جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
22. الخيانة الزوجية
بقلم عبد الامير الشمري
مهندس استشاري
الحارات البغدادية عادة ما تكون مغلقة ولها منفذ واحد للدخول والخروج وللحارات البغدادية اكتفاء ذاتي ويحتوي على البقال إلى الحوانيت إلى الحلاق إلى المقهى إلى الخباز ... بياع الطرشي وغيرها من الأمور. وعادة ما يوصف الحلاق في الحارة بالثرثار لكثرة الكلام ونبش الماضي ... هذه عادة جميع الحلاقين في الحارات البغدادية أي أبواق تنشر الإشاعة في كل مكان ... إذا ما رأى شيء غريب خاصة في الحارة الكلمة الواحدة يعد منها ألف كلمة أي يتمادى في الوصف أكثر مما تستوجب.
كان دكان الحلاق مقابل أحد بيوت الحارة صاحب البيت يحلق عنده باستمرار وذات مرة وعند المباشرة بالحلاقة همس الحلاق في أذن صاحبه وقال له عند مغادرتك البيت ألاحظ شخص غريب يدخل بيتك ... وعلى الفور صاحب البيت نزع الفوطة (الخاولي) من على وجهه وصفع الحلاق بكف أدار وجهه وقال له بالحرف الواحد كيف تجرؤ وتتحدث عن شرفي دون أن تعرف أن الغريب الذي يدخل البيت هو خال الأولاد أي أخو زوجتي ... فصمت الحلاق وهذا أول مؤشر قام به صاحب البيت بإيقاف الإشاعة وتناقلها من فم هذا الحلاق الثرثار. ثم بدأ صاحب البيت يراقب بيته حتى مسك زوجته بالجرم المشهود. فأعطى لعشيقها الفرصة والأمان ... وقال له لو كانت هذه المرأة عاهرة ... كم من المبلغ تعطيها ... أجب ولك الرأي والأمان ... لا تخف. قال كجميلة مثل زوجتك تستحق ربع دينار (كان الدينار في الأربعينات له موقع) قال أني أكتفي بدرهم واحد (أي خمسون فلساً .. لأن الدينار العراقي يساوي 1000 فلس). أخذ صاحب البيت أي الزوج الدرهم وأطلق سراح عشيق زوجته.
أخذ صاحب البيت أي الزوج الدرهم وأطلق سراح عشيق زوجته.
بدأ الزوج الحائر والمسكين كلما دخل البيت وخرج منها أو طلب حاجة يكون مؤشره الدرهم يرفع بيده وينزله أي باللهجة العراقية (طرة كتبة) ... أصبح هذا المنظر مألوف أمام أولاده وزوجته بحيث أصبحت الزوجة في حالة يرثى لها من هذا الموقف والمنظر الذي يقوم به زوجها دون أن يتحرش بها أو يؤذيها أو حتى تأنيبها على فعلها ... عاشت الزوجة في حالة من الكآبة وأصبح جسمها ينحف ووجهها يصفر أي المرض النفسي بدأ يداهمها ويأخذ الكثير من عافيتها دون أن تنطق بكلمة لا أمام زوجها ولا أولادها ... وفي يوم من الأيام دخل الزوج وقال لزوجته أن أهلك دائما يزورونا ولو بالشهر مرة فلماذا هذا الانقطاع ولماذا لا ندعوهم إلى العشاء أو الغداء معنا... أنني مشتاق أليهم كثيراً وخاصة عمي وعمتي ... تلعثمت الزوجة لهذا المقترح وعلى عمى عيونها اتصلت بأهلها ودعتهم إلى وليمة غداء في بيتها وعند الحضور لاحظت أم الزوجة ... النحافة والاصفرار على وجه أبنتها فقالت لزوجها ما هذا يا أبو فلان ... هل تؤذي زوجتك ... قال لا والله يا عمه ولكن الدرهم في يده يصعد وينزل ... أسألوها هي أفضل ما تجيب واستمرت هذه الحالة والاستفسارات من أب الزوجة وأخوتها وأخواتها على ما حدث وما هي أسباب المرض والنحالة في الجسم والاصفرار ... يسألون أولادها ... يقولون لا نعرف شيئاً يا جدتي ويا جدي ويا خالي ويا خالة ... الأمور تسير بشكل عادي في البيت وأبي نظامي وجيد مع أمي ومعنا ... لم تتحمل الزوجة هذا الموقف ولم تستطع الإجابة على كل هذه الاستفسارات وبعد فترة من الزمن انتحرت الزوجة بإلقاء نفسها من الشرفة ومات كل شيء وخاصة السر وبهذه الروحية استطاع الزوج أن يحافظ على شرفه وسمعته وسمعت أهله وأهلها ونقاوة أطفاله .. ومستقبلهم على المدى.
السؤال: ما هي القوة التي تمتع بها الزوج لمعالجة مشكلة زوجته بدون مضاعفات؟
بقلم عبد الامير الشمري
مهندس استشاري
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية