دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

أنا في سنّ على الفتاة أن تُبكّرَ فيها إلى التّفكير في الزّواج.. أمكن لأمّي أن تحملني على الإحساس بخطورة ما يحدقُ بالمرأة في حال تأخّر زواجها.. ههنا كان لا بدّ من التّعجيل بالزّواج، أقلّ الأمر بالتّفكير فيه على محمل الجدّ. لعلّ أمّي كانت ترغب في أن تقطع مع الحزن فودّتْ أن تستبدل أزمنة البكاء بنموذج من فرح جديد، ربّما يكون ذلك فاتحة السّعد و يغيّر مجرى الأحداث على نسق مغاير.. أمكن لأمّي أخيرا أن تدفع بي إلى استشعار فظاعة وحشة المرأة التي لا تتزوّج و تمثّل عزلتها،قالت:
_ ليس الزّواج هو ما يعنينا بحدّ ذاته، بوصفه حدثا اجتماعيّا. ما يعنينا إنّما ما يترتّب عليه من أنْسٍ، وما ينجرّ عنه من تكاثر في الولد بالإنجاب..ذلك هو فقط ما به نتصدّى لوحشتنا في هذه الحياة..أنتِ لم تدركي بعد ما يُعشّش في حياتنا من وحشة، وما نوع العذاب الذي يصيب المخلوقات الهزيلة حين تظفر بها الحياة الفارغة ! 
رغبت في معارضتها. قلت: ليس الزّواج مقياسا لإفناء الوحشة. وليست العزوبيّة شرطا لامتناع الأنس و الغبطة.
عقّبتْ: لن يكون هذا موقفك بعد تخطّي عتبة الثّلاثين..إنّ تلك السنّ من غير مشروع زواج واقٍ، شنيعة حقّا.. إنّها تستحيل في إحساس المرأة، حين تأخذ الأشياء كلّها في الانطفاء و الرّحيل، وأهمّها على الإطلاق رأس مال الأنثى،أي جمالها بكلّ أبعاده، سنّ الذعر الحقيقيّ..
أطرقتُ لحظة. أذكر أنّ أمّي بتركيزها على دائرة الذّعر الممكن جعلتني أطرِق لأستوعب تلك المسألةَ بعمق شجيّ، مدارُه ذعر المرأة الثلاثينيّة العزباء من الزّمن. يحتاج هذا إلى توضيح قصير: يكون سنّ بهجة الأنثى حيث حصاد المتعة، ما بين العشرين و الثّلاثين. ما قبل ذلك إنّما هو وهمُ النّشأة، حيث يتشكّل لدى المرأة غرورٌ باكتمال رأسمالها و برهانها على الامتداد في أطوار وجودها بضمانة ماديّة، جسديّة تحديدا.. في ما بين العشرين و الثّلاثين يُشرق الجسدُ، ينضج فيه النّور و ينضَحُ بعسلِ سحره، و يكون جاهزا لأن يُمْنَح و أن يَمنَحَ. أتعرف ما المنْحُ في ما أعنيه؟ ّهو تلك القدرة التي تُعدّه لعَطاء جماليّ، أوّلا بواسطة الجنس، حيث يمَثّــلُ الجسد حقلا لاختبار الرّوح ذاتها، كما يمثّلُ معيارا للذّة ثمينة، مساحةَ حريق ناعم..ذلك هو سرّ انتصار المتعة الجسديّة .. ثمّ ثانيا، بواسطة الحَبَل والولادة،حيث يعكسُ الجسدُ نجاعة استجابته الحذقة لفعل عبقريّ في جوهره: ذلك الفعل الفنّيّ التّبادليّ الذي يزدحم خلاله الوعيُ ممتزجا بتلهّب أوعية الدّم تحت إشراف سحريّ لعاطفة نبيلة.. تلك الاستجابة الحذقة هي تمثيل مثاليّ لثنائيّة أخذ/ تسليم. و نتيجتها الماديّة الملموسة هي ما ينهض من ثمرة في الوجود البشريّ و ما يتهيّأ لمشروع جماليّ سيكون تناوبيّا بالضّرورة، و ذلك هو شكل خلود هذا المشروع الحالم.. 
حين أتحدّث عن خطبتي و خطيبي تقفز أحزاني إلى البروز و تدور طاحونة دامية، حينها يتناهى إليّ صوتُ حياتي تنطحن مع كل دورة. لم أكن أجد في ذلك الرّجل سوى "رجولة" يابسة، ظاهرة في السّطح لا غير..بالمقابل ،كان أيمن ن ذلك المراهق في زمانه_ زمان القبلة العاجلة المخطوفة_ شابّا معتدلا..
_________ 
سيف الدّين العلوي
رغبت في معارضتها. قلت: ليس الزّواج مقياسا لإفناء الوحشة. وليست العزوبيّة شرطا لامتناع الأنس و الغبطة.
عقّبتْ: لن يكون هذا موقفك بعد تخطّي عتبة الثّلاثين..إنّ تلك السنّ من غير مشروع زواج واقٍ، شنيعة حقّا.. إنّها تستحيل في إحساس المرأة، حين تأخذ الأشياء كلّها في الانطفاء و الرّحيل، وأهمّها على الإطلاق رأس مال الأنثى،أي جمالها بكلّ أبعاده، سنّ الذعر الحقيقيّ..
أطرقتُ لحظة. أذكر أنّ أمّي بتركيزها على دائرة الذّعر الممكن جعلتني أطرِق لأستوعب تلك المسألةَ بعمق شجيّ، مدارُه ذعر المرأة الثلاثينيّة العزباء من الزّمن. يحتاج هذا إلى توضيح قصير: يكون سنّ بهجة الأنثى حيث حصاد المتعة، ما بين العشرين و الثّلاثين. ما قبل ذلك إنّما هو وهمُ النّشأة، حيث يتشكّل لدى المرأة غرورٌ باكتمال رأسمالها و برهانها على الامتداد في أطوار وجودها بضمانة ماديّة، جسديّة تحديدا.. في ما بين العشرين و الثّلاثين يُشرق الجسدُ، ينضج فيه النّور و ينضَحُ بعسلِ سحره، و يكون جاهزا لأن يُمْنَح و أن يَمنَحَ. أتعرف ما المنْحُ في ما أعنيه؟ ّهو تلك القدرة التي تُعدّه لعَطاء جماليّ، أوّلا بواسطة الجنس، حيث يمَثّــلُ الجسد حقلا لاختبار الرّوح ذاتها، كما يمثّلُ معيارا للذّة ثمينة، مساحةَ حريق ناعم..ذلك هو سرّ انتصار المتعة الجسديّة .. ثمّ ثانيا، بواسطة الحَبَل والولادة،حيث يعكسُ الجسدُ نجاعة استجابته الحذقة لفعل عبقريّ في جوهره: ذلك الفعل الفنّيّ التّبادليّ الذي يزدحم خلاله الوعيُ ممتزجا بتلهّب أوعية الدّم تحت إشراف سحريّ لعاطفة نبيلة.. تلك الاستجابة الحذقة هي تمثيل مثاليّ لثنائيّة أخذ/ تسليم. و نتيجتها الماديّة الملموسة هي ما ينهض من ثمرة في الوجود البشريّ و ما يتهيّأ لمشروع جماليّ سيكون تناوبيّا بالضّرورة، و ذلك هو شكل خلود هذا المشروع الحالم.. 
حين أتحدّث عن خطبتي و خطيبي تقفز أحزاني إلى البروز و تدور طاحونة دامية، حينها يتناهى إليّ صوتُ حياتي تنطحن مع كل دورة. لم أكن أجد في ذلك الرّجل سوى "رجولة" يابسة، ظاهرة في السّطح لا غير..بالمقابل ،كان أيمن ن ذلك المراهق في زمانه_ زمان القبلة العاجلة المخطوفة_ شابّا معتدلا..
_________ 
سيف الدّين العلوي

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

561,011