دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

 

♠ ♠ ♠ ♠القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ 
♠ ♠ ♠الخاله ♠ ♠ 

♠ ♠الحياة بتنوعها تلقي بظلالها على كل منا ظلاً ، ليس من الشرط أن يكون ظلاً أسود ، فقد يكون لهذا الظل لوناً آخر ، وداخل شوارع وحارات القاهرة ، العديد من قصص الحياة ، والتي لها ظلالاً متعددة الألوان ، ففي شارع من شوارع القاهرة كانت تسكن سيدة عجوز أرملة لصيدلي وليس لها إلا ولد واحد مهندس ومتزوج وله من الأولاد خمسة ، كان لا يأتي أمه إلا إذا إحتاج الي المال ، والأم تستعطفه ألا يغيب عنها لشعورها بالوحدة ، فهي تقسم له أن بابها قد يظل مغلقاً يوماً أو يومين دون ما يأتي لها أحد ، ولم يفكر يوماً أن يأخذها لتعيش معه في بيته، ولم يحن قلبه لكلامها مرة ، فيتركها حتى إذا ما إحتاج لبعض المال جاء لها ، إلا أن الذي كان دائم الحضورعندها والسؤال عنها ، هو إبن الأخت حيث أن له عندها معزة خاصة جداً منذ كان طفلاً ، فقد أخبرته وهو صغير بقصة غريبة ، فقد تركته أمه وهو صغير عندها وذهبت إلي طبيبها الذي يكتب على باب العيادة برجاء عدم إصطحاب الأطفال ، وكان نائماً ولما إستيقظ نادى على أمه فلم يجدها فظل ينادي ويبكي ، حتى أن الخاله أحضرت له عصا وهددته إن لم يسكتب ضربته، فظل يبكي حتى نام باكياً ، وحضرت أمه وأخذته نائماً ورجعت إلى البيت ، وفي الصباح ذهبت الخاله إلى أختها وأخبرتها غريباً ، أنها حلمت أن رجلٌ أسود كان يحمل كرباجاً في يده ظل طول الليل يضربها ، ويقول لها لأنك جعلتي صفاء ينام باكياً ، من يومها ظلت تقبله كثيراً ولا ترضى أن يزعجه أحد ، وكانت تحضر لصفاء خاصة دون أخواته ما لذ وطاب ، وكان لهذه الخاله جاره صديقة لها وهي مسيحية وفي نفس الوقت صاحبة العقار الذي تسكن هي فيه ، والصداقة والعشرة بينهما جعلت الخاله تعطي الجارة مفتاح الشقة حتى تفتح عليها إذا هي غابت أو حدث لها مكروه ، وأخبرت الجارة صاحبة العقار أنها إذا توفها الله تعطي هذا المفتاح لإبن الأخت صفاء وليس لإبنها ، وتأخذ منه الشقة ، والعلاقة بين صفاء وهو إسم إبن الأخت وبين صاحبة المنزل المسيحية علاقة حميمية بدأت من سنوات ، عندما جاء صفاء مرة إلي الخاله وظل يرن جرس الباب ولا أحد يجيب ، فطرق باب الجارة الصديقة للخاله ووجدها في حالة إضطراب حيث إبنتها بالداخل وهي في حالة ولادة ، وقد إتصلت بالمستشفى لترسل مولده لها ولم تأتي حتى الأن ، والبنت في حالة صعبه دخل صفاء معها وقال لها أريد ماء ساخن وكولونيا ، وبعد أن طهر يده جيداً طلب من البنت أن تأخذ نفساً عميقاً ولا تخرجه وفعلت هذا الأمر عدة مرات ، حتى نزل ولد بجمال لا يصدق ، طلب من الأم شيئاً حاداً ثم طلب أن تسخينه جداً ، وقطع الحبل السري وربطه بخيط بعد أن مسحه بالكولونيا ، وفي الحقيقة كانت البنت شجاعة وساعدته فلم يضطرب وأنجز المهمه ثم جاءت عربة المستشفى ، وقالت الحكيمة الولادة زي الفل ، قالت الأم البركة في الدكتور والحقيقة أن صفاء ليس دكتور نساء وتوليد بل هو دكتور في شئ آخر بعيداً عن الطب ، قامت الحكيمة بالتطهير اللأزم وأنصرفت ، وسموا المولود صفاء على إسم الدكتور ، وقالت الأم لو كانت بنت كنت أسميها صفاء أيضاً إكراماً لك ، وشكرها وأتى فيما بعد للمولود بهدية ثمينه تبقى معه طوال العمر ، وكان صفاء يطلب رؤية الطفل كلما جاء لزيارة الخاله ، وإسم صفاء سميته أمه به حتى يشك من يسمع الإسم هل هو ذكر أم أنثى خوفاً من الحسد ، وصفاء هو الإبن الأكبر لثلاثه بعده أنثى ثم ذكر ثم أنثى ، والأم كانت متعلمه فكان حنانها موزعاً على الأربعة بالتساوي ، إلا أن صفاء كان يشعر أنه مميز ، ولكن لأن الخاله ليس عندها ما تعطية كل حنانها فكانت تعطية لصفاء وزيادة ، ومن جميل كلمات الخاله التي لا تنُسى كان إذا دخل عليها صفاء وقال لها (إزيك يا خاله) فكانت تقول له مرة (مفيش في الدنيا زيك) ومرة (يسلم كل من زيك) ومرة تقول له (هو مين زيك) ، ومرة تقول (يسلملي زيك) ، وكان يسعد صفاء بتلك الكلمات المخلصة ، ومرت السنين وتوفيت أم صفاء وأبيه في يوم واحد ، وأمه هي الأصغر سنا من كل أخواتها ، إلا أن الخاله لم تترك الأولاد حتى تزوجوا جميعاً ، وكان صفاء آخر من تزوج من الأولاد حسب عهده لأبيه وأمه وهو يواريهما الثرى ، وظل صفاء هو الوحيد الذي يداوم على زيارتها والسؤال عنها يومياً أو يوم بعد يوم ، وقد مَن الله على صفاء بزوجه باره كانت الخاله إذا حضرت بيت صفاء ظلت به أيام فكانت الزوجة تقوم بإعداد الحمام لها ، وتدخل معها حتى تأخذ حمام لا تسطيع أن تأخذ مثله في بيتها لوحدها ، وتظل عند صفاء أيام ثم تقول وحشني بيتي ، فيأخذها صفاء الي بيتها ، ويقول لها يومين وأأتي لأخذك لتقيمي معي ، وهكذا مرت الأيام ، وفي يوم من الأيام إتصلت الجارة بصفاء لتخبره أنها فتحت الباب على الخالة فوجدتها نائمه على الكنبه في الصالة ولا تتكلم ، هنا حضر على الفور صفاء ونقلها الي مستشفى خاص وكبير وبعد أيام أسلمت الروح لربها فقد أصيبت بجلة في الدماغ ، وهي بعمر أكثر من تسعين عام ، رحمة الله عليها وبعد الدفن حضر صفاء في الليل الي شقتها فوجد الإبن الذي لم يكن يسأل عنها إلا إذا كان في حاجة الي مال وزوجته والجيران ، هنا دخلت الجارة صاحبة العقار ، وقالت لصفاء أن خالته أعطتها مفتاح الشقة من أربعين عام ، وقالت إذا أنا مت إعطي المفتاح الي صفاء فخذ المفتاح ، فإذا بالإبن يغضب فقام صفاء وأعطاه المفتاح ، وقال له لا تغضب خذ محتويات الشقة وسلمها لصاحبة البيت كما وصت أمك ، شكرته صاحبة البيت لنبل أخلاقه ، وبعد وقت سمع فيه بعض القرأن الكريم ، إنصرف صفاء ، ثم أتى بعد أيام له تليفون من صاحبة البيت تخبره أن الإبن لم يسلمها الشقة ، حاول صفاء الإتصال به فلم يتمكن ، ثم بعد أيام أخبرته صاحبة البيت أن رفض أن يسلم الشقة إلا بعد أن أخذ منها بعض المال ، قال لها صفاء أن الخاله طلبت تسلم الشقة بلا مقابل تقديراً لرعايتك لها ، وحاول صفاء أن يعرف كم من المال أعطته له حتى يرده لها من ماله الخاص ، إلا أنها رفضت هذا وهنا تحصر صفاء على عدم الوفاء بوصية الأم ، وعن ترك الأبناء للأهل وإهمالهم عندما يكونوا كباراً في السن وفي حاجة للمواساة والحنان بعد أن اعطوا كل ما عندهم حتى أعمارهم للأبناء ، وكتب صفاء مقال قال فيه محظوظ كل من له أب أو أم على قيد الحياة ، وعرف قدرهما وأحسن إليهما ، وخاسر ثم خاسر من أدركهما أو أحدهما ولم يحسن لهما حتى يرضي الله فيهما ويدخلاه الجنه.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

 

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 106 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

559,742