ورحل علم من أعلام الشعرالدكتور محمد الدبل (<!--)
ستبكيك أخلاق المرؤة إنها ** مُغيبَةُ ما دُمْتَ عنهنَ غائبا
كل يوم تفاجئنا الصحافة المحلية بأخبار وأنباء سارة في غالب أيامها، تحكي عن التطور الهائل الشامل في جميع مناحي الحياة في هذا البلد الآمن الذي ينعم بالخيرات وبالتوسع العمراني، وبثورة المعلومات الحديثة، وبالدعم السخي من لدن حكومتنا السنية في جميع المشاريع التنموية، فكل ذلك يسر ويدعو إلى الغبطة والشكر لله رب العباد، ثم الدعاء لولاة أمر هذا الوطن بدوام عزها وأمنها واستمرار رخائها، غير أن أنباء صباح يوم الأحد 1-3-1434هـ كدَّرتْ الخواطر وهي تحمل نبأ رحيل أحد أعمدة الأدب في العالم العربي إنه الأديب الشاعر الدكتور محمد بن سعد الدبل، حيث لاقى وجه ربه صباح يوم الأحد غرة ربيع الأول عام 1434هـ، وقد أديت عليه الصلاة بجامع الراجحي بعد صلاة عصر يوم الاثنين 2/3/1434هـ، ووري جثمانه الطاهر في باطن أرض مقبرة النسيم -تغمده الله بواسع رحمته-، وقد ولد في مدينة الحريق عام 1364هـ تقريباً، وترعرع في أكنافها بين أهله ورفاق طفولته وصباه، فنال الشهادة الابتدائية من المدرسة الثانية (الباطن) بتفوق وامتياز على أقرانه، وكانت مخايل الذكاء تطفح على محياه مبكراً، فكان في تلك الفترة يقضي مع رفاقه سحابة يومهم في استذكار الدروس والنسخ لتعلم جودة الخط والإملاء..، وفي أوقات فراغهم يزاولون هوايات من شتى أنواع الألعاب والأنشطة مثل التسابق في الجري وفي صعود فسائل النخل الصغيرة والنزول فوق متون عُسُبها، وأحيانا علو الجبال المواكث التي تحتضن بلد الحريق، وكأن لسان حال الواحد منهم إذا علا قممها طوح به الخيال متذكرا من سبقوهم من الأجيال الذين رحلوا عن الدنيا مستحضراً معنى هذا البيت:
وكم من جبال قد علا شرفاتها ** رجال فزالوا والجبال جبال
ثم انتقل بعد حصوله على الشهادة الابتدائية فالتحق بالمعهد العلمي بالرياض، وقد وفق في زملاء جدد خففوا عنه وحشة الغربة عن أهلة أمثال الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع، والدكتور عبدالله بن حمد الخثران، فأخذ كل منهم يستفيد من الآخر عند استذكار الدروس بالمساجد لتوفر الإضاءة الكهربائية بها، وشحها بالمنازل –آنذاك - فحصل على الثانوية، وعلى اللسانس في اللغة العربية بالرياض عام 1388هـ وكان من دفعته الدكتور محمد بن سعد السالم مدير جامعة الإمام محمد بن سعود سابقا، والدكتور حمد بن ناصر الدخيل وحصل على الماجستير في البلاغة والنقد من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1398هـ والدكتوراه مع مرتبة الشرف في البلاغة والنقد من نفس الجامعة عام 1402هـ، وقد تدرج في مجال العمل الأكاديمي إلى درجة أستاذ مشارك، ورئيس لقسم البلاغة والنقد، وأمين لوحدة أدب الطفل المسلم حتى عام 1411هـ وعضو رابطة الأدب الإسلامي، وله نشاط في التأليف حيث أصدر خمسة دواوين من جيد الأشعار وعدد من المؤلفات المفيدة -رحمه الله-ولقد سعدت بلقائه أول مرة منذ زمن طويل في صالون الأستاذ الكريم الأديب أحمد بن محمد الدهش -أبو خالد- وبحضور زميلي ورفيق دربي في مراحل الدراسة الأديب الأستاذ عبدالله بن حمد الحقيل، وكانت تلك الأمسية من أجمل الليالي مع الراحل الدكتور محمد، حيث أتحفنا بسماع بعض قصائده المؤثرة، وخاصة قصائد المراثي بصوته الرخيم الشجي، ويحسن بي ذكر أربعة أبيات من القصيدة التي سكب فيها عصارة مهجته تحسراً على رحيل إحدى زوجاته (أم سعد)، وهذا عين الوفاء بين الأزواج:
ســــــرى حديث الروح فاستمعــــي ** يا روح مرضيةٌ في الخلد أقوالــي
مهــــا وسعـــدٌ إذا ناداك صوتهما ** في ظلمة الليل من للأصغر الغــالي
ودعتي قلباً وما زلت على ثقةٍ ** من اليقين ارتوى قلبي فأوحى إلـــي
ذكــراك يا كلّ أيامي إذا حضــرت ** تروح بي حيث لا أدري بأحــوالي
ثم توالت اللقاءات معه في كثير من المناسبات والمنتديات الأدبية، وتبادل هدايا الكتب الأدبية بيننا، فذكرياتنا الجميلة معه لا تنسى، فإن رحيله ورحيل من ماثله عن الساحة العلمية والأدبية يعتبر خسارة لا تعوض وفجوة واسعة يتعذر سدها..، وسيبقى رنين صوته مدويا صداه بين جانبي رأس محبيه ومتذوقي شعره المؤثر الجزل إلى ما شاء الله:
لو كان يَخْلُد بالفضائل فاضل *** وصلت لكَ الآجال بالآجال
-رحمه الله رحمة واسعة -وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأبناءه وبناته وعقيلته (أم زاهر) وجميع محبيه الصبر والسلوان.
