جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
خادم المقام
قصة : ثروت مكايد
-1-
أخذ الناس ذهول طوح بأفئدتهم حين طار النعش بجثة جدي ، وهم يحملونه على أعناقهم . لم يكن الذهول لأن جثة تطير ، فكم سمعنا بجثث تطير ، لكن العجب أن تطير جثة جدي عينها وهو من هو فساد طوية وشيطنة عقل حتى إنه لقب في حياته بالشيطان بل بمعلم الشيطان ، وما دخل جدي المسجد في حياته قط ، ولم يركع لله ركعة واحدة بل إنه سخر من الراكعين والساجدين طرا ..وحين أمسكه شيخ مسجدنا من ياقته ، وهزه بعنف قائلا :
- اتق الله..
قال جدي بتحد غريب :
- أنا أكثر تقوى لله منك.
- لن ترد على جنة أبدا.
- سأرد..وإن رأيتك فيها ، فسأبصق عليك.
وكلما قال الشيخ كلمة ردها جدي عليه حتى رفع الشيخ يديه إلى السماء طالبا لعنته على رؤوس الأشهاد ، لذا طوح الذهول بعقول الناس حين طار النعش بجثة جدي ، واتخذ وجهة غير التي يتخذونها غير أن الذهول لم يلبث غير قليل ثم انطلقت الحناجر تهتف لجدي مكبرة ومهللة ، وهرولوا وراء النعش حتى حط في نصف قيراط مهجور يملكه " المشد إبراهيم" وكان قد اغتصبه من أخواته البنات بعد وفاة والده.
-2-
عد " المشد إبراهيم" نزول جدي في أملاكه - كما كان يقول - من الأمور العلوية حتى أنه رفض ما عرضته أسرتنا من مال وفير يستطيع به أن يشتري نصف فدان مقابل التنازل عن نصف القيراط الذي يملكه ، وراح يروي للناس كيف أن مولانا الإمام - يقصد جدي - زاره في المنام أكثر من مرة ، وكان يرتدي جلبابا أبيض ناصعا وعمامة خضراء ، وقدم له سمكة كبيرة.
-3-
بني المقام في سويعات قليلة بمشاركة كل أهل القرية والقرى المجاورة ، ومن ساعتها ولقريتنا شأن بين القرى إلا أن شيخ مسجدنا لا زال يصر على أن جدي رجلا فاسدا ، وأن طيرانه ما كان غير حيلة شيطانية. لم يصدق أحد الشيخ فكم من فاسد مات ولم تظهر له كرامة ، وحكى عدد من الناس أنهم وجدوا جدي على باب المقام في لباس ملائكي ووجهه ينضح بشرا بل إن أحدهم ذكر أنه سلم عليه وقبل ما بين عينيه . تناثرت الحكايات عن معجزات جدي حتى بلغت الآفاق ، وبقي شيخ مسجدنا وحيدا بفكره وقد اعتزله الناس ، ورموه بالجهل والحقد على ولي من أولياء الله الصالحين .
-4-
تبدد صوت شيخ مسجدنا ، ولم يعد أحد يلقي إليه بالا ، وكلما مد لأحد يدا، قبضها عنه مما زاد من عزلة الشيخ ، وفي لحظة من لحظات الضيق حمل الشيخ فأسا وذهب إلى المقام يستره الليل ، وراح يهدمه حتى أتى على أكثره ، ولولا أن الناس تنبهوا لما يراد بمقام وليهم ؛ لجاء عليه كله ، وبينما هم يجرونه جرا فوق التراب حدث ما أصاب أكثر الناس بالذهول إذ ارتفع المقام كما كان ، واستوى دون أن تمتد إليه يد واحدة.
-5-
طارت واقعة بناء المقام بعد هدمه دون أن تمتد إليه يد واحدة في الآفاق ودوت .بكى شيخ مسجدنا حتى ذبل ندما على ما فرط في جنب جدي ، ومن ساعتها وهو يمسك بمقشة يكنس بها حول المقام ، ويقعد كلما جاء وفد لزيارة المقام ؛ ليقص عليهم كرامات جدي التي لا حد لها مؤكدا لهم أنه من أولياء الله الصالحين بل لا مثيل له في عالم الأولياء.
تمت.
المصدر: رئيسة مجلس الادارة