نرى أن الفقير الذي يأكل خبزه من عرق جبينه، ويعمل تحت سلطة الغني، لا يريد أن يقطع رزقه ورزق عياله، وهو معرَّض للطرد من العمل. وكذلك يلتزم الفقير بالقانون وينفذه، ولا يملك الواسطة، ويهاب دخول المخافر وقاعات المحاكم، ويردد كل يوم أمشي تحت الحيط وأقول يا رب الستر.
وفي المقابل لا يمكن تعميم هذه المقولة على جميع الناس، فهناك أغنياء على سويّة عالية من الأخلاق ويحترمون الفقير ويقدّرون أتعابه ويكرمونه..وهناك أيضاً فقراء يحاولون الصعود على سلّم المجد والغنى بالوسائل غير المشروعة ويخالفون القوانين.
يقول المواطن بعد اثني عشر شهراً من انتظار تحسين حياة الفقراء، إن العام قد انتهى، وأضيف إلى عمره سنة أخرى، ولم يطرأ عليه أيّ جديد..فعند بدء العام الدراسي يشقُّ الضجر طريقه في تضاريس حياة الكادحين. وتزداد غيوم الهمّ والغمّ، وتتكاثف الغيوم وتنحبس الأمطار، وتجفّ الأفئدة.. وعندما كان الحبُّ في يوم ما مبتدأ لصباح جميل، مع شروق شمس الحياة، أصبح اليأس المكلل بالعتمة هو الخبر لهذا المبتدأ، وتسقط كل الرهانات على أن الأيام القادمة تحمل له البشاشة والسرور.. وتتزاحم الأفكار وتخرج من الرؤوس وتتداخل مع انكسارات خطوط الوجوه وانحناءاتها. ويزداد دوران الأحاديث عن الفساد وارتفاع الأسعار التى وصلت الى حد الجنون والفواتير ,والادوية والصمت عن ذلك وقوانين العمل والعمال وصندوق النقد الدولي،
يبكي المواطن في حالات الحزن والفرح والضعف؟ هل الدموع هي التعبير الصحيح. أم أنها كما يقولون( تفرج الهموم، وتزيل الاختناق المحبوس في مجرى التنفس؟). ما أصعب أن ترى إنساناً يائساً! فاليأس هو العدو الحقيقي للإنسان، وهو فيروس يتغلغل في الشرايين، ويعجز علماء النفس وأطباء الأعصاب عن معالجته وشفائه في معظم الأحايين، إذ يتحول اليائس إلى كتلة جامدة لا حراك فيها ولا نفع..إلى شكل بشري بلا إرادة!
ومن المؤكد أن بعض حواس المواطن المصرى قد تعطَّلت، أو تبدَّلت بشكل متناقض، كأنه أصبح يرى ولا يرى، يسمع ولا يسمع، أو العكس تماماً، يرى بأذنيه كي لا يصاب بالانفصام من كثرة ما يسمع عن الغش والفساد والسرقات، ويسمع بعينيه كي لا يرى الازدحام والضجيج والبشر الذين يتحدثون مع أنفسهم كالمجانين. ويصاب بـ نقرس الذل في أول كل شهر، وهو يقف في صف طويل على الرصيف في الحرّ وفوق رأسه لوحة حديدية عتيقة من زمن جده كتب عليهاغرفة البريد المزدحمة. و من حقّه أن يطالب بتوسيع هذا المكان وإيجاد المكان اللاّئق ، وألاَّ ينتظر الساعات وهو يسند ظهره إلى الحائط. ومعظم هؤلاء تجاوزت أعمارهم السبعين بالبشر بالآخرين ، وأكثرهم مرضى!... ويتمنَّى المواطن أن يستجاب طلبه، خوفاً من تكلّس الدموع على الخدود.
على قد لحافك مُدّ رجليك هذة العبارة فسدت ولم يَعُدْ الفقير يجد اللحاف الذي يسترا لعورة. وكثيرون من فقراء الوطن تظلُّ بيوتهم بلا...... ، تنتظر خاوية بشوق من يملأ معدها أو بقطعة.... ويعرف المواطن المئات من الناس في منطقة سكنه، يستدينون. وتتراكم الديون عليهم من عيد إلى عيد،!
فيا أيتها الوردة الجميلة اغسلي بعطرك وجوه البسطاء الكادحين، في خريف قاسٍ، وشتاء أقسى، فشيبُ الفقر غزا رؤوس الشباب، ومن الصعب أحياناً معرفة أعمار الناس..فهذا الرجل مثلاً في السبعين، لكنه يبدو ابن خمسة عقود. وابن الأربعين يبدو كأنه تجاوز السبعين وهكذا.
وتظلُّ الأرض تدور حول نفسها، وحول الشمس، والعالم يدور معها ويتغير في اتجاهين اتجاه يسير نحو التطور والتقدم، واتجاه يسير نحو التفاوت والتناقض..وأنياب الرأسمالية تنهش في جسد الفقراء، والأغنياء يزدادون غنىً، والفقراء يزدادون فقراً!
لماذا الأغنياء يسرقون الفقراء ؟
ساحة النقاش