الشيخ / محمد بن فيصل المبارك علم همام ساطع الذكر (<!--)
ودت بقاع بلاد الله لو جعلت ** قبراً له فحباها جسمه طيباً
فقد علماء الدين لا كفقد غيرهم من بني البشر، وإن كان الوجود لا يخلوا من خيار الناس كل في مجاله، وكل ميسر لما خلق له، الطبيب في مصحه، والتاجر في محله، والفلاح في حقله وهكذا، لكن غياب أهل الدين القويم يحدث ثلمة وفجوة واسعة في الإسلام وفي الحياة عامة، فهم كالنجوم التي تضيء ظلمة الليل وهم مصابيح البشر الذين ينيرون بصائر العامة والخاصة بفيض علومهم الصافية من شوائب الشرك والبدع والخرافات، فالله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه العزيز (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات..) الآية.
والعلماء هم ورثة الأنبياء، وهم أحرص الناس على حفظ الوقت واستغلاله ورصد فوائد العلم وشوارده، ويروى أن الإمام ابن جرير الطبري سمع فائدة ودعاء تفوه به أحد زواره في مرضه الأخير وهو في حالة شبه حرجة، فطلب محبره وصحيفة لرصد تلك الفائدة والدعاء، فقيل له أفي هذه الحال تطلب ذلك فقال ينبغي للإنسان ألا يدع اقتباس العلم حتى الممات (رحمه الله) فقد استنفد الدقائق والثواني في خدمة العلم وتحصيله ونشره وتدوينه، فيصدق عليه قول القائل:
سعدت أعين رأتك وقرت ** والعيون التي رأت من رآك
ويقرب في مثل هذه الحالة من التضلع في اقتناص العلوم النافعة وصبها في أذهان تلامذتهم فضيلة العالم الجليل المحقق الشيخ/ محمد بن فيصل بن حمد المبارك، وهو من أعيان حريملاء الذي ولد سنة 1284هـ في بيت علم وأدب ورئاسة، فقد رباه والده فيصل أحسن تربية، وعندما بلغ سن السابعة من عمره الحقه والده لدى الشيخ المقرئ بحريملاء عبدالعزيز بن ناصر التريكي فقرأ عليه القرآن الكريم، وجوَّده مع مبادئ الخط والحساب ثم حفظه عن ظهر قلب، وكان عمه يحثه على طلب العلم والمثابرة في تحصيله، فشرع في طلب العلم بهمة ونشاط متواصل فقرأ على علماء حريملاء، ومن أبرز مشائخة: الشيخ / عبدالعزيز بن حسن بن يحيى الفضلي الملقب (حصام) قاضي المحمل والشعيب وما حولهما، وكان مقيماً بحريملاء فقرأ عليه مبادئ العلوم وهو يافع، وكان معجباً بفرط ذكائه وفطنته، ويقول سيكون لهذا الفتى شأن في قابل عمره... وقرأ على عالم حريملاء المحقق المحدث فضيلة الشيخ / محمد بن ناصر المبارك ولازمه فترة من الزمن..، كما قرأ على العلامة الشيخ حمد بن عبدالعزيز فقيه وقاضي المحمل والشعيب -بعض من سبقوه -ولازم أولئك العلماء الأفاضل في دراسة أصول الدين وفروعه وفي الحديث والتفسير (رحمهما الله جميعاً) ثم سمت همته للتزود من حياض العلوم والاستفادة منها فرحل إلى الرياض وانضم إلى حلق المساجد ومجالس العلماء ولازمهم، ومن أبرز مشائخه سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ حمد بن فارس، والشيخ عبدالله بن عبداللطيف، وقد وهبه المولى فهماً ثاقباً وذكاءً متوقداً، فمكث بالرياض حوالي خمسة أعوام ينهل من رضاب صافي العلوم وفروعها، وكان مع ذلك شجاعاً باسلاً يحب ركوب الخيل، فغزى مع الملك عبدالعزيز (رحمهما الله) تسع غزوات..، هو مستشاره وقارؤه وإمامه، ومفتي الجيش، وكان لا يفارق الملك حضراً ولا سفراً مدة مكثه في الرياض، فقد جمع بين العلوم الدينية والسياسية ورجاحة العقل..، وقد مارس العمل في الإمارة إبان إمارة عمه..، فعينه الملك عبدالعزيز بعد ذلك أميراً على حريملاء، ثم أميراً على الأفلاج سنتين، بعد ذلك عاد إلى حريملاء فجلس للطلبة فكان حسن التعليم، فجلساته صباحاً وبعد الظهر وبعد المغرب، فالتف إلى حلقاته طلبة كثيرون لا حصر لعددهم، وقد وفد بعض الطلبة إليه من كل صوب للانتفاع من علومه الجمة، وقد تخرج من حلقته طلبة من أبرزهم العلامة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز قاضي الجوف صاحب المؤلفات المفيدة، والمشائخ عبدالله بن رشيدان، ومحمد الجنوبي، وعبدالعزيز بن سوداء، وإبراهيم بن سليمان الراشد المبارك، وإبراهيم الحيدر، وابنه سعد، وظل إماماً لجامع حريملاء وخطيباً حوالي ربع قرن من الزمن، وقد أوفده جلالة الملك عبدالعزيز مرشداً وناصحاً لجهات عديدة داخل المملكة، ثم رحل إلى الشارقة وما حولها للدعوة والإرشاد بدعوة من داعية الخير والرشد الشيخ علي بن محمود ، فعينه حاكم الشارقة سلطان بن صقر مديراً لمدرستها العلمية وتكفل له بمصاريف المعيشة له ولمن يعوله وأحضر ابنه وعائلته إليه فأحبه أهل الخليج خصوصاً أهل الشارقة محبة شديدة، ثم ولاه الحاكم سلطان بن صقر قضاء الشارقة وإمامة جامعها والخطابة فيه، وكان فصيحاً في الخطابة يرتجل من دون صحيفة وله صوت رخيم جهوري حسن التلاوة وظل عندهم حوالي ثلاث سنوات وكان في عمله مخلصاً ودوداً شاعراً أديبا بارعاً، وله نظم رائق عربي ونبطي، فهو شخص محبوب لدى الملك عبدالعزيز يثق به ويبعثه في كثير من المهام لما يتمتع به من حنكه وهيبه وطول باع في السياسة والدراية بأحوال الناس على اختلاف مستوياتهم، وقد بسطت سيرته العطرة في كتابي الشيخين: عبدالله بن عبدالرحمن البسام، ومحمد بن عثمان القاضي، فأعماله كلها مشرفة ومفيدة -رحمه الله -وبعد رحلته الطويلة في خدمة العلم وخدمة مليكه ووطنه طاب له المقام في مهوى رأسه حريملاء وأصبح مرجعاً لطلاب العلم، ومنزله ملتقى لأسرته ولأعيان البلد لما يتصف به من كرم ورحابة صدر، وقد خلف أربعة من الذرية ثلاثة منهم من تولى القضاء في مواقع عدة ـ الشيخ فيصل، والشيخ سعد، والشيخ عبدالعزيز، والشيخ عبدالله الذي تولى العمل عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة ثم انتقل عضواً بهيئة النظر في بلدية الرياض حتى تقاعد رحم الله الراحلين جميعاً، ومتع الله الشيخ عبدالعزيز بالصحة والعافية، كما خلف بنات صالحات، وقد انتقل إلى رحمة الله في عام 1365هـ وورى جثمانه في ثرى مقبرة (مشرفة) بحريملاء.
إن العظيم وإن توسد في الثرى ** يبقى على مر الدهور مهيبا
ولئن غاب أبو فيصل ـ عن نواظر محبيه فإن ذكره الجميل باقٍ بين جوانح أحبته مدى الأيام. وقد رؤي في المنام بعد وفاته مباشرة، رؤيا حسنة وعليه حلة بيضاء، ومنظر جميل جداً، فيرجى له المغفرة من رب العباد. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
ورحل رجل الإحسان الشيخ عبدالعزيز الموسى (<!--)
هنيئا له قد طاب حيا وميتا *** فما كان محتاجا لتطييب أكفاني
معلوم لكل إنسان سوي في هذا الكون أنه سيرحل عن الدنيا ولا محالة لبقائه حياً مهما تطاول به الزمن، ولقد ستر الله نهاية الآجال في ضمير الغيب لحكمة أرادها، ولأجل عمارة هذا الكوكب بتتابع الأجيال ونموهم ليخلف بعضهم بعضا إلى قيام الساعة، قال الله سبحانه وتعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} وخلقهم لعبادته وحده، وهيئ لهم سبل العيش، والسير في مناكب الأرض لطلب الرزق والتفكر في مخلوقات رب العالمين ليزداد إيمانهم، والأخذ بأسباب طلب المعيشة ليعف نفسه، وليمنح المحتاجين من فيض ماله حسب المستطاع، فالله جل جلاله فاوت بين عباده في الرزق، وفرض في مال الأغنياء نصيبا للفقراء والأيتام والأرامل وذوي الحاجات عموما، فمن أولئك من يمن عليه ويحبب إليه البذل في أوجه البر والإحسان ليسعد في دنياه وأخراه حينما يلاقي وجه ربه، والحمد لله أن هذا البلد الآمن يحتضن الكثير من الأغنياء ورجال الأعمال الذين يتسابقون على فعل الخير لرعاية الضعفة والمساكين، وبناء المساجد، وغير ذلك في تشييد مدارس لحفظة القرآن الكريم، ومباني للجمعيات الخيرية، ومساكن للمحتاجين تشمل الكثير من أنحاء مملكتنا الحبيبة إلى قلوبنا، وتعتبر هذه الأعمال الخيرية رافدا للمشاريع الجبارة التي توليها دولتنا كل اهتمام وفقها الله لكل ما فيه الخير والرفاهية لشعبها، فمن رجال الأعمال الأسخياء الشيخ الفاضل عبدالعزيز بن عبدالله الموسى الذي انتقل إلى رحمة الله وأديت عليه الصلاة في جامع الملك خالد بأم الحمام بعد صلاة عصر يوم الخميس 12/3/1434هـ، وقد ولد عام 1350هـ تقريبا في بلدة (البير) التابعة لمحافظة (ثادق) الواقعة شمال مدينة الرياض (130كيلو) والفقيد يعتبر من رجال الأعمال الأوائل في المملكة الذين لهم دور بارز ومشاركات عظيمة في التنمية ومسيرة الاقتصاد السعودي، ولاسيما في المجالات العقارية وتشييد المباني العملاقة واستثمار ريعها وبذله في أوجه البر والإحسان، والمشاركة الجزلة في دعم المشاريع الخيرية والأعمال الإنسانية داخل البلاد وخارجها في الدول الفقيرة والمنكوبة، ويعتبر من المؤسسين للجمعية العامة لرعاية الأيتام بالرياض (إنسان) التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الدفاع، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير الرياض -وفق الله الجميع -وكانت بداية حياته العملية مبسطة ومحدودة جدا ويقال إنه حينما بلغ سن الرشد وهو في بلده (البير) فكر في الزواج وليس لديه مادة وتذكر أن فرص العمل بالرياض أجدى وأنفع له من الإقامة في مهوى رأسه، وكأن لسان حاله قد سمع بقول الإمام الشافعي -رحمه الله -الذي يحث على الأسفار لطلب المعيشة:
مـــا في المقام لذي عقل وذي أدب *** من راحة فدع الأوطـــــــان واغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقه *** وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
فلم ير بداً من السير على قدميه مع بعض أفراد جماعته صوب الرياض لعدم توفر السيارات ووعورة الطرق –آنذاك -وحين وصوله بدأ يعمل في البيوت الطينية كعامل مع -إستاد البناء باللبن والطين -حتى حذق عمل المهنة، فأخذ يزاول عمله -إستادا-ولله در الشاعر حيث يقول:
عليك بأرباب الصدور فمن غدا *** مضافا لأرباب الصدور تصدرا
فانضم إليه بعض إخوته ومعارفه وبدأ بشراء قطع من الأرض فيشيد فوقها عددا من بيوت الطين ثم يبيعها، واستمر على هذا المنوال فترة من الزمن حتى نما المال بين يديه، ودرت عليها الدنيا بأخلافها في وقت قياسي، فاتفق مع بعض من يثق في أمانته وصدق معاملته وكون شركة مصغرة في شراء قطع كبيرة من الأراضي وأخذ يبيعها في ساحة الحراج بدون استلام القيمة ترغيبا ورفقا بالمشتري مع اشتراط بقبض العربون مقدما ليصح ويتأكد البيع، ومن أراد منهم إقالته فإنه -يرحمه الله -لا يتردد في ذلك تكرما منه، فالشيخ عبدالعزيز أفضاله كثيرة وأعماله جليلة عرف بالسماحة والتواضع الجم وحسن التعامل مع من يعرفه ومن لا يعرفه، فهو محب للأعمال الخيرية قديما حيث قام بمشروع مجمع لتحفيظ القرآن الكريم على مساحة كبيرة من ثلاثة أدوار وبجانبه مبنى للمكتبة العامة بمحافظة ثادق منذ عدد من السنين، كما عمل مشروع سقاية بنفس البلد – آنذاك - فشكره الأهالي ودعوا الله له بمديد العمر والبركة في ماله ومضاعفة حسناته، فاستمر في تلمس حاجات المعسرين والفقراء، وبالمساهمات في علاج مرضى السرطان والفشل الكلوي وعمليات القلب، وعلاج المئات من المقيمين غير السعوديين أنقذهم الله من الموت، كما قام ببناء عدد كبير من المساجد في أماكن متعددة في الداخل والخارج، وعدد من المنازل للأرامل والأيتام والمعسرين ..، وله يرحمه الله أوقاف كثيرة متعدد المصارف يشرف عليها رجال ثقات، ويتميز بأنه يدفع الشيء بنفس سمحة ويشكر صاحب الوساطة والشفاعة لأجل إعلامه بالمحتاجين ومستوري الحال المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا، فيبذل الكثير سرا أكثر مما يعلم، فكل المؤسسات والجمعيات الخيرية لها النصيب الأوفر من خالص ماله، كما أنه بار بقرابته واصل لرحمه، وله أبناء برره ساروا على نهجه على حب البذل للضعفة والمساكين، فأكفهم تندى كرما وبذلا في تلمس أحوال الأرامل والأيتام، وإعانة الشباب المقبلين على الزواج ماديا وعينيا ابتغاء مرضات الله (إن التشبه بالكرام فلاح) فوالدهم يسرّ بما يتصفون به من صلاح وبذل حاثا الواحد منهم بمثل معنى هذا البيت:
وابســـــط يميــنـــك بالندى *** وامدد لها باعـــا طويــــلا
فالإنسان المسلم العاقل يتلذذ بإدخال السرور على الفقراء بمنحهم ما يسد حاجاتهم وحاجات أسرهم لعلمه أن المال عارية يتنقل من كف إلى كف آخر إلى يوم النشور:
وغدا توفى النفوس ما عملت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا
ولئن غاب (أبو عبدالله) عن نواظر أسرته ومحبيه فإن حبه وذكره الحسن باق في صدورهم، رحم الله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الموسى وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأخويه الشيخين سعد وعبدالرحمن، وأبناءه وبناته وزوجاته ومحبيه الصبر والسلوان.
وإن تك غالتك المنايا وصرفها *** فقد عشت محمود الخلائق والحلم
رحم الله العم الشيخ عبدالرحمن بن ناصر الخريف (<!--)
يا غائباً في الثرى تبلى محاسنه *** الله يوليك غفرانا وإحسانا
بينما كنت مغتبطا في صباح يوم الأحد 22-3-1434هـ مستعرضا عناوين بعض الصحف المحلية التي كثيرا ما تحمل في ثناياها بشائر الخير والغبطة لهذه البلاد، فإذا بهاتفي يرن حاملاً نبأ وفاة العم عميد الأسرة الشيخ الفاضل الزاهد عبدالرحمن بن ناصر الخريف (أبو عبدالله) فلم أملك في تلك اللحظة المحزنة جدا إلا الدعاء له - بواسع رحمته -، وتلاوة الآية الكريمة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} ولقد ولد وترعرع في أكناف مدينة حريملاء، وقد باكره اليتم برحيل والديه، وعند بلوغه السنة السابعة من عمره درس بإحدى الكتاب حتى ختم القرآن الكريم، وكان يحضر دروس أئمة المساجد ومشايخ البلد، مع مزاولته العمل في نخلهم المسمى (السعدوني) ليعتاش ويسد حاجته، هو وشقيقه عبدالعزيز الذي سبقه إلى مضاجع الراحلين بحوالي تسع سنوات، وقد حزن (أبو عبدالله) حزنا شديدا على رحيل شقيقه ولسان حاله يردد هذا البيت:
أُخيين كنا فرق الدهر بيننا *** إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهر ..!
فكان عصامياً معتمداً على الله ثم على نفسه يعمل ويكدح في طلب المعيشة بعزة نفس منذ صغره، وكأنه قد استشعر قول الشاعر:
وإنما رجل الدنيا و واحدها *** من لا يعول في الدنيا على أحد
بعد ذلك شمّر عن ساعديه فاتجه صوب الرياض فأخذ يعمل مؤبراً في كثير من نخيل أصحاب الفلاحة هناك، وفي بعض نخيل الأمراء الكرام، واستمر في تعديل القنوان وتركيبها على متون العسب حتى يتم استواء ثمرها، ثم يقوم بجذاذها وإنزالها من قممها بطريقة فنية خاصة، ويسمى الذي يزاول ويعتني بهذه المهنة الشريفة (شمّال النخيل) ومعظم الأسر -آنذاك -تتوارث هذه المهنة التي تدر على أصحابها الخير والبركة -رغم ما قد يحصل فيها من مشقة ومخاطر - فقد يسقط العامل من رأس النخلة فتكون نهايته أو إعاقته إلا ما شاء الله في سلامته، وبعد فترة من الزمن ترك هذه المهنة المحفوفة بالمخاطر حينما تقدم به العمر، فعمل عضوا بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض، وفي آخر أيام حياته أخلد للراحة وتفرغ للعبادة، وتلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، وكان منزله عامراً وملتقى لأسرته وجيرانه ومعارفه، وفي مواسم الأعياد والمناسبات الأخرى تجتمع أسرته وأبناءه وبناته وأطفالهم بمنزله في جو عائلي أبوي. ولكن سرور الدنيا لا يدوم أبدا ولابد أن يعقبه كدر:
طبعت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الأقذاء والأكدار ..!
فأبو عبدالله يتصف بالكرم ورحابة الصدر والتسامح، وحسن التعامل مع من يعرف ومن لا يعرفه، كما أنه بارٌ بشقيقه الوحيد عبدالعزيز منذ رحيل والديهما ليخفف عنه وطأة اليتم والحزن حيث احتضنه وأخذه معه ليزاول بعض الأعمال الخفيفة لتساعده على كسب الرزق ولقمة العيش بدون الحاجة إلى الآخرين حتى كبر واشتد ساعده على تحمل المسؤولية، وقبل وفاة أخيه عبدالعزيز اعتنى به عناية فائقة في منزله حيث لم يرزق بذرية. فعمله مع أخيه بر وصلة رحم - تغمدهما الله بواسع رحمته -وقد وهبه الله زوجة صالحة قامت بخدمته ورعايته خير قيام، حيث رزقهم الله ذرية صالحة من بنين وبنات بررة أكبرهم ابنه عبدالله ثم محمد وكانا ملاصقين لوالدهما في خدمته ليلا ونهارا رغم المشاغل التجارية، وهذا شيء لا يستغرب من الأبناء البررة (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم).
ولئن بات -أبو عبدالله -تحت طيات الثرى وتوارى عن نواظر أسرته ومحبيه فإن ذكره الحسن باقٍ في نفوسهم مدى العمر، -تغمده المولى بواسع رحمته -وألهم ذويه وأبناءه وبناته وعقيلته -أم عبدالله -وجميع محبيه الصبر والسلوان.
الزميل سعود المسعري حبه باق في خلدي (<!--)
الدهر لأم بين ألفتنا *** وكذاك فرق بيننا الدهر
معلوم أن مستودعات ذاكرة كل إنسان وتراكمها في خاطره على مر أيام وأعوام حياته تبدأ في تحولها وذوبانها وتسلخها من جدرانها عندما يعلوه الكِبَر شيئا فشيئا.. حتى تتبخر وتنطمس تماماً، إلا ذكريات الدراسة في زمن الطفولة والشباب مع رفاقه، ولداته في جميع مراحله الدراسية، فإنه لا يمحها ماح مهما تقدم به العمر إلا ما شاء الله، فأنا لم أزل ذاكراًَ لأيامنا الجميلة مع زملائنا بدءً من مدارس الكتّاب لتحفيظ القرآن الكريم وحتى نهاية الدراسة الجامعية بكلية اللغة العربية عام 1378هـ، فمن أولئك الزملاء الأستاذ / سعود بن محمد المسعري (رحمه الله) زميل الدراسة بدار التوحيد بالطائف عامي 1371هـ / 1372هـ الذي قضيت معه ومع الزملاء الأفاضل أحلى أيام حياتي، منهم على سبيل المثال لا الحصر الأساتذة: عبدالرحمن بن عبدالله العبدان، عبدالله الحمد الحقيل، عبدالعزيز بن ابراهيم الشايع، د. حمد بن إبراهيم السلوم (رحمه الله) وغير هؤلاء من الأحبة الذين غيب معظمهم هادم اللذات -رحمهم الله -، فلقد عشنا سوياً في هاتيك المدينة الجميلة في تآلف، وفي أجواء مرح وفرح وتحصيل علم:
بلد صحبت به الشبيبة والصِّبا *** ولبست ثوب العمر وهو جديد
وحديثي في هذه الكلمة المختصرة عن بعض سيرة الزميل الحبيب إلى قلبي سعود بن محمد بن سليمان المسعري الذي ولد في حوطة بني تميم في محلة (القويع) عام 1357هـ تقريباً وقد عاش يتيماً وهو صغير ثم رحل إلى الطائف مع عمه الشيخ عبدالله بن سليمان المسعري أحد معلمي دار التوحيد في بدايتها آنذاك فاعتنى بتربيته وألحقه بالمدرسة السعودية الابتدائية الواقعة على مقربة من باب الريع بالطائف، حتى حصل على الشهادة بها عام 1370هـ ثم التحق بدار التوحيد عام 1371هـ ومعه شقيقه الأصغر عبدالرحمن، وسكنا معنا بالقسم الداخلي، فاستمر بها بكل جد ونشاط إلى أن نال الشهادة الثانوية عام 1375هـ ثم واصل الدراسة بكلية الشريعة بمكة المكرمة وتخرج منها عام 1379هـ بعد ذلك عين مدرساًَ، ثم مديراً لمعهد المعلمين بحوطة بني تميم فترة وجيزة، بعد ذلك انتقل إلى جهاز وزارة المعارف -آنذاك -وزارة والتربية والتعليم موجهاً عاماً بالتعليم الابتدائي، وفي أثناء جولاته التفقدية على بعض مدارس منطقة حائل توفاه الله هناك على آثر نوبة قلبية عام 1386هـ -تقريباً -وقد حزن عليه جميع من زملائه في العمل، وزملاء الدراسة معاً -تغمده المولى بواسع رحمته -، وكان مثالاً في الجد والمثابرة أثناء الدراسة في جميع مراحلها، وقد منحه المولى جمالاً في الخط وطلاقة في التعبير، وكنت أستعين به في كتابة بعض موضوعات مقرر منهجنا الدراسي بدفتري الخاص هو وعدد من الزملاء أمثال: الأساتذة / عبدالرحمن العبدان، عبدالعزيز بن ابراهيم الشايع، محمد السناني لعدم توفر كتب المقررات الدراسية في جميع السنوات الخمس عدا كتاب المطالعة فإنه مطبوع وموزع علينا، ولا زلت محتفظاً به وجميع مخطوطات المناهج الدراسية، فأنا كاليتيم متعدد الرضاعات لسوء خطي وإملائي لأني لم أدرس في المرحلة الابتدائية، وتلقي مبادئ العلم لدى المشايخ يعتمد على الحفظ والمشافهة.. ، وكنا مع الزميل سعود نقضي أكثر الوقت في استذكار الدروس بسفوح الجبال الواقعة غرب (قروى) مثل جبل (أم الأدم) المطل على بساتين المثناه، وعلى وادي (وج) بالطائف ولا سيما في الأصال وأطراف النهار، وقد عشنا في تلك الحقب البعيدة كالأشقاء في سعادة وهناء، ثم فرقتنا الليالي والأيام:
كفى حزنا أن التباعد بيننا *** وقد جمعتنا والأحبة دار !
ولي معه ذكريات جميلة يطول مداها داخل فصول الدراسة وفي استذكار الدروس في بعض المساجد الواقعة على مقربة من مبنى دار التوحيد ومهجعنا الملاصق لها، وفي كثير من الرحلات في شعاب الطائف، وفي غابات عشيرة، ومزاولة بعض الأنشطة بكرة القدم بقيادة رئيس فريقنا الزميل الفاضل عبدالرحمن العبدان، وأكثر أوقاتنا في استذكار الدروس وحفظ النصوص لأن جونا جو جدَ ومثابرة وتنافس في التحصيل:
بقدر الكد تكتسب المعالي *** ومن طلب العلا سهر الليالي
كما يحلو لنا التسابق في أوقات فراغنا فوق متون الدراجات العادية (السياكل) وقد نصل، إلى وادي وج محاذين بساتين المثناة ـ وهذا النوع الترويحي من خصائص معظم طلاب الدار، أذكر أني قد اشتركت في شراء (سيكل) أنا والزميل الراحل سليمان المضيان -رحمه الله - مناصفة بقيمة إجمالية (ستون ريالاً) خالية من الأنوار. وبعد التخرج من الكلية عام 1379هـ دعانا مع بعض الزملاء في بلده حوطة بني تميم، مدة ثلاثة أيام بلياليهن، فقمنا بالقنص ليلتين باصطياد الأرانب في تلك الأودية والشعاب قبل المنع، وقد تولى الرماية الأستاذ سلطان بن عبدالله بن صالح والزميل محمد بن ابراهيم أبو معطي – رحمه الله – وقد استمتعنا في تلك الرحلة الجماعية التي ظلت ذكرياتها خالدة في طوايا نفسي مدى أيام حياتي:
فما أحسن الأيام إلا أنها *** يا صاحبي إذا مضت لا تعود
<!--رحمه الله رحمة واسعة –
الشيخ عبدالعزيز التريكي كوكب أضاء صدور تلاميذه (<!--)
قضيتَ حياة ملؤها البرّ والتقى ** فأنت بأجر المتقين جديرُ
الإنسان حينما يشرع في الكتابة عن حياة وسيرة أحد أفاضل العلماء القدامى الذين يفصله عنهم عقودٌ وقرنٌ من الزمن، فإنه قد لا يطاوعه قلمه لبعد المسافة بين من يكتب عنه..، ولكن نظراً لعلاقة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر التريكي بوالدي الشيخ العلامة عبدالرحمن بن محمد الخريف علاقة أبوية تربوية كان لزاماً علي أن أكتب منوهًا عن أفضاله ورعايته الخاصة بوالدي -رحمهما الله رحمة واسعة -حيث تلقى عليه الدراسة بمدرسته إحدى مدارس الكتاب لتحفيظ القرآن الكريم وتعلم الكتابة بحريملاء، وحينما علم أن والدي يتيم الأب المولود عام 1289هـ اهتم به وأخذ يعتني به فلحظ مخايل الفطنة والذكاء عليه وسرعة حفظ ما يسمعه، فزاده ذلك حبا وعناية حتى ختم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب، فقامت والدته –جدتي -ببعث ثوب وغترة وبعض النقود للمقرئ الشيخ عبدالعزيز تقديراً له وفرحاً بتفوق ابنها عبدالرحمن على أقرانه، وقد قربني الخيال وأنا أكتب هذه الأحرف إلى تصور ذاك الصبي النجيب (والدي رحمه الله) وهو جالس على يمين معلمه، وقد خفف عنه وطأة اليتم برعايته وجلوسه بجانبه، فلم أملك في تلك اللحظة الخيالية دفع دموع عيني ذاكراً له متمثلاً في خاطري، فلا تعجب:
فحسبت نفسي حاضرا معه ** ولا تعجب إذا كان الغياب حضورا
إن القلــــوب إذا صفــت مرآتها ** وإن حجــبت ترى بها منظــورا
ولقد ولد الشيخ عبدالعزيز بن ناصر التريكي -رحمه الله -في حريملاء وحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة على يد والده الشيخ ناصر بن تريكي - رحمه الله - كما تلقى العلم على يد علماء ومشايخ حريملاء..، ثم سافر إلى الرياض للاستزادة في طلب العلم حيث التقى بالعديد من مشايخ وعلماء الرياض –آنذاك -وجلس إليهم وأخذ عنهم علوم القرآن والحديث والعربية، وكان -رحمه الله -من المشهورين بجودة الخط، وله عدد من المخطوطات والرسائل التي كتبها، وقد كتب القرآن الكريم بخط يده وفقاً للخط العثماني الذي خطه بمداد زاهية ألوانه يؤنس الناظرين إليه، وقد جمع بين جودة الخط وجمال المنظر، وكأن لسان حاله حينما فرغ من نسخه يردد في خاطره معنى هذه الأبيات الثلاثة التي رثى نفسه بها الشاعر الأبيوردي حينما فرغ من تدوين ديوانه ذا الجزءين حيث يقول:
تبلى الأنامل تحت الأرض في جدث ** وخطها في كتاب يؤنس البصرا
كــــم من كتـــاب كريم كان كاتبه ** قد أٌلبس الترب والآجر والحجرا
يا مـــن إذا نظـــرت عيناه كِتْبتَنَا ** كُــن بالدعــاء لنا والخير مُدكرا
وقد تولى إمامة مسجد (الحنيني) بحريملاء، وأسس مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم عرفت فيما بعد باسمه -رحمه الله -وقد حفظ القرآن على يديه خلق كثير من أهالي حريملاء منهم: والدنا الشيخ عبدالرحمن بن محمد الخريف، والشيخ محمد بن فيصل المبارك، والشيخ علي بن إبراهيم بن داوود، والشيخ عبدالرحمن بن داوود، والشيخ عبدالله بن عبدالمحسن المغيصيب، والشيخ حمد الراشد..، (ذكر ذلك المؤلف الأستاذ إبراهيم بن عبدالعزيز السليم في كتابه (التعليم في حريملاء قديما وحديثا) كما أورد الشيخ راشد بن محمد بن عساكر نبذة عن الشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن تريكي وعن مخطوطاته في كتابه (المخطوطات النجدية في الخزانة الشاويشية) حيث ذكر في صفحة 76 أن ابن تريكي قام بكتابة القواعد النورانية المعتبرة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بخط يده عام 1272هـ وهو موجود لديه، وقد عرف عن أسرة التريكي طلب العلم وحفظ كتاب الله والعناية به وتعليمه. أما عن وفاة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن تريكي -رحمه الله -فقد توفي عام 1324هـ في حريملاء، وخلف أربعة أولاد هم: ناصر وعبدالرحمن وإبراهيم ومحمد -رحم الله الجميع -فأما ناصر فقد انتقل إلى بلدة ملهم وتولى إمامة مسجد حصيان وخطابة جامع بلدة ملهم، وأسس مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه، وبعد وفاته خلفه ابنه عبدالعزيز في الإمامة والخطابة، وتدريس القرآن الكريم، وقد حفظ القرآن على يديه خلق كثير من أهالي ملهم، أما إبراهيم فقد خلف والده في إمامة مسجد الحنيني بحريملاء -وقد أدركته في آخر حياته وكان سمح المحيا لين الجانب في تعامله مع الجيران ومع الغير -رحمه الله -، وقد توارث أبناء وأحفاد الشيخ عبدالعزيز بن ناصر التريكي طلب العلم وحفظ القرآن الكريم وإمامة المساجد بحريملاء وملهم والرياض -رحم الله الجميع -والحقيقة أن الشيخ عبدالعزيز قد تخرج على يديه الكثير من حفظة القرآن الكريم وترك آثاراً طيبة قيمة منها خط نسخة من المصحف الشريف لندرة وجود المصاحف بخطه الجميل المميز، ونسخ بعض الكتب المفيدة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وعدد من الرسائل والتعليقات بقيت بعده شاهدة على فضله وقوة جلده على الكتابة احتسابا للأجر والمثوبة من رب العباد:
وما من كاتب إلا سيفنى ** ويَبقي الدهرَ ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه
<!--[if !supportFootnotes]--><!--[endif]-->
(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الجمعة 6 ربيع الأول 1434هـ الموافق 18 يناير 2013م.
(<!--) أرسلت للنشر في صحيفة الجزيرة، يوم الثلاثاء 3 ربيع الأول 1434هـ الموافق 15 يناير 2013م.
(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الجمعة 20 ربيع الأول 1434هـ الموافق 1 فبراير 2013م.
(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم السبت 28 ربيع الأول 1434هـ الموافق 9 فبراير 2013م.
(<!--) أرسلت للنشر في صحيفة الجزيرة، يوم الأثنين 1 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 11 فبراير 2013م.
(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الخميس 2 جمادى الأولى1434هـ الموافق 14 مارس 2013م.