دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

رسالة إلى أهل بلدتي 
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
سلامٌ قبل الكلام ....... وبعد :
ذات يوم - بعيد جدا جدا، وقريب جدا جدا - وُلدتُ أين أنتم الآن، ورضعْتُ أين أنتم الآن، ولعبتُ أين أنتم الآن، وترعرعتُ أين أنتم الآن، وعشقتُ أين أنتم الآن، وتزاوَجَتْ دمعتي بابتسامتي أين أنتم الآن، وناجيتُ الشمس نهارا والقمر ليلا أين أنتم الآن، وتدحرجْتُ بين لفحات الحر وزفرات الرياح وصمت الثلوج وعبث العصافير أين أنتم الآن، وقرأت أوراق الدهور وأخبار القبور والكثير الكثير من تجليات السرور والشرور والعبور والصبح المغرور والمساء المهجور أين أنتم الآن ...
ذات يوم - لا أدري أهو حلم حقيقة أو حقيقة حلم ؟ - جلستُ أين تجلسون، وركضت أين تركضون، وتشظيت أين تتشظون، وأغمضتُ عينيّ كاتما أنفاسي واضعا يدي على قلبي وأنا متزحلق بين حماقات الأشعار ومنعرجات الأفكار وجداول الأرقام والأوهام والأنغام والأحلام والأيام كما تفعلون تماما ...
ذات يوم - كأنه الآن لكنه ليس الآن - رسمتُ بألوان الخلود شوارع بلدتي وممراتها وساحاتها وجدرانها وأشجارها وأحجارها ومرتفعاتها ومنخفضاتها وحتى بعض المعالم المؤقتة فيها كغضب الغبار وفيضانات الأمطار وكبرياء البياض البارد في شتاء الوقار وعبور الطيور الراحلة بحثا عن دفء الحياة من مسار إلى مسار ... وحين الرسم نحتّ نحتا حيّا فيه الحركة والشعور واستفهامات الوجود جلّ الوجوه التي عايشتُها فأحببتُ بعضها وكنت حذرا من بعضها كما كنت لا أرى بعضها إلا من باب المشاهدة الرتيبة التي لا تلتفتُ إليها الذات إلا بعد حين وحين ... وضمن الرسم والنحت اللذين ينأيان عن الرسم والنحت في قاموسيتهما المعنوية؛ مسْرحْتُ دنياي تلك في حكايا ألف ليلاوية / دونكيشوتية ذات درامية سينمائية تطل على مساءاتي الآرقة ما بين الفينة والفينة في أشرطة تروي جلسة شيخ يُسبِّح تائها جنب جدار طوبيّ قديم، أو نظرة كهل متعب إلى صغاره وهو عائد والشمس تختفي شيئا فشيئا خلف الأفق، أو إطلالة سريعة لفتاة حائرة تقول عيناها : أنا هنا لكن روحي زورق يصارع هنالك غيما عاصفا لا أدري ما بعده ؟، أو أسجاع مجنون مضطرب يحدث نفسه بصوت يسمعه كل الناس معتقدا أن لا أحد يسمعه، أو حركة مارّة - فرادى وجماعات - وهم متقاطعون متتابعون تائهون في متاهات يوميات تتكرر دون تكرار فتتغير باستمرار الاستمرار ...
ذات يوم بعيد - كم أحبه ، وكم يؤلمني غيابه الحاضر وحضوره الغائب وأنا أتلاشى في تلافيف الخريف - كنتُ وكان الناس معي يضحكون حين الضحك دون تأويل ويبكون حين البكاء دون تهويل ... كنتُ وكان الناس معي يفرحون باقتسام القليل وفي الرضوان ينامون إذا ما نام الليل ... كنتُ وكان الناس معي يرون الجمال في كل شيء حتى لو كان مجرد ذرة في أكوام وأكوام من اللاجمال كما يرون الجلال في كل فعل حتى لو كان من أبسط عاديات يومياتنا التي تندرج عند غيرنا في اللاجلال ...
وها أنا اليوم أكتب إليكم لأقول لكم فقط : أنتم في بلدة مباركة، فلا تتنكروا لها، ولا تشمئزوا منها لهذا السبب أو ذاك، واستمتعوا بجمالها وجلالها الاستمتاع الطيب كله قبل أن يصل الوقت الذي تقولون فيه : ذات يوم بعيد ....... ذات يوم بعيد ....... ذات يوم بعيد .......
وكل يوم وأنتم بألف ألف خير ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمضاء : الأستاذ الدكتور بومدين جلّالي
ذات يوم - لا أدري أهو حلم حقيقة أو حقيقة حلم ؟ - جلستُ أين تجلسون، وركضت أين تركضون، وتشظيت أين تتشظون، وأغمضتُ عينيّ كاتما أنفاسي واضعا يدي على قلبي وأنا متزحلق بين حماقات الأشعار ومنعرجات الأفكار وجداول الأرقام والأوهام والأنغام والأحلام والأيام كما تفعلون تماما ...
ذات يوم - كأنه الآن لكنه ليس الآن - رسمتُ بألوان الخلود شوارع بلدتي وممراتها وساحاتها وجدرانها وأشجارها وأحجارها ومرتفعاتها ومنخفضاتها وحتى بعض المعالم المؤقتة فيها كغضب الغبار وفيضانات الأمطار وكبرياء البياض البارد في شتاء الوقار وعبور الطيور الراحلة بحثا عن دفء الحياة من مسار إلى مسار ... وحين الرسم نحتّ نحتا حيّا فيه الحركة والشعور واستفهامات الوجود جلّ الوجوه التي عايشتُها فأحببتُ بعضها وكنت حذرا من بعضها كما كنت لا أرى بعضها إلا من باب المشاهدة الرتيبة التي لا تلتفتُ إليها الذات إلا بعد حين وحين ... وضمن الرسم والنحت اللذين ينأيان عن الرسم والنحت في قاموسيتهما المعنوية؛ مسْرحْتُ دنياي تلك في حكايا ألف ليلاوية / دونكيشوتية ذات درامية سينمائية تطل على مساءاتي الآرقة ما بين الفينة والفينة في أشرطة تروي جلسة شيخ يُسبِّح تائها جنب جدار طوبيّ قديم، أو نظرة كهل متعب إلى صغاره وهو عائد والشمس تختفي شيئا فشيئا خلف الأفق، أو إطلالة سريعة لفتاة حائرة تقول عيناها : أنا هنا لكن روحي زورق يصارع هنالك غيما عاصفا لا أدري ما بعده ؟، أو أسجاع مجنون مضطرب يحدث نفسه بصوت يسمعه كل الناس معتقدا أن لا أحد يسمعه، أو حركة مارّة - فرادى وجماعات - وهم متقاطعون متتابعون تائهون في متاهات يوميات تتكرر دون تكرار فتتغير باستمرار الاستمرار ...
ذات يوم بعيد - كم أحبه ، وكم يؤلمني غيابه الحاضر وحضوره الغائب وأنا أتلاشى في تلافيف الخريف - كنتُ وكان الناس معي يضحكون حين الضحك دون تأويل ويبكون حين البكاء دون تهويل ... كنتُ وكان الناس معي يفرحون باقتسام القليل وفي الرضوان ينامون إذا ما نام الليل ... كنتُ وكان الناس معي يرون الجمال في كل شيء حتى لو كان مجرد ذرة في أكوام وأكوام من اللاجمال كما يرون الجلال في كل فعل حتى لو كان من أبسط عاديات يومياتنا التي تندرج عند غيرنا في اللاجلال ...
وها أنا اليوم أكتب إليكم لأقول لكم فقط : أنتم في بلدة مباركة، فلا تتنكروا لها، ولا تشمئزوا منها لهذا السبب أو ذاك، واستمتعوا بجمالها وجلالها الاستمتاع الطيب كله قبل أن يصل الوقت الذي تقولون فيه : ذات يوم بعيد ....... ذات يوم بعيد ....... ذات يوم بعيد .......
وكل يوم وأنتم بألف ألف خير ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمضاء : الأستاذ الدكتور بومدين جلّالي

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 182 مشاهدة
نشرت فى 23 نوفمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

556,461