عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف ( فقد ورثاء )

فقد ورثاء

رحمــك الله أبا إبراهــيـــــم (<!--)

(الشيخ عبدالله بن إبراهيم الدحيم رحمه الله)

 

والمرء كالظل ولابد أن  
<!--

 

يزول ذاك الظل بعد امتداده
<!--

انتقل إلى الدار الباقية الشيخ / عبد الله بن ابراهيم الدحيم بعد عمر مديد حافل بالذكر الحسن وطيب المعشر، وبالكفاح والاغتراب في أفاق هذا الوطن لاكتساب العيش وعزة النفس، فهو رجل وصف بأنه عصامي ذاق حلو العيش ومره عبر السنوات الماضية مصرا على أن يقف على قدميه رافعا الرأس معززا مكرما، ولقد خيم الحزن على أجواء حريملاء لما له من محبة ومكانة عالية في قلوب محبيه وعارفيه؛ إذ كان رجلاً بشوش المحيا سمح التعامل لين الجانب، كانت ولادته بحريملاء عام 1337 هـ ثم التحق بإحدى الكتاتيب بها مبكرا وتوفي والده وهو في الثامنة من عمره، بعد ذلك تزوجت والدته وعاش وحيداً يكابد وحشة اليتم والحرمان من حنان الأمومة في كفالة أعمامه، ورغم إكرامهم وعطفهم عليه إلا انه عندما بلغ السنة الخامسة عشر تقريبا أخذ يفكر في مخرج من الدائرة التي تحيطه ينشد الحنان وملء فراغ النفس فلم ير بدا من الشخوص إلى مكة المكرمة حيث استقر به قدمه لدى خالته زوجة الشيخ ناصر بن إبراهيم المبارك علّه يجد راحة الخاطر هنالك ـ رحمهم الله جميعا ـ تاركا وكره الأول .. ولسان حاله يردد في نفسه هذا البيت :

نقل ركابك عن ربع ظمئت به

 

إلى الجناب الذي يهمي به المطر
<!--

وكأنه قد قرأ هذين البيتين للإمام الشافعي حيث يقول :

مافي المقام لذي عقل وذي أدب

 

من راحة فدع الأوطان واغترب
<!--

سافر تجد عوضا عمن تفارقه

 

وانصب فان لذيذ العيش في النصب
<!--

وفعلا وجد حسن الاستقبال والرعاية الكريمة عندهما بمكة مما أخمد الأوار الذي كان يعتلج في طوايا نفسه. فالتحق بمدارس الفلاح بمكة المكرمة، وحصل على الشهادة الابتدائية فمستوى التعليم الابتدائي في تلك الحقبة يقارب مستوى الكفاءة أو أعلى لمتانة المناهج ولكبر سنه ونضجه العقلي.. ثم انتقل إلى مدينة الوجه المطلة على البحر الأحمر وعمل بالإمارة هنالك عند الأمير علي بن عبد الله المبارك ـ آنذاك ـ مدة اثني عشر عاما، فلما طالت إقامته هناك استبد به الحنين إلى مسقط رأسه حريملاء، فعاد إليها وكأني به وقد أقبل على مشارف البلاد ـ قبل أن تمتد إليها يد النهضة العمرانيةـ يتذكر وفاة والده فلا يملك سوى أن يردد بين جوانحه قول الشاعر لهذين البيتين :

<!--[if !supportMisalignedColumns]--> <!--[endif]-->

إذ زرت أرضا بعد طول اجتنابها
<!--

 

فقدت صديقي والبلاد كما هيا
<!--

فاكرم أخاك الدهر مادمتما معا

 

كفى بالممات فرقة وتنائيا
<!--

         

ولسان حال الغير يقول له :

المرء يسرح في الآفاق مضطربا

 

ونفسه أبدا تهفو إلى الوطن
<!--

ويقول الأخر:

ما من غريب وان أبدى تجلده

 

إلا تذكر عند الغربة الوطنا
<!--

وفي عام 1367هـ عمل مشرفا على قوافل من السيارات لجلب بعض المؤن من موانئ الكويت إلى الرياض لصالح الحكومة آنذاك، بعد ذلك عمل مدرسا في المدرسة السعودية الابتدائية بحريملاء منذ افتتاحها في 20/4/1369هـ ، ثم انتقل إلى المحكمة الشرعية وظل يعمل بها كاتب ضبط لمدة خمسة وعشرين عاما حتى نهاية 1396هـ معاصرا للشيخين الراحلين القاضين :عبدا لرحمن بن سعد آل الشيخ وعبدا لرحمن ابن إبراهيم اليحيى ـ رحمهم الله جميعاـ وبعد أن أحيل على التقاعد عين مديرا لشركة الكهرباء بحريملاء، ويعتبر من المؤسسين لها، ومكث بها حتى عام 1404 هـ.

   وبعد ما انتهى رصيده من دنياه الحافلة بالإخلاص والكفاح، وبالسمعة الحسنة والسجايا الحميدة لبى داعيا المولى في يوم الخميس 8/3/1411هـ رحمه الله.

ولقد عرف عنه حسن التعامل والصدق في المعاملات ونفع ذوي الحاجات يقرض من ماله المعسرين ولا يلح في طلبه، ومما يؤثر عنه أنه قُبيل وفاته طلب الأوراق التي تحتوي على مداينات وقروض لدى بعض المعسرين وأمر بتمزيقها متنازلا عن الحقوق التي عليهم فيها طمعا في الأجر من الله، كما كان يكرم الضيف ويقضي حوائج من يقصده وهو لين العريكة في تربية أبنائه وتوجيههم التوجيه السليم ، كما أنه يقوم ببعض الكتابة للمواطنين من رسائل خاصة ووثائق في المبايعات فخطه معروف ومعتبر لدى المحاكم الشرعية وفي الأوساط الاجتماعية لثقتهم به ولجمال خطه الذي يؤنس الأبصار فكل من يرى خطه في الصكوك التي سجلها بالمحكمة أو خلافها يدعو له وكأني به يطلب المزيد من الدعاء ويرثي نفسه بهذه الأبيات التي رثي الشاعر نفسه بها قبل وفاته:

تبلى الأنامل تحت الأرض في جدث
<!--

 

وخطها في كتاب يؤنس البصرا
<!--

كم من كتاب كريـم كان كاتبـه 
<!--

 

قد ألبس الترب والآجر والحجرا
<!--

يا من إذا نظرت عـيناه كِتْبتـنا
<!--

 

كن بالدعاء لنا والخير مُدَّكرا
<!--

ونختتم بهذه العجالة بهذين البيتين :

وما من كاتب إلا سيبلى

 

ويبقى الدهر ما كتبت يداه
<!--

فلا تكتب بكفك غير شيء

 

يسرك في القيامة أن تراه
<!--

غفر الله لك أبا إبراهيم وأسكنك فسيح جناته وألهم ذويك وذريتك وأم إبراهيم ومحبيك الصبر والسلوان. )إنا لله وإنا إليه راجعون(.

 

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

(<!--) كتبت يوم السبت، 10 ربيع الأول 1411هـ، الموافق 29 سبتمبر 1990م.

mager22

فقد ورثاء ( عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف )

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 219 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2013 بواسطة mager22

عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف

mager22
عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف **** ولد ونشأ في حريملاء , 80كم شمال غربي مدينة الرياض . درس في حلقات العلم على المشايخ بالرياض . بدأ الدراسة النظامية بدار التوحيد بالطائف 1371 - 1372 هـ . أنهى التعليم الثانوي بالمعهد العلمي بالرياض عام 1374 هـ . كلية اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,357