تهتم الدول المتقدمة بالفن بصفة عامة والفن التشكيلي بصفة خاصة لما للفن التشكيلي بجميع مجالاته التطبيقية (الرسم والتشكيل الفني ) من فوائد علاجية وتأهيلية لها تأثيرها المباشر على النواحي الفكرية، والاجتماعية، والبدنية، والانفعالية للعاديين وذوى الاحتياجات الخاصة . والتوحد بوصفه إحدى الاضطرابات التي تجعله يصنف كإحدى الفئات من ذوى الاحتياجات الخاصة يحتاج بصفة أساسية إلى العلاج بالفن وخاصة الفن التشكيلي ليلبي لهولا الأطفال الحاجات الأساسية لديهم و ليتماشى مع التخطيط العام لتأهيلهم من النواحي البدنية ، والفكرية ،والاجتماعية، والانفعالية ومساعدة من يقوم برعاية هولا الأطفال إلى توجيه الأنشطة الفنية التي يقدمونها لأطفال هذه الفئة لان تكون هادفة وليست عشوائية أو لشغل وقت فراغهم ، حيث انه من الممكن للفن التشكيلي أن يعلب دورًا موازيًا فى البرامج التنموية التي تقدم لتلك الفئة لما تلعبه المجالات والتخصصات الأخرى داخل المراكز العلاجية وقد نصل بطفل التوحد إلى أن يكتسب مهارات فنية ولغوية، وإدراكية، واجتماعية بطرق أكثر بساطة وأكثر قربًا وواقعية من عالم هذا الطفل . ولتحقيق هذه الأهداف التأهيلية و العلاجية مع أطفال التوحد لابد للمعالج بالفن التشكيلي أن يضع إستراتيجية تضم طرق التعرف على قدرات الطفل ويعني ذلك أن نتعرف على المشكلات التي يعاني منها الطفل حتى نستطيع أن نساعده فى التكيف معها كذلك معرفة درجة نموه فى المجالات الإدراكية والحسية و القدرات الحركية و الاجتماعية وقدرته على الاتصال بالمعالج وبالعالم المحيط به بل ومعرفة سلوكه ،ومزاجه، طريقة لعبه ، طريقة تعبيره عن مشاعره، طريقة تنظيمه لوقته ، متى يغضب ومتى يكون سعيدا وما هي أفضل الطرق للتعامل معه ؟. ولكن كيف للمعالج بالفن التشكيلي أن يحصل على هذه المعلومات ؟ 1- من الممكن الحصول على هذه المعلومات من خلال ملف الطفل 2- من الممكن الحصول على هذه المعلومات من خلال فريق العمل 3- ومن الممكن الحصول على تلك المعلومات من قبل المعالج بالفن من خلال الممارسة الفنية وذلك من خلال التعامل المباشر بين المعالج والطفل والأعمال الفنية. فعلى سبيل المثال من الممكن للمعالج قياس الجانب الادراكى للطفل عن طريق ملاحظته المباشرة وهو ينفذ نشاطًا في الرسم أو في التشكيل الخزفي، كذلك من الممكن التعرف على قدرات الطفل الحركية والاجتماعية وقدرته على الاتصال من خلال اختباره في مادة الكولاج على سبيل المثال . لذلك لابد للمعالج بالفن أن يضع ملفا خاصا لكل حالة من الحالات التي يعمل معها يضع داخله تلك الاختبارات التي طبقها والمعلومات التي حصل عليها ومصادر معلوماته حتى تساعده في البدء مع الطفل ومن ثم تأهيله عن طريق الفن. ثم تأتى المرحلة الثانية وهى أن يقوم المعالج بالفن التشكيلي بتشخيص المهارات والقدرات الفنية للطفل وهى تعنى بمعنى أكثر وضوحا التعرف على القدرات والمهارات الفنية التي تم للطفل اكتسابها من قبل. وهنا يقوم المعالج بقياس خبرات الطفل الفنية.فيتعرف على ماذا أو كيف يرسم، أو يشكل، أو يستعمل الأدوات الفنية. وطرق وإرشادات تنفيذ النشاط الفني، وكيفية تكييف القدرات والأدوات وورشة التأهيل بالفن التشكيلي. ثم تأتى المرحلة الثالثة حيث يقوم المعالج بتنفيذ النشاط الفني ويعني ذلك إتباع الطريقة المثلى للتعرف على المشاكل المصاحبة لتنفيذ النشاط في غرفة الفن. وتبعًا لذلك يجب أن يقوم المعالج بالفن التشكيلي بتنفيذ النشاط بينه وبين نفسه أو لا قبل أن يقدمه لطفل التوحد مع التأكيد على أن يتم وضع تصور واقعي لينجح ذلك النشاط . وعلى هذا ألأساس يجب مراعاة عملية التدرج في تنفيذ النشاط مع الطفل وتوزيعه وتجزئته إلى عدة أجزاء متطورة من البسيط إلى الأصعب ، وتقسيم النشاط إلى دورات متتالية حتى يستطيع طفل التوحد استيعاب طرق التنفيذ وتفهم العمل بشكل جيد وبطريقه تحقق الأهداف العامة من التأهيل كذلك لابد للمعالج من اختبار الأهداف التأهيلية التي وضعها مسبقًا و يستطيع تقديم خطته التأهيلية متفاديًا ما قد يحدث من مشكلات تتخلل عملية التنفيذ ا. طريقة إعداد غرفة الفن التشكيلي يجب إعداد غرفة الفن التشكيلي بطريقة تتلاءم مع ظروف طفل التوحد ففى البداية لابد من توافر إجراءات الأمن والسلامة وتجهيز الغرفة بطريقة يتم التركيز فيها على الإقلال من المثيرات البصرية . كما يمكن للمعالج تنفيذ النشاط الفني حتى خارج غرفة الفن ، في الحديقة على سبيل المثال أو الملعب والاستعانة بأدوات اللعب وغيرها للوصول إلى الهدف ألتأهيلي. ملاحظات ومشكلات تواجه المعالج بالفن التشكيلي • فى البداية لابد أن نعرف أن العلاج بالفن التشكيلي يختلف اختلافا تاما عن تدريس مادة التربية الفنية فالهدف الأساسي من عملية التأهيل بالفن التشكيلي هي إعداد طفل التوحد لأن يكون قادرًا على الاندماج في المجتمع وليس تدريبه لأن يكون فنانًا تشكيليا. لذلك يجب التأكد مسبقًا بأن النشاط الفني الذي يقدم لهذا الطفل لابد أن يتفق مع قدراته وإمكانياته والأهداف الموضوعة في البرنامج العام داخل المركز . • من الممكن أن تحدث بعض المشكلات التي تواجه المعالج بالفن مثل عدم تجاوب الطفل مع المعالج منذ البداية وشرود الذهن وقلة التركيز في العمل الفني.أو عدم رغبة الطفل في الاستمرار في العمل لفترات طويلة. ومن الممكن تخطي تلك المشكلات قبل حدوثها عن طريق إقامة علاقة مهنية جيدة مع الطفل أو الاستعانة بالاخصائى النفسي للقيام ببعض أساليب تعديل السلوك للطفل.
إعداد
د / حسام أبوزيد
ساحة النقاش