معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ
في ذاكرة الزمن(<!--)
وإذا كانت النفوس كباراً ** تعبت في مرادها الأجسام
كل إنسان له دور مُشَرِّف في الحياة يبقى ذكره طرياً خالداً تلذُّ له الأسماع على تتابع الأجيال جيلاً بعد جيل مدعماً بالدعاء له وبالذكر الحسن، وهذا من نعم المولى على من يتصف بالصفات الحميدة وبالأعمال الجليلة من عباده المخلصين الذين شرفوا مناصبهم بإخلاصهم في طاعة الله والتفاني في خدمة أوطانهم ورعاية شبابهم بتوجيههم التوجيه السليم، وحبهم لولاة الأمر الذين لم يألوا جهداً في إسعاد أبناء شعبهم والسهر من أجل راحتهم وأمنهم، والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان والفلاح.. ، ومثل هذه الصفات الكريمة تتجلى في شخص كريم وعلم بارز من العلماء الأفاضل من الرعيل الأول ومن رجال التربية والتعليم إنه معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ الذي ولد في مدينة الرياض عام 1336هـ وشبَّ في كنف والديه، وعاش طفولته في أحضان والدته لانشغال والده بملازمة الملك عبدالعزيز إبان حروب توحيد شبه الجزيرة وتوطين البادية بالهجر والأرياف، وتزويدهم بعدد من طلاب العلم للإمامة بمساجدهم وتبصيرهم بأمور دينهم أثناء خطب الجمع وفي مجالس الذكر، فالملك عبدالعزيز مخلص لأبناء شعبه منذ توليه زمام حكم البلاد – طيب الله ثراه، ورحم جميع أعوانه المخلصين معه.. ، فوالده الشيخ عبدالله من أبرز الشخصيات التي عُرفت يوم ذاك بالحنكة وبالاهتمام بالدعوة والإرشاد وبمعرفة أحوال الناس وطبائعهم، ولذا تمسك به الملك كمستشار ومزاولاً لبعض الأعمال الهامة.. ولقد التحق الشيخ عبدالعزيز في فترة مبكرة من طفولته بمدرسة: "عبدالرحمن بن مفيريج" إحدى الكتّاب المشهورة بمدينة الرياض- آنذاك -فحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة، ثم انتقل مع والده إلى مكة المكرمة-، حيث عين "الشيخ عبدالله " إماماً وخطيباً للمسجد الحرام بعد دخول الملك عبدالعزيز الحجاز، وذلك في عام 1345هـ وهناك استقر مع أسرته، فلازم الشيخ عبدالعزيز والده ملازمة دائمة، واستفاد كثيراً من علمه وفضله، وإيماءاته الهادفة، وعند افتتاح المعهد العلمي بمكة المكرمة ألحقه والده به، فنال شهادته وأصبح رجلاً مؤهلاً يعتمد عليه، فكان مثالاً للشاب الصالح الذي لاتعرف له صبوة، كما كان عالماً يفتي ويؤم المصلين بالمسجد الحرام، وظل دائماً حريصاً على الاستفادة من علم والده، ومن العلماء الذين يفدون إلى مكة المكرمة بغرض الحج أو المجاورة، ثم استأذن من والده للذهاب إلى الرياض لمواصلة دراسته لدى سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم مفتي الديار السعودية، فانظم إلى حلق الدراسة بمسجد الشيخ، واستقبله الملك عبدالعزيز استقبالاً طيباً – طيب الله ثراه – وأكرم وفادته لما بينه وبين والده من صلة فخصص له داراً وسهل له أمر طلب العلم، فحقق بذلك ما يريد ،لكن نفسه الطموحة كانت تحدثه دوماً بنيل المزيد من صافي العلوم فسافر إلى مصر في بعثة دراسية والتحق بالجامعة الأزهرية ليرشف من حلو رضاب علماء الأزهر:
قم في فم الدنيا وحي الأزهرا ** وانثر على سمع الزمان الجوهرا
وصار من طلاب كلية الشريعة، فنال الشهادة العالمية في الشريعة بتفوق، ثم عاد إلى مكة المكرمة، فعين عضواً في رئاسة القضاة وإماماً للمسجد الحرام، ثم معاوناً لوالده في إدارة شؤون القضاء. وعندما أنشئت أول وزارة للمعارف وكان الملك فهد أول وزير لها فأختار الشيخ ليكون وكيلاً للوزارة إضافة إلى مهامه الأخرى، فظل الساعد الأيمن والعنصر الأشد لوزير المعارف في لمّ شمل التعليم وتنظيمه وتحديثه وإصلاح مناهجه، والدفع بعجلة التعليم قدماً حتى عم أنحاء المملكة، ثم انتقل الملك فهد وزيراً للداخلية وعندما أعيد تشكيل مجلس الوزراء أصبح الشيخ وزيراً للمعارف – فترة وجيزة مع احتفاظه بالإمامة والخطابة في المسجد الحرام، والخطبة في مسجد نمرة في مواسم الحج..، وكان – رحمه الله – أثناء عمله وكيلاً للوزارة يقوم بجولات مفاجأة على كثير من المدارس رغم وعورة الطرق ومشاق السفر إلا أن إخلاصه وحبه للانضباط في سير الدراسة والاطمئنان على نتائج الطلاب ومستواهم الدراسي عن قرب دفعه لذلك.. جزاه المولى خير الجزاء، ولقد أجاد شاعر النيل حافظ إبراهيم حيث يقول:
قضيت حياة ملؤها البر والتقى ** فأنت بأجر المتقين جديرُ
وأذكر جيداً أنه قد زارنا بمعهد المعلمين الحصة السابعة بعد صلاة الظهر هو وصاحبيه معالي الشيخ عبدالله العلي النعيم مدير تعليم الرياض والأستاذ الفاضل الراحل عبدالله بن عبدالعزيز القاسم – رحمه الله – وذلك عام81/1382هـ ، وكنا في تلك اللحظة بالطابق الثاني نعد رواتب المدرسين ونسلمها لهم، فلما رأونا في تلك الحالة صعدوا مسرعين نحو فصول الطلاب، ومن حسن حظنا تواجد المدرسين داخل الفصول، وإلا كانت المساءلة شديدة جداً، فهو يرحمه الله معروف بالجد والحزم وإصدار القرار الفوري التأديبي حسب الحال والظرف..، فأخذ ينصت إلى شرح المدرسين في كل فصل، ثم يطرح بعض الأسئلة على طلاب المعهد ويشكر المجيد منهم حاثاً البقية على مواكبة النابهين منهم، وبعد انتهاء الحصص اتجه نحو الإدارة فأخذ يناقشنا عن ضعف بعض الطلبة في القراءة بحصة المطالعة، فأجبته قائلاً: لهيبتكم ورهبة الموقف فحصل ما أُشير إلية...! وعندما هم بالانصراف وترجل في مقعد السيارة أمسكت بكتفه قائلاً: تفضلوا لتناول طعام الغداء المتواضع فقال - رحمه الله – أحرجتنا، فقلت مؤكداً أنت الذي تحرجنا إن لم تجبنا الآن، فحلف جابراً لخاطري أنه سيعود إلينا لاحقاً...، وبعد أيام زارنا هو وعمه فضيلة الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ وفاءً منه بوعده، وتقديراً لوالدنا الشيخ العالم الجليل المعروف لديهم عبدالرحمن بن محمد الخريف..، وهذه من الذكريات الجميلة التي لا تنسى ولا يمحوها من خاطري مرور الزمن وتقادم العهد، كما لا ننسى زيارتنا لوالده فضيلة الشيخ عبدالله بن حسن أنا وزميلي الأخ الفاضل عبدالله بن الشيخ ابراهيم بن سليمان الراشد في منزله الملاصق للمسجد الحرام بمحلة (الداودية) آنذاك في الناحية الغربية منذ عقود من الزمن..، فأهدانا مجموعة من كتب ورسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحم الله الجميع رحمة واسعة - قبل التحاقنا بالمدارس النظامية فكلها ذكريات خالدة مدى عمري، ولقد استقيت بعض النصوص التي لامناص من ذكرها من سيرة معالي الشيخ عبدالعزيز من كتاب (علماء نجد خلال ثمانية قرون) لمؤلفه فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام، وقد توفي بالرياض عام 1410 هـ ، وهذه كلمة وجيزة جداً لا تفي بعدّ وسرد المناصب التي تسنمها وأعماله الجليلة المشرفة خشية الإطالة على القارئ الكريم، فهو في طليعة العلماء الأجلاء الذين أناروا بعلومهم النافعة صدور الناشئة ولله در القائل:
جمالَ ذي الأرض كانوا في الحياة وهُم ** بعد الممات جمال الكتب والسيرٍ
تغمد الله الشيخ بواسع رحمته.
الأستاذ حسن بن عبدالله آل الشيخ حبه باق بين جوانحي (<!--)
بلاد بها كنا ونحن من أهلها ** إذا الناس ناس والزمان زمان
نفوس ذوي الإحساس دوما تهفو لمواطن الطفولة ومراتع الصبا، ولأماكن الدراسة وما جرى فيها من ذكريات جميله يعبق أريجها مع صحبه ورفاقه داخل المدرسة وخارجها, وخاصة إذا نأى عنها وبعد زمانها، فإنه قد يستبد به الحنين إلى تذكّر أيامه مع زملائه ومعلميه، فيقتاتُ منها ما يريح خاطره في خلواته بنفسه, وهذا من طبائع البشر في اجترارهم تذكّر ماضيهم المشرق، فاتساع آفاق المعرفة وإرهاف الحس من نعم الله على من اتصف بذلك، فمن زملاء الدراسة بدار التوحيد بالطائف الذي تأثرت واستفدت منه ثقافياً رغم فارق العمر والمستوى الدراسي الشيخ الفاضل حسن بن عبدالله بن حسن بن إبراهيم بن عبدالملك بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي ولد في حوطة بني تميم عام 1345هـ تقريباً وترعرع في أكنافها بين أحضان والديه، وعند ما بلغ السابعة من عمره ألحقه والده في أحد الكتاب لتحفيظ القرآن الكريم وكان سريع الحفظ، بعد ذلك انضم لحلق العلم التي تجرى في المساجد علي أيدي العلماء الأفاضل هناك حتى نال نصيباً من العلم -رحمه الله -ثم انتقل مع والده الشيخ إلى بيشة الذي عيّنه جلالة الملك عبدالعزيز قاضياً بها عام 1352هـ فاستمر في طلب العلم لدى بعض مشايخ بيشة مما أهله للالتحاق بدار التوحيد بالطائف، حيث التحق بها عام 1367هـ تقريباً فنال الشهادة الثانوية بها عام 1371هـ وفي عام 1375هـ حصل على الشهادة العالية بكلية الشريعة بمكة المكرمة، ولسان حاله يتمنى أن يعمل في مكان مناسب بجانب زميله ورفيق دربه منذ سارا على أرض محيطهما لشدة التآلف بينهما الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ -رحمهما الله -ولم يدر بخلده أن شعوباً على مقربة منه، حيث فارق الحياة مأسوفاً على رحيله مبكراً، وقد ترك غيابه عن الوجود حزناً عميقاً في نفوس زملائه ومعلميه وبمحيطه الأسري، بل بأصدقائه في بيشة الذين قضى معهم أحلى أيام صباه -تغمده المولى بواسع رحمته -وكأن لسان حال بعض أقرانه ورفاقه ببيشة بلد الخير والنخيل يرددون هذين البيتين بكل تحسر ولوعة:
كأن لم نعش يوما بأجراع بيشةٍ ** بأرض بها أنشا شبيبتنا الدهر
بلــى إن هذا الدهـــر فــرق بيننا ** وأي جميع لا يفرقــــه الدهر !
أجل إنها فجائع الأيام مفرّقة الأحباب، فكان -رحمه الله -طيّب المعشر مع زملائه ومعلميه، جاداً في التحصيل العلمي والأدبي، كثيراً ما يتغنّى بجيد الأشعار ميّالاً للمرح والمساجلات الشعرية، ولا سيما في ليالي السمر والرحلات التي كثيراً ما يستمتع بها طلاب دار التوحيد في جنبات الطائف لتجديد نشاطهم ولتخفيف وحشة غربتهم عن أهليهم وأوطانهم، لأن معظم طلابها يعيشون كمغتربين بالقسم الداخلي وحوله من المساكن، ولقد سعدت بمعرفته وأحببته من أول وهلة حينما قدمت من حريملاء للدراسة في (محضن أم المدارس) دار التوحيد في أوائل عام 1371هـ وهو إذ ذاك بالسنة النهائية الثانوية، ولقد عشنا معشر طلاب الدار في تلك الحقبة الزمنية عيشة هناء وتآلف ومسرات، فجوها جو علم وتحصيل وتنافس في اقتناص العلوم المفيدة، وحفظ جيد الأشعار، فذكريات الدار لا تُنسى أبد الأيام:
ومهما أنسى من شيء تولى ** فاني ذاكر (دار التوحيد)
وكنا نقضي معظم أوقاتنا في المساجد المجاورة لمبنى الدار (بحي قروى) غربي مدينة الطائف، وفي هاتيك الميادين التي تقع على جنبات جبل (أم الآدم) الشامخ المطل على بساتين المثناة الشهيرة بحلو الفواكه ولاسيما الرمان والكروم والسفرجل والمشمش وسدرها دائم الخضرة:
تحـــية مـــن ربى نجد إلى بلد ** قضيت فيه من الأيام أحلاها
وما نسيت فلن أنسى مرابعها ** وسدرة كنت في المثناة أرقاها
ولم يخلف ذرية سوى ابنه البار الدكتور عبدالرحمن الذي كان يشغل منصب مساعد مدير عام الخطوط السعودية للإقليم الجنوبي بمحافظة الطائف سابقاً، وحالياً مستشار مجموعة الطيار للسفر والسياحة وعضو المجلس المحلي للطائف، ومدير عام الاستثمار والتطوير العقاري بشركة بنيان المدائن، وكان (أبو حسن) محبوباً لدى الجميع، متصفاً بالكرم وسماحة الخلق، وكان مكانه الرحب في وادي ذي غزال بشفاء بني سفيان المتاخم لحي الشفا ملتقى لأحبته ومنتدى يؤمه العلماء والأدباء ويحلو السمر فوق تلك القمم العالية وخاصة في أيام صيف الطائف الجميل:
حبيب إلى الزوار غشيان بيته ** جميل المحيا، شب وهو كريم
فهذه الكلمة الوجيزة تذكار لأيامنا الجميلة مع والده بدار التوحيد -تغمده الله بواسع رحمته-وبارك الله في خلفه وفي عقيلته أم عبدالرحمن.
إلى جنة الخلد أبا محمد (<!--)
(الأخ عبدالله بن بدر البدر رحمه الله)
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته *** يوماً على آلة حدباء محمول
الإنسان في هذا الوجود مهما مُدّ في أيام عمره، وسار وجال على متن هذه الأرض إلا أن نهايته أن يضجَعَ كارهاً في مراقد الراحلين مقيماً إلى يوم النشور يوم يبعث الله الخلائق، وتنصب الموازين القسط فيجازى كلٌّ بما كسب، وقال الله سبحانه وتعالى واصفاً ذلك الموقف العصيب {يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسوَدُّ وُجُوهٌ} الآية.. فالسعيد من يرحل بزاد من التقى تاركاً خلفه ذكراً حسناً، وذرية صالحة تدعو له، وتبذل من أجله حسنات وأعمال خير يلحقه أجرها في جدثه وفي اليوم الموعود.
ففي ليلة الخميس 17 محرم 1427هـ فجعت أسرة آل بدر في محافظة حريملاء برحيل عميدها الشيخ عبدالله بن بدر البدر بعد عمر مديد قارب عبور المائة عام استنفده واستوفاه في طاعة المولى، وبالعمل الجاد في طلب العيش، والكدح في الفلاحة ليعيش رافع الرأس غير محتاج إلى أحد، ومن إصراره على الكسب الحلال رغم المصاعب والمتاعب التي يعانيها في تحقيق مآربه أنه في مقتبل عمره وفي مواسم زراعة حبوب القمح.. يشد الرحال هو وشقيقه عبدالعزيز -رحمهما الله -مصطحبين مواشيهما ولوازم الزراعة إلى بلدة العُيينة التي تبعد عن حريملاء ما يقارب 50 كم ليزرعا هناك وذلك قبل وجود -المكائن -ووسائل الري التي تساعد على توصيل الماء إلى الأراضي البيضاء المكشوفة الصالحة لزراعة القمح وأنواع النباتات.. وعند الانتهاء من مواسم محاصيل القمح يعودان إلى حريملاء بما ذهبا به من مواشيهما الخاصة بنزح الماء من الآبار محملة بأدوات وعدة السواني -من بكرات وغروب وأرشية وغير ذلك من متطلبات الفلاحة وسقاية الماء -أما الفائض من المحصول الزراعي فهو ينقل بواسطة الجمال -آنذاك -إلى الرياض للبيع، وإلى بلدهما حريملاء لعدم توفر السيارات في تلك الحقبة الزمنية، كما أنه في وقت جذاذ النخيل لا ينسى حق المساكين فهو يتفقد أحوال ذوي الحاجات من أرامل، وأيتام وضعفاء فيمنحهم ما تيسر من منتوجاته الزراعية على قلتها احتساباً ورجاء المكافأة من رب العالمين، ويتعمد توصيلها لهم ليلاً خشية الرياء، ومن الأشياء الجميلة المحمودة التي يرويها عن الملك عبدالعزيز-طيب الله ثراه -عندما يمر بمزارع العيينة والجبيلة وهو في طريقه إلى الحجاز أو إلى أي جهة أخرى يقول لقائد سيارته خفف السرعة وامش الهوينَ لينفح من يراه على الطريق واقفاً من الزراع وغيرهم بما تهمي به كفاه النديتان من فضة وذهب، وذلك قبل وجود العملة الورقية، مشجعاً لهم على الاستمرار في الزراعة لعلمه أن الأمن الغذائي من مقومات الإنسان وحياة الشعوب، ومعروف لدى المواطنين الذين يمر بديارهم، والبوادي في فلواتهم ومسارح مواشيهم أنه ريف على من يراه -رحمه الله -هكذا رواه لنا الأخ الراحل عبدالله بن بدر.
ولقد اتصف الصديق بأعمال الخير والكرم وصلة الأرحام، وإكرام الضيف، وجمع الأسرة بين حين وآخر في منزله، وفي كل مناسبة عائلية على فترات متقاربة لعلمه أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وأن الكرماء هم سادات الدنيا..، ولقد وعى تماماً قول الشريف الرضي وهو يهمس في أذن ممدوحه قائلاً:
خذ من تراثك ما استطعت فإنما*** شركاؤك الأيام والوراث
فهو عطوف على الصغار والأطفال يحرص على إدخال السرور عليهم ويفرحهم بما يقدمه لهم من هدايا وأشياء محببة لديهم.. ولأجل أن لا ينسوه من صالح دعائهم إذا كبروا وغاب عنهم موسداً تحت الثرى.. وكأني به يقول:يا من إذا ذكرتنا (كن بالدعاء لنا والخير مدّكراً).
وفي آخر حياته تفرغ للعبادة ولازم المسجد في كثير من الأوقات يتلو كلام الله حفظاً وقراءة إلى أن أطل عليه شعوب معلناً أن رصيده في الحياة قد انتهى، ففرت روحه إلى بارئها، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وذريته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعونَ}.
<!--[if !supportFootnotes]--><!--[endif]-->
(<!--) أرسلت للنشر في صحيفة الجزيرة، يوم السبت 8 جمادى الأولى 1433هـ الموافق 31 مارس2012م.
(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الأثنين 25 صفر 1434هـ الموافق 7 يناير 2013م.
<!-- نشرت بتصرف في صحيفة الجزيرة، يوم الخميس 2 صفر 1427هـ، الموافق 2 مارس 2006م.