كتبت: الداعية ألفت مهنا
أَرِحْ نَفْسَكَ مِنَ التَّدْبيرِ. فَما قامَ بِهِ غَيرُكَ عَنْكَ لا تَقُمْ بهِ لِنَفْسِكَ.
معاني الكلمات :
. والمقصود بالتدبير في الحكم العطائية التدبير المذموم وليس التدبير المحمود. فالتدبير المذموم هو تدبير الدنيا للدنيا، ومعنى ذلك: أن يدبر الإنسان في أسباب جمعها افتخارا بها واستكثارا، وكلما ازداد فيها شيئا ازداد غفلة واغترارا. أما التدبير المحمود فهو تدبير الدنيا للآخرة: كأن يدبر الإنسان المتاجر والمكاسب ، ليأكل منها حلالا ولينعم بها على ذوي الفاقة أفضالا وليصون بها وجهه عن الناس إجمالا فذلك هو التدبير المحمود الذي يحبه الله ورسوله، وحث عليه ابن عطاء الله في كتابه التنوير في إسقاط التدبير.
شرح الحكمة :
خلق الله سبحانه الإنسان و سخر له كل شيء فقال :
{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ }
وضمن له رزقه وعمره فلن تموت نفس حتي تستوفي رزقها وعمرها
قال رسول الله صل الله عليه و سلم :
" أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ " .
إذا الله خلقنا وضمن لنا الرزق وطلب منا أن نتفرغ له ولا ننشغل عنه وفي ذلك راحة لنا لأرواحنا فما شغل إنسان إلا بتدبير معاش مقدر فيتعب ولا يكون له إلا ما قدر له لو أنه أراح نفسه من ذلك لتفرغ لما طلب منه وهو معرفة الله سبحانه حيث قال : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
خلقك لتعبده أي لتعرفه وضمن لك ما تحتاجه فتركت ما طلبه منك وشغلت بما ضمنه لك فيصلك ما هو مضمون وتعاقب علي ترك المطلوب فتشقى والعياذ بالله في الدنيا والآخرة ، فلو قادك شيخ جليل مثل سيدي أبن عطاء لدلك علي طريق الراحة والنجاة .
الراحة في الدنيا بعدم الشغل بها والنجاة في الآخرة بالعمل والإنشغال بمراد الله في خلقه والفوز برضاه فى الدارين .
وما أجمل كلام الشاعر العارف :
ما ثم إلا مــــــــا أراد فاترك هموك وانطرح
واترك شواغلك التي شغلت بها تستــــــــرح
فلو شاغلتك نفسك بهموم الغد فشاغلها بحسن الظن في رب ما خذلك بالأمس .
اللهم لا تشغلنا عنك إلا بك ولا تشغلنا بما تكفلت لنا به وأفردنا لما خلقتنا له بجاه سيدنا المصطفي وصلى اللهم عليه صلاة تعيننا بها على أنفسنا أمين.
ساحة النقاش