جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قرار عمي الأخير
قصة : ثروت مكايد
( نشرت في جريدة آفاق الأدب )
-1-
قال عمي :
- إن القبر يسع المئات .
قلت أثقب حجب الغيب :
- مئات من الموتى ياعماه..
وأردفت حين لم يفطن لمرادي :
- أما الدنيا بأسرها فلا تسع اثنين .
لكنه أعرض عني ، وقال وهو يهم بالخروج :
- ستتزوج ابنة عمك هنا ..في هذا البيت .
- لكن...
- هذا قراري الأخير .
-2-
مات عمي وقد أنفقت كل ما أملك في ترميم البيت ، وجهزت حجرتين فيه استعدادا للزفاف . رأى أولاد عمي أن يتأخر الزفاف حتى يمر الأربعون ، وقال أكبرهم :
- تعرف أن الظرف الذي نمر به صعب . علينا أن نواجه مشاكلنا بحسم.مشاكلنا كثيرة . كانت كامنة في وجود عمك .
- رحم الله عمي .
- نعم ..قد كان حالما كبيرا .
قلت :
- ماذا تقصد ؟
- عرضت عليه أكثر من مرة شراء بيت آخر ، فرفض .
- كان يريد جمع الأسرة .
- جمع خانق !
- ماذا تقصد ؟!
- لا شيء ..
وقمت يعضني القلق . نظرت إلى الجدران اللامعة من نقودي غير أني أكره اليأس كما تكره الفئران القطط.
-3-
رأى أبناء عمي أن أتأخر حتى تمر سنوية عمي ، ويتمكنوا من حل خلافاتهم حول الميراث..قلت :
- لم لا نتزوج !
رمقني أكبرهم بطرف نفث سما وقال :
- لكنك غير مستعد .
- كيف وقد جهزت حجرتين !!
- دون أن نعرف ...
وأردف في غمرة ذهول اجتاحني كإعصار :
- لكن أين ؟!
- هنا ..
ضحك وهو يضرب كفا بكف..وقال :
- هنا !
- ألم تر ما أنفقته على ترميم البيت وتجهيز ال.....
قاطعني بحدة :
- أنت وارث عمك الوحيد في حمقه ..
- ماذا تقول!!
- ليتك تفيق من وهمك . ثم هي تنتظرك.ابحث عن مكان مناسب وساعتها....
قاطعته شاردا :
- كيف وقد أنفقت كل مليم على بيتكم هذا !
رد ببرود :
- هذا شأنك . واحد يرمي بماله في البحر ، فما ذنبي أنا !
قمت وقد ضاق صدري غير مصدق لما سمعته ، وإن كان قد مر بخيالي عندما علمت بموت عمي .
-4-
بات زواجي من ابنة عمي في حكم المستحيل ، وكلما مررت ببيتهم أضع يدي في جيبي، وأترحم على عمي فقد كان واهما كبيرا غير أن أخشى ما أخشاه أن أكون وارثه الوحيد في عبطه كما ذكر أبناء عمي .
تمت .
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية