دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

authentication required

" نورما "؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
====================
مقدمة :
أحداث وشخوص النص حقيقية .. حدثت على أرض الواقع .. ولا فضل للكاتب على النص .. اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
تقديم :
" نورما " .. ليست قضية فردية وشخصية .. جرت أحداثها لامرأة ما .. في مكان ما ... في عصرنا الحالي ... عصر " الردة الحديثة " .. 
بل هي قضية " نورما " الأمة .. المجتمع .. والتي هي أبعد من ذلك بكثير .. ؟؟!!
إهداء متواضع :
إلى الأستاذة الفاضلة .. التي أوحت لي بفكرة النص .. وقد كانت شاهد عيان على الأحداث التي جرت في النص ..
.. وإلى بطلة النص الحقيقية " نورما "... 
( الكاتب )
------------------
" نورما " ؟؟!!
.. " نورما " هي أنا .. وأنا هي " نورما " .. ألا تعرفني سيدي الكاتب ؟؟!! .. فأنا هي تلك الفتاة الجميلة .. كبيرة .. أو لعلي تلك الطفلة الكبيرة .. أو لعلي المرأة الصغيرة .. فأنا لم أتجاوز الستة عشر ربيعاً من العمر بعد .
الكل يشهد ويقر بجمالي الطفولي الأخاذ .. ليس جمال وجهي وجسدي فحسب .. بل جمال نفسي وروحي وطهارة قلبي وبراءتي ..
ألا تعرفني سيدي الكاتب ؟؟!! .. ألم تسمع بحكايتي بعد ؟؟ عجباً بل وألف عجب !! فلقد سمع الجميع بما حدث لي .. وتحدث الكل عني .. فكيف بالله عليك لم تسمع بحكايتي يا سيدي ؟؟!! .. ولماذا لم تكتب عني ؟؟ .
أكتب .. أكتب يا سيدي .. أكتب عني .. أكتب عن " نورما " .. ألا تعرف من هي " نورما " ؟؟ .. فـ " نورما " هي أنا .. وأنا هي " نورما " .. فاكتب يا سيدي ..
.. كنت إلى الطفولة أقرب مني إلى المرأة .. وكنت إلى السذاجة والبساطة أقرب مني إلى البراءة .. وكنت إلى حب الحياة والمرح أقرب مني إلى عيش الواقع والجدية .. فاكتب يا سيدي .. أكتب عن " نورما " ..
.. هل تعرف " عمتي " يا سيدي ؟؟ .. مالي أراك تهز رأسك علامة النفي هكذا ؟؟ .. معك الحق .. فمن لا يعرف " نورما " لا يعرف عمتها .. وهذا هو الحال بالنسبة لك .. فأنت لا تعرف " نورما " .
عمتي يا سيدي هل تلك المرأة صاحبة الألف وجه ووجه .. هي تلك المرأة متقلبة المزاج والتي لا تحمل في صدرها قلباً .. بل لعلها تحمل قلباً ليس كقلوب البشر .. فهو قلب مختلف .. مختلف تماماً ... فاكتب يا سيدي .. أكتب عن " نورما " وعن عمة " نورما " .
هل تعرف ابن عمتي يا سيدي ؟؟ .. مالي أراك تهز برأسك هكذا من جديد علامة النفي ؟؟ .. معك كل الحق أيضاً .. فمن لا يعرف " نورما " ولا يعرف " عمة نورما " فهو لا يعرف ابن عمة نورما بالطبع .. وهذا هو أنت .
ابن عمتي هذا يا سيدي ... هو زوجي ... " زوجي المفترض " .. لماذا أراك تنظر نحوي بغرابة وتعجب هكذا؟؟ .. أتراك تعجب أن تكون " نورما " .. " الطفلة الكبيرة " زوجة ؟؟!! .. ولم العجب يا سيدي ؟؟!!..
آآآآآآه .. ها أنا أراك تطلب مني أن أقوم بجمع أفكاري المبعثرة .. وترتيب الأحداث بشكل جيد .. كي تتضح الرؤيا .. سوف أفعل يا سيدي .. وسوف أقص عليك حكايتي .. حكاية " نورما " .. فـ " نورما " هي أنا .. وأنا هي " نورما " ...
.. عندما تقدمت " عمتي " لطلب يدي كزوجة لابنها .. رفض أخي الأكبر طلبها بشدة .. لأنني كنت لا أزال طفلة ... طفلة كبيرة ..
ألحت عمتي في الطلب لعدة مرات ؛ وكانت النتيجة واحدة في كل المحاولات .. الرفض ؛ وهذا ما كان يزيدها إصراراً وعناداً .
استطاعت عمتي استغلال الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الأسرة بعد استشهاد أخي .. ومرض والدي الشديد ؛ فانفردت عمتي بوالدتي المجهدة ... وبي .
لم تلبث أن سلطت ضدي كل شياطينها وأنا التي ما زلت غضة بريئة .
يبدو بأن عمتي كانت تتعامل مع أمور السحر والشعوذة ؛ وإلا لما استطاعت أن تسيطر على كل مشاعري وأحاسيسي وأفكاري .. ويبدو بأن تأثير السحر الذي استعملته ضدي كان قوياً بما فيه الكفاية ؛ فأصبحت أكره أمي المقهورة وأبي المريض ولا أطيق النظر إليهما أو العيش برفقتهما .. وبت أنادي عمتي بلقب " أمي " .. وشعرت بأنني لا أطيق الحياة بدونها .
في النهاية .. كانت " أمي الحقيقية " ترضخ للأمر .. وتخضع للموافقة بعد أن رأت تأثير عمتي الرهيب عليّ .. وقد أدركت بأنه من الممكن أن أفر من البيت وأتزوج من ابن عمتي رغم أنفها .. وقد كان .
أيام السعادة قليلة سريعة ؛ لم تلبث أن تلاشت .. كما كان هو واقع الحال تماماً بالنسبة لي .. فلقد بدأ انقشاع الغمامة الكثيفة التي كانت تغشى عيوني وتعميني عن رؤية الواقع والحقيقة .. فلم يلبث أن انقضى شهر العسل - الذي توهمت أنه كذلك – بسرعة غريبة ؛ وبدأت في المعاناة الشديدة من تعامل عمتي معي بشكل سيء .. وقد بدأت تصب جام غضبها عليّ وكأنها تريد أن تنتقم مني بعدد المرات التي رفضت عائلتي قبول طلبها بالزواج من ابنها .
أفردت لي حجرة متواضعة جداً ملحقة بالمنزل الذي كانت تسكن فيه من ابنها – زوجي – وشقيقه الأصغر وزوجها الذي كان يصغرها بعدة سنوات مع أولادهما الآخرين .. كانت الحياة لا تطاق في هذا المناخ الغير صحي .. وكأنها حياة جهنم والجحيم ..
لم أطق العيش والحياة في ظل هكذا مناخ آسن عطن .. فقررت اللجوء إلى بيت أبي وأمي غاضبة ناقمة .
كانت المحاولات العديدة - من جانب عمتي وابنها – من أجل إقناعي بالعودة إلى بيت الزوجية ؛ فرفضت ذلك وبشدة .. وقررت عدم العودة إلا بعد أن يفرد لي زوجي بيتاً مستقلاً بعيداً عن هيمنة وسيطرة عمتي ... فوعداني بذلك وأقسما بأغلظ الإيمان على تنفيذ الأمر كرغبتي .
وقبل اتمام التعهد وتنفيذ الوعد .. كانت الدعوة لي بقضاء يوم أو يومين برفقة زوجي وعمتي في منزلهم على وعد أن تكون تلك الزيارة هي الأخيرة قبل الانتقال للسكن الجديد .
انصعت لمطلبهم بعد إلحاح عمتي ووعودها البراقة ؛ فرضخت مرغمة لمطلبها .
يوم .. وآخر ... و ..
ففي مساء ذلك اليوم .. وقد انتصف الليل ؛ وأثناء جلوسنا للمسامرة والحديث في سهرة منزلية ؛ قامت عمتي بافتعال بعض الأمور والمشاكل الجانبية .. فوجئت بها تقوم بالاعتداء عليّ وبشكل وحشي .. وراحت تنهال عليّ بالضربات المتلاحقة بغيظ وحنق غريب وكأنها تنتقم مني لكرامتها التي أهدرت في السابق برفضي طلب الزواج من ابنها في المرات العديدة السابقة .
تحت وابل الضربات العنيفة المتلاحقة من عمتي ؛ قمت بالاستنجاد بزوجي .. فهب على عجل بالمساعدة .. وفوجئت بالأمر ..فهو لم يهب لنجدتي أو مساعدتي .. ولكن من أجل مساعدة أمه " عمتي " في أداء المهمة .. فقد انضم إلى أمه مشاركاً في التنكيل بي .. وانضم للمساعدة أخيه الأصغر ؟؟!!...
عندئذٍ أدركت بأنني قد وقعت بالفعل في المصيدة ووقعت في الفخ .
علا صوتي بالصراخ والعويل وطلب النجدة بلا فائدة .. فلم يسارع أحد لنجدتي . ولكن يبدو بأن ثمة نجدة قد أتت في خضم الأمور على يد زوجي .. الذي راح يكيل لي الضربات القاتلة المتلاحقة في شتى أنحاء جسدي بأداة حادة كأنها السكين ؟؟!!.. 
.. لم تلبث الأصوات أن سكنت .. وهدأت .. وشعرت بهدوء غريب يسيطر على المكان وعلى نفسي وجسدي .. ورحت أخوض غمار نوم عميق عميق .. يشبه الغيبوبة أو الموت .. وبت بلا حراك أن تنفس .. وقد شعرت بأن قلبي قد توقف عن الوجيب والخفقان ..
لعلها ساعة ... ساعتان .. أو أكثر قليلاً .. كنت خلالها على مثل تلك الحالة .. بينما كانت عيون الشياطين من حولي تحدق بي وكأنها تتابع احتضاري وبداية نومي الأبدي ؟؟!! .
في اللحظات التالية .. والتي كانت هي الحد الفاصل ما بين نهاية الحياة وبداية الموت ؛ كنت ألمح من خلال تلك الغمامة الكثيفة التي كانت تغطي عيوني .. كنت ألمح تلك العيون الشيطانية التي كانت تحدق بي من كل جانب ... تقترب مني شيئاً فشيئاً .
ما لبثت الأيدي الشيطانية أن امتدت نحوي ؛ وراحت تحيط بي من كل ناحية وتحملني من شتى أنحاء جسدي .. وشبح ابتسامة باهتة ترتسم على محياي .. فلقد اعتقدت بأن تلك الأيدي قد امتدت نحوي لتساعدني .. لتحملني إلى أقرب مشفى لك يتم علاجي ؟؟!! .
حملتني الأيدي بالفعل .. ولم تلبث أن توجهت ناحية .. ناحية النافذة ؟؟!! ..
أصابتني الدهشة الشديدة وتملكني العجب العجاب .. فلماذا هم يتوجهون بي ناحية النافذة المطلة على الشارع .. وقد حسبت بأنهم سيتوجهون ناحية باب الشقة لا نافذتها ؟؟!!
لحظات يسيرة ... كانت خلالها الأيدي الشيطانية تطوح بجسدي .. وتلقي بي من النافذة المطلة على الشارع من ذلك العلو الشاهق .. ؟؟!! ... لكي يبدو الأمر وكأنه " انتحار " ؟؟!! .
شعرت بأمر غريب .. شعور عجيب .. شعرت بأن روحي تنفصل عن جسدي .. فلقد شعرت بأنني أهوى بجسدي إلى الأسفل بسرعة غريبة .. بينما وفي نفس الوقت كنت أشعر بأنني أحلق في الأفق البعيد بسرعة أكبر .. ؟؟!!.
فاكتب .. أكتب يا سيدي .. أكتب عني .. أكتب عن " نورما " .. ألا تعرف من هي " نورما " ؟؟ .. فـ " نورما " هي أنا .. وأنا هي " نورما " .. 
فاكتب يا سيدي ..

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 127 مشاهدة
نشرت فى 3 أكتوبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,961