دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون . (النّجم - 59 -61)
لأّنّا انْحدرْنا من سلالات الحفاوة بالرّحيلِ و بالنّشيجْ
كلّ شيءٍ في الحقيقةِ مَدْعاة بكاءْ:
بدْءًا منْ " قِفَـا نبْكِ"... مرورا ب "لا تهلكْ أسىً ... 
و تعريجا على "... انعِمْ صباحا أيّها الرّبعُ".. 
بُـلوغا لِــها "عفتِ الدّيارُ"..
حتّى عافَها القُطّانُ و الضُعّانُ و الأجوارُ 
عفت الدّيارُ – و الأعمارُ- آهلةً بأهليها..
............
مسافةَ فَـرسخ من دهشة أو بعضُ أمتار مُشرعاتٍ 
لازدحام الرّوح في وقت الظّهيرة بالوجلْ
و الأرضُ لا تتجشّأ غير المآتم و المآثم و الخواءْ.. 
سيمرّ دهرٌ وهي تذرفُ مجدَها لهبا و طوفانا
ثمّ تعوجُ عند الرّسْم تستوي معوجّةً عند الطّللْ.. 
عند مزدحَمِ الدّماءِ ينتفض الفراغُ..
تنقضّ الخرافة فظّةً بمخلبيْن مُشذّبيْن،
مغمّسيْن في بِـــرْكةٍ دمويّة .. و مُزخرفيْن بـزرْكشهْ..
هذي المدائن تقترفُ البذاءة و الرّداءة و المُثُلْ 
و صناعةَ القِيمِ النّبيلة في قوالبِ بسكويتٍ فاسدهْ..
الفضيلة في بلادي حلوةٌ مثل شيشٍ* جفّفوهُ 
لغير موسمه.. ( فدَوّدَ فجأةً)
و مثلهُ متكَـمّـشهْ..
الحزنُ أثقلُ في غير موسمهِ كذلك و الجراحُ مُــــدَوِّدهْ..
و الرّوحُ شعْــثاءُ منْ جَــعَد الحنين 
و مثل أحلام الرّفاق مُــشوّشهْ..
لذا سأطلُّ من بذخ "التّفاؤل" و السُّمودْ
على مضيق القادمينَ محمّلين بناعم الإيقاع
و الطّعنات ليجدلوا فوق كثبان الخرابِ
و من عراجين المشانق، أرجوحةً لصعودِ ذُرى الخلودْ.. 
و يُجاهدوا في القَتْلِ حقّ جهاده.. 
( لمْ نتّفقْ بعدُ أنّ الجِنانَ مشروطة بنِــزاء قطعان الجنون )
الْ هنا الآن، يستعِرُ الضجيجُ.. و تقفز الرّوحُ في غير اتّجاهْ..
أوّلا ، سأجُسُّ صوت الحُـزْن في الأشياء (أعلّمكَ الإرهاف للألوان إذْ تهذي و للأصوات تفقسُ في الفراغ ):
اللّيلُ يهذي في سُفوح الكون، لهُدنة الرّيحِ الطّروبِ
لربّما تغفو فتعفو أو تكفُّ 
عن نَحْتِ الوداعة في دُجاهْ..
و النّجومُ محنّطاتُ الضّوْء، تهمسُ للسّكونِ 
أنْ كُفَّ عن شغفٍ رتيبٍ بالجُـثومِ 
على أحلامنا مذعورةً فوق الجِباهْ ..ْ 
أشمُّ ضوْعَ البهْـجة العذراء تنذر الفانين في الطّين 
من خلف غيْم الغيْبِ مِنْ حُجُب السّماءْ..
" أوَ ثــــمَّ في الآفــــاقِ منْـــفــــرَجُ ... و القومُ عُمْيٌ و المَدى رهَجُ؟ ! 
ههنا ( نحن نعني: في البلاد الرّاهنة) البلادُ رهينة قَهْـرِنا الأقسى.. الحُزنُ مثل أكياس العصير، مركّـَـــزُ يَحتاجُ محلولَ الدليون كي تُفَكّ خُثارتُه.. و الأفراحُ شظايا من الأصوات و الأضواء، تشي بأطماع الحالمين بالشّهْد من دُبُر الدّبابير.. و الرّمادُ تفايضَ خارجَ الأشياءِ و النّيرانِ مُــرنّخا بالبوْل.. و النّار في طور امتهانها المُخزي.. و ضحكة المتصالحين ( و قد نَجوْا من ثأرنا و تعانقوا) في القناةْ مطليّة بدناءةٍ ضمنيّة.. و الحرّيّة السّوداءُ ترفل في بياضٍ ناصع لستُ أفهم كيف ينشقّ عن جسدِ الرّماد، ذلك المبلولِ بالبوْل .. والأفْقُ الحضاريّ يبشّرُ بانحسار حضارة الإنسان عند منعطف اشتهاءْ. تماما مثل ثوب العارضات العاريات، تماما عند أسفل أو أواسط أو أعالي اللّحْم من خللِ الرّداءْ.. 
(مَنْ يزعمُ أنّ البلاد حزينة " ليس منّا" ،هو لا يفهمُ بالبديهة العجْلى جوهرَ التّغيير الحداثيّ .. و هو يجهل خدعة النّصر في عصر الهباءْ).. 
لا تحدّثني عن الإيقاع.. لا تكترثْ بالنصّ.. لا تجتهدْ في قَنْصِ معنى.. لا تشتغلْ بغير ما ملكتْ يمينك.. و اتّخِذْ من كلّ أمرٍ طللاَ.. وانتظر القيامة ناقفًا لدى السَّمُرات حنظلة و ذكرى.. لا تخاطبْني، ولا تنظر إليّ.. لك منّي التوسّل والرّجاءْ.. 
كلّ شيءٍ في الحقيقةِ مَدْعاة رثاءْ..
__________ 
سيف الدين العلوي

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 96 مشاهدة
نشرت فى 11 ديسمبر 2017 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

560,438