودا) : أيضاً أسلوب إنشائي نوعه : أمر ، غرضه : التمني .
(ولا تجمدا) : استعارة مكنية ، و أيضاً أسلوب إنشائي نوعه : نهي ، غرضه : التمني ، و التمني هنا تمني استمرار البكاء ؛ لأن البكاء قد يُطفئ نار الحزن؛ ولذلك تشتد اللوعة (الحُرْقَة) عندما تجمد العين ولا تدمع.
(ولا تجمدا - الندى) : محسن بديعي / تصريع ، يعطي نغمة موسيقية إضافية في مطلع القصيدة .
(جودا - تجمدا) : محسن بديعي / طباق يؤكد استمرار الحزن و تجدد البكاء .
تذكر : أن من المحسنات البديعية :
" الطبـاق والمقـابلة والجناس والتورية والتصريع والسجع وحسن التقسيم .. " .
س 1: ما نوع الأسلوب في (ألا تبكيان) ؟ وما غرضه ؟ ولماذا تكرر ثلاث مرات ؟
جـ 1 : أسلوب إنشائي استفهامي غرضه : الحث و التحضيض (التحريض) على البكاء .
- وقد تكرر ثلاث مرات ؛ للتأكيد على مشاعر الحزن والألم التي أحرقت قلبها بعد فقده .
(صخر الندى) : الإضافة هنا تدل على أن الكرم عنوانه صخر .
(الجريء - الجميل - الفتى - السيدا) : تتابع جميل لصفات صخر العظيمة التي أهلته للمكانة العالية و السيادة في قومه .
س2 : لماذا يعاب على الشاعرة قولها في وصف أخيها (الجميل) بعد (الجريء) ؟
جـ 2 : و ذلك لأن الجمال لا يمدح به إلا النساء و ليس الرجال .
(طويل النجاد) : كناية عن طول القامة (صورة مأخوذة من البيئة) .
(رفيع العماد) : كناية عن الشرف والسمو ؛ فبيت سيد القبيلة أعلى البيوت وأكبرها حجماً (صورة مأخوذة من البيئة) .
(طويل النجاد - رفيع العماد) : محسن بديعي / حسن تقسيم يعطي نغمة موسيقية تطرب الأذن .
(ساد عشيرته أمردا) : كناية عن الرجولة المبكرة .
* لاتنسَ أن : سر جمال الكناية هو الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم .
الأساليب الخبرية في الأبيات السابقة غرضها تقرير و إثبات صفات الكمال و البطولة لأخيها .
ôالأبيات :
4 - إذا القـومُ مدُّوا بأَيْدِيهُـمُ إلى المَجـدِ مَدَّ إلَيْـهِ يـدَا
5 - فـنَالَ الذي فَوْقَ أَيْدِيهـمُ من المجدِ ثم مَضَى مُصْعدَا
6 - تَرَى الحَمْدَ يَهْوَي إلى بَيْتِه يَرَى أَفْضَلَ الكَسْبِ أن يُحْمَدَا
ôاللغويات :
- القوم : الرجال ج أقوام - المجد : الشرف و الرفعة × الضّعة والحقارة - مد : بسط × قبض - نال : حصل × حُرِم - مضى : ذهب و انطلق - مصعدا : ناهضاً مرتفعاً × هابطاً ، منحدراً - الحمد : الشكر و الثناء الجميل × الذم و الجحود و النكران - يهوي : أي يسرع إليه - الكسب : الربح × الخسارة .
ôالشرح :
تعبر الشاعرة عن فخرها بأخيها من خلال موازنة و مقارنة رائعة بين صخر و قومه في ساحات المجد و الشرف ، فقومه عندما يتسابقون إلى المجد و الرفعة فهو يشاركهم في النبل و العظمة بل يفوقهم و يعلو عليهم .. لذلك فهو يحظى بالثناء من الناس و الاعتراف بالجميل جزاء لأعماله الرائعة ، وهو يؤمن أن أعظم ربح للإنسان أن يكون محموداً و محبوباً من الناس .
س 1: في البيت الرابع مقارنة . ما طرفاها ؟ و ما نتيجتها ؟
جـ : المقارنة بين أخيها صخر ، وقومه في مكارم الأخلاق و الأعمال العظيمة .
- و نتيجتها : تفوق و سبق أخيها صخر في كل عمل عظيم و موقف شريف ، فهو يعلو قومه بعظيم سجاياه (صفاته) .
ôالتذوق :
(مدوا بأيديهم إلى المجد) : استعارة مكنية ، تصور المجد بشيء مادي يتسابق القوم في الوصول إليه ، و الصورة توحي بقيمة المجد و مدى اهتمام الفضلاء به ، وفيها تجسيم للمجد .
(مد إليه يدا) : استعارة مكنية للمجد ، فيها تأكيد على سبق صخر .
(يداً) : نكرة للتعظيم .
(فنال الذي فوق أيديهم من المجد) : استعارة مكنية ، تصور المجد أيضاً بشيء مادي ينال .
(فنال) : تعبير يوحي بالنجاح و الفوز بالمجد .
(فوق) : تعبير يوحي برفعة الغاية وسمو الهدف الذي يبحث عنه صخر .
س1 : ما علاقة البيت الخامس بالبيت الرابع ؟
جـ1 : العلاقة : نتيجة ، فنتيجة الجهد الوصول إلى المجد .
