كتبت: الداعية ألفت مهنا
اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لَكَ وَتَقصيرُكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ دَليلٌ عَلى انْطِماسِ البَصيرَةِ مِنْكَ.
معاني الكلمات :
الدليل (ج. أدلة): هو الشيء الذي يلزم مِنَ العلم به العلم بشيء آخر.
البَصيرة: القوة المهيئة لإدراك المعاني.
شرح الحكمة :
الله خلق فسبحان الخالق الذي أحسن كل شيء خلقه ، ولأنه هو الظاهر والباطن فقد خلق خليفته له ظاهر وباطن ولا يكمل أداء المهمة إلا إذا أستوي الظاهر والباطن ومثال بسيط علي هذه الحقيقة البصر .. فظاهر عملية الإبصار وجود جارحة أو عضو هو العين ولكن لكي تتم عملية البصر لابد من وجود نور خارجي وهو ما نطلق عليه الإضاءة و كذلك لابد من وجود نور داخلي .
فنجد أن في حياتنا من لديه نور البصر ولكن لا يوجد نور خارجي .. فلن يري الإنسان.
وكذلك من يعيش في نور خارجي وإضاءة كاملة ولكن يفقد نور البصر الداخلي فلن يري أيضا ولا تتم عملية الإبصار إلا باستواء النور الداخلي والخارجي وكذلك كل وظائف الإنسان لابد من نور داخلي وخارجي ولهذا يوضح سيدي أحمد بن عطاء الله وذلك ربطا بالحكمة السابقة أن الإنسان خلقه الله وطلب منه
1- أن يعرفه فقال : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات56
2- و يكون خليفة له فقال : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً .... } البقرة30
3- يزكي نفسه لتكون صالحة للقاءه سبحانه فقال: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } الشعراء89
وضمن له الرزق و العمر فقال سبحانه : {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } التوبة51
فلو أجتهد الإنسان فيما ضمن الله له وقصر وأهمل فيما طلب منه
كان ذلك دليل علي خلل في البصيرة وهي نور الفؤاد قال تعالي :
{...فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج46 هذا الخلل في نور الفؤاد الداخلي وهي فطرة الإنسان التي خلق الله عليها وذلك بإتباع الطاغوت الذي يطمس هذا النور كما قال سبحانه : {.... وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة257
أو بسبب خلل في النور الخارجي للبصيرة وهو إتباع الحبيب المصطفي والشرع الذي جاء به قال سبحانه :{....قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } المائدة15
فمن عصى وهجر نور الحبيب فقد دخل في الظلمات
إذ يقول لك سيدي أحمد إذا كنت تريد أن تعرف قوة بصيرتك فانظر فيما توجه طاقتك فإن كانت فيما طلب منك فهذا دليل علي قوة البصيرة وإن كان فيما ضمن لك و تقصير فيما طلب منك فان بصيرتك مطموسة و في حاجة إلي أعادة شحن (نسأل الله العافية.)
أسأل الله أن ينور بصائرنا حتى نري الحق حقا وأن يلهمنا أتباعه و أن نري الباطل باطلا و يلهمنا اجتنابه أمين.
ساحة النقاش