يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)
[ سورة الجمعة]
فلنبدأ حياتنا الجديدة اعتبارا من يوم الجمعة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
العزيز الحميد ينادي على من به آمن .. فيثبت له الإيمان .. ويكرمه بأجمل الألقاب وأحسنها وأحلاها.. فلقب مؤمن إذا جاء من الواحد القهار فهو من أعلى الدرجات ومن أرقى الألقاب واصدقها واوقعها ...
إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
هذا هو الأمر الذي من أجله نادى ربنا علينا، إذا فهو أمر هام وعاجل وعلى أعلى درجة من الأهمية وتركه فيه ضياع وهلاك وعذاب.
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
هنا يحضرني خاطر قوى أراه واقعى فأرجو أن تتسع صدوركم له .. ولا ألزم به أحدا لأنه فقط مجرد خاطر يحتمل الصواب أو الخطأ..
إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
ينتابني إحساس قوي أن الله تبارك وتعالى يريدنا أن نبدأ حياتنا من يوم الجمعة، وأن أي نداء للصلاة فهو امتدادا ليوم الجمعة.. فبما أننا نجتمع للصلاة يوم الجمعة عندما نسمع النداء فهكذا يجب أن يكون حالنا في كل مره ينادي فيها المؤذن للصلاة.
إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
على حسب فهمي أستطيع أن أقول أننا اعتبارا من يوم الجمعة إلى الجمعة القادمة يجب أن نسعى إلى ذكر الله في كل مرة نسمع النداء للصلاة.
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ
هنا أمر سيغير روتين حياتنا بصفة مستمرة ودائمة .. لذلك جعله الله تبارك وتعالى مرتبط بيوم عظيم عند الله وعند المسلمين .. فإذا تعودنا أن نترك البيع والشراء يوم الجمعة فسوف نفعل ذلك في كل مرة نسمع فيها النداء للصلاة.. والبداية هي يوم الجمعة.
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)
هل يا ترى هذا الخير يكون فقط يوم الجمعة ؟ بالطبع لا ولكنه أمر قائم ومستمر حتى تقوم الساعة، وفي كل مرة نسمع فيها المؤذن .. ولكنه يبدأ من يوم الجمعة.
فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وهنا تأتي البرمجة الربانية لكل من آمن بالله العلي العظيم .. فإن عقلنا الواعي عندما يأتمر بأمر الله ويذر البيع فسوف يقوم عقلنا اللاواعي أو الباطن ببرمجة هذا الأمر ليصبح عادة تلقائية تجدنا بمجرد سماع الآذان نترك ما بأيدينا ونسعى لذكر الله ..
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
وهنا سنجني ثمار هذا العمل الكبير الذي قمنا به .. وسيدركه عقلنا الباطن، ويفتح له الملفات الإيجابية النورانية .. وسيرتبط الآذان في نفوسنا بالفضل الكبير من الله تبارك وتعالى.. طبعا سيتم هذا عندما تتأصل فينا هذه العادة، لأننا سنحصل على طاقة عقلية وجسمانية وعاطفية وروحانية بعد كل صلاة .. وعلى رأس هذه الطاقات سيكون الخشوع لله رب العالمين.
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله أن الدافع هو محرك السلوك الإنساني، أي أن الذي يدفع الناس للحركة هي الرغبة القوية الملحة في الوصول إلى غايتهم..
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
وهنا في هذه الآية الكريمة لدينا اكبر دافع وحافز يجعلنا دائما نعيش ونشعر بفضل الله .. ثم يأتي بعد هذا الشعور الفلاح الذي هو أصل النجاح في كل شيء بل أن النجاح هو أول ثمرات الفلاح.
هذا والله أعلى وأعلم .. فما فيه من صواب فهو من الله والحمد لله .. وما فيه من خطأ فمني وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
والحمد لله رب العالمين.
ساحة النقاش