(ثم مضى مصعدا) : كناية عن قوة العزيمة و علو الهمة التي عليها صخر .
(ترى الحمد يهوي إلى بيته) : استعارة مكنية ، تصور الحمد بطائر يسرع بالهبوط على بيت صخر ، وهي صورة توحي بحب الناس لصخر ، وأنه محمود السيرة .
(بيته) : مجاز مرسل عن صخر علاقته المحلية .
(بيته) : توحي أيضاً بالنشأة الطيبة و الأصل الكريم .
(يرى أفضل الكسب أن يحمدا) : كناية عن عظمة صخر وعفته فهو يرى أن الكسب الحقيقي في أن يرضى الناس عن أعماله .
(يحمدا) : فعل مبني للمجهول ؛ ليوحي بعموم المدح من كل الناس .
البيت السادس : نتيجة .
التعليق :
س1 : ما الغرض الشعري الذي تمثله هذه الأبيات ؟
جـ : هو غرض الرثاء الفردي .
س2 : ما تعريف الرثاء ؟ وكيف كان قديماً ؟ وكيف أصبح حديثاً ؟
جـ : هو مدح للميت بما كان يتصف به من صفات عظيمة كالكرم والشجاعة والشرف والسيادة .
- وكان الرثاء قديما فرديا أو قبلياً ولكن الرثاء تطور بعد ذلك وخصوصا في العصر الحديث فصار قومياً، تمجيداً للشهداء وأثرهم في الدفاع عن الوطن.
س3 : سيطرت على الشاعرة عاطفتان . وضحهما .
جـ : بالفعل سيطرت على الشاعرة عاطفتان :
- العاطفة الأولى : عاطفة الحزن و الألم لفقد أخيها .
- العاطفة الثانية : عاطفة التمجيد والإعجاب والاعتزاز بأخلاق أخيها صخر .
س4 : لماذا لم تحزن الخنساء على موت أولادها حزنها على موت أخيها ؟
جـ3 : لم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد المسلم في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر [وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ] (آل عمران:169) .
س5 : تنوعت الأساليب في هذه الأبيات ما بين خبرية و إنشائية.علل .
جـ : بالفعل تنوعت الأساليب في هذه الأبيات ما بين خبرية و إنشائية ففي البيتين الأول و الثاني كانت الأساليب إنشائية ؛ لإظهار عاطفة الحزن و الأسى على فقد الأخ الحبيب ، وفي بقية الأبيات كانت الأساليب خبرية ؛ لتأكيد وتقرير الإعجاب بأخلاق صخر .
س6 : تظهر في القصيدة ملامح البيئة في العصر الجاهلي . وضّح .
جـ : بالفعل تظهر في القصيدة ملامح البيئة في العصر الجاهلي و منها :
1 - قوة الروابط الأسرية .
2 - السيف رمز البطولة .
3 - من صفات العرب " الكرم - الشجاعة - الشرف " .
4 - الفخر بطول القامة .
5 - ارتفاع بيت سيد القبيلة دليل المهابة .
س7 : ما الغرض الشعرى للنص ؟ ولماذا جاء على هذه الصورة القوية في ألفاظه ومعانيه وصوره ؟
جـ : غرض النص : الرثاء ، وجاء على هذه الصورة القوية لصدق عاطفتها الحزينة ، وبراعة الخنساء في الرثاء بألفاظ ملائمة ومعانٍ واضحة وصور تمثل المثل العليا .
س8 : اذكر الصفات التي وصفت بها الخنساء صخرا مشيراً إلى العلاقة بين هذه الصفات وحياة البادية .
جـ : وصفته بالكرم والجرأة والشجاعة وقوة الشخصية وطول القامة والسيادة على قومه منذ صغره ، وهي صفات أحبها العرب لارتباطها بطبيعة بيئتهم التي تمجد القوة و البطولة .
أسئلة للمناقشة :
1 - أَعَينيَّ جُودَا وَ لاَ تَجمُـدَا أَلاَ تَبكيانِ لِصَخْـرِ النَّدى ؟
2 - أَلاَ تَبكيانِ الجَريءَ الجَميلَ أَلا تَبكيانِ الفَتَى السـَّيِّدا ؟
3 - طَوِيْلُ النِّجَادِ رَفِيْعُ العِمَـادِ سـَادَ عَشِــيرَتَهُ أَمْـرَدَا
س1 : لم استحق صخر هذا الحزن الشديد من أخته ؟!
س2 : الأبيات تجمع بين صفات صخر الخِلْقية و الخُلُقية . وضح .
س3 : وصل صخر للسيادة في قومه على الرغم من صغر سنه . علل .
س4 : بم يوحي التعبير بـ (طويل النجاد) ؟
س5 : كان صخر شخصية اجتماعية - هات من القصيدة البيت الذي يدل على ذلك .
س6 : اختر : 1 - الرثاء في هذه القصيدة : (قبلي - قومي - فردي) .
2 - تكشف الأبيات عن صفة تميز الخنساء هي : (الصدق - الوفاء - الفخر) .
س8 : اذكر الصفات التي وصفت الخنساء بها صخراً في الأبيات مشيراً إلى العلاقة بين هذه الصفات وحياة البادية .
ساحة النقاش