جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
من خواطري المبهمة في وضوح ..... هدية ودية إلى جميع الأحبة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قادم أنا ...
............
قادم أنا من بنية السحاب المركّب ونزوة السراب المعلّب وقمم لا طاقة لي بتسلّقها تسلّقا غرائبيا جديدا لا حماقة فيه ولا عجب ...
إيه كم كانت الرحلة لاجميلة برغم ما فيها من تجليات للجمال، وكم كان الموج يغري الطامحين والطامعين والطاعنين في كل ماقيل وما سيقال في جلسات الكلام والسلام المؤدية إلى صمت الفوضى وحرب الفوضى وعصر الفوضى المنظمة في فوضى والداعية إلى فوضى الفوضى ... إيه ثم إيه وويه من هذا الذي تمرّ به الذوات المنشقة من ذات الذات المندسة في الذات ضمن حالة زمنية لا هي الذات ولا هي غير الذات ...
كانت الرحلة سندبادية التجذيف شهريارية السماع تبدأ فصولها ب ""قيل ..."" وتنتهي ب ""قيل."" وما بين كل قيلين تموت الحياة وتبعث من رميم جحيم وتولد الأزمات من ليليات الأزمات وتظهر الشمس بين النجوم وجلة شرسة وبين عينيها سؤال السؤال وأحلام المحال وأشجار تشتعل فيها الظلال وأنياب الأغوال وصراخ تتبادله البطلات والأبطال وأعلام كالأهوال والأزجال والأدغال ... إيه كيف كان العرَق يتقلّب والشوق يتصبّب والمدن الزائفة تكبر وتكبر وتكبر ثم تصغر وتصغر وتصغر، والناس يتحجّمون بحجمها ويتلوّنون بلونها ويشربون من دمها لكنهم لا يستريحون حين تستريح ولا ينامون حين تنام ولا يتلعثمون حين تتلعثم وتتوقف عن عنعنة الكلام ونفخ الألفاظ بالأورام والأزلام والألغام ...
قادم أنا من عصرين، أوّلهما ما قبل الإنسان وثانيهما ما بعد الإنسان، لا تسمع فيهما إلا كان وما كان في المكان واللّامكان ... دمهما القاني غطّى الشمس وضحاها والقمر إذا تلاها، كما غطّى أخبار قحطان وعدنان وجيرانهما من السمر والسود والصفر والبيض والحمر وما قالت به كتب المتقدمين والمتأخرين وما سكتتْ عنه من غير أن يدرك أحد لمَ قالتْ حينا وسكتتْ أحيانا ؟ ... سألني أحد الّذين ساروا معي هذا المسار الدامي وتركوا هنا قطعة من كبد وهناك قطعة من روح وهنالك قطعة من جزء هام مبهم لا يمكن للغات الإنس والجان ولا للغات الملائكة والشيطان أن تصف ماهيته أو تحدد تفاصيله، فقال في آخر نص السؤال :
- "" ... لمَ هذه الدماء؟ لمَ هذه الدماء؟ لمَ هذه الدماء؟ ""
قلتُ وقال غيري فما نفع القول ... بكيت وبكى غيري فما نفع البكاء ... صليت وصلى غيري فما نفعت الصلاة ... صرخت وصرخ غيري فما نفع الصراخ ... انتصرت وانتصر غيري فما نفع الانتصار ... انهزمت وانهزم غيري فما نفع الانهزام ... فحوّلنا السؤال إلى عصر اللّاسؤال ثم واصلنا المسار من غير أن نسير أو نتوقف ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمضاء : بومدين جلّالي - الجزائر
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية