جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بَقـــايا جَريدَة / سليمـان دَغَـش
أنظُرُ في المرآةِ حينَما أنظُرُ
فأراهُ فيها وأرانــي
أسأَلُهُ أو أسألُ المرآةَ : مَنْ أنتَ؟
يَسألُني بِلغَةِ الايماء صَمتاً مَن أنا؟
أترُكُ المرآةَ أخرُجُ عَن مدارِها الوَهـمِيِّ،لا أبصِرُهُ
لكِنَّهُ أبَداً يَرانــي
رُبّمـا كانَ مجالُ الكَشفِ مَهْما امتَدَّ في المِرآةِ وَهماً
أو سَراباً طارَ مِن رَملِ الحَقيقَةِ فَتَلاشى،
ما الحَقيقَةُ،هَل أحَدٌ يُحَدِّدها لَنا؟
لا بُدَّ مِن رؤيـا إذاً أو رُبَّما بَعض النبوءَةِ والهِداية
كَيْ يَكمُلَ المَرئِيُّ بالرائي
وتَكتَملَ الحَقيقَةُ بالتَّجَلّي في إشاراتِ الرؤى وَحْياً
فيما تَعدى الشَّكَ في وَهمِ المَرايا
أسألُ المِرآةَ مُندَهِشاً :
أأنا المَرئيُّ فيكِ،أم أنا الرّائي ؟!
أغمَضتُ عينَيًَّ وأبعدتُ المرايا عَنِ المَرايا
قُلتُ أختَبِرُ البَصيرَةَ أبعَدَ مِن مدى الرؤيَةِ في عينيّ
سألتُ فِيَّ النّفسَ هل ثمّة شيءٌ خارِجٌ عَن عِلَّةِ
الرؤيَةِ والتّنجيمِ والتَّبصيرِ وِالتأويلِ في الرؤيا؟
كانَ نورٌ هادئُ المِشكاةِ في نَفْسي يُضيءُ كُلَّ دواخِلي
نوراً ويَهمِسُ لي : ها أنتَ تَراني الآنَ فيكَ قنديلاً صَفِياً صافِياً
فَتُبصِرُني وتُبصِرُ فيَّ/فيكَ ما لم تُبْصِرهُ عيناكَ يوماً
لا شيءَ تُخفيهِ البَصيرَةُ عَنكَ حينَ تَبعَثُ
في مِشكاةِ نَفسِك نورَها الأبَدِيَّ
كم من رؤيَةٍ مَرْئِيَّةٍ عَمياءَ تَبقى رَغمَ رؤيَتكَ لها
وكم شكاً تَجَلّى في البَصيرَةِ نورُهُ
ما كنتَ تَحلُمُ ذاتَ يَومٍ أنْ تراه
عُدتُ للمرآةِ ثانِيَةً لرؤيَتِهِ
وكأنَّني شاهَدتُـني فيهِ على نقصِ الدّلالةِ في التَّجلّي الرُّؤيَوِيِِّ
أشَحتُ وجهِيَ عَنهُ وانصَرفتُ لِيَختَفي،فلا وجودَ لي في خارِجي
وَتَركتُهُ في عُزْلَةِ المرآةِ مَنْسِياً
بقايا مِنْ جَريدَةْ
